الوقت- محاولات جديدة يقوم بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أو ما يعرف عربيّاً وحتى دوليّاً بـ "قاتل خاشقجي"، لإبعاد التهم الصادرة عن بحق نشطاء المعارضة السعودية وأقربائهم، حيث نفى الأخير مزاعم إرساله فريقاً خاصاً لاغتيال ضابط الاستخبارات السابق، سعد الجبري، والذي تقدم في وقت سابق بشكوى قضائية لدى محكمة أمريكية، اتهم فيها ابن سلمان بمحاولة اغتياله في كندا، التي لجأ إليها قبل ثلاث سنوات هرباً من بطش ولي العهد.
هروب مستحيل
يحاول محمد بن سلمان جاهداً في الخروج من الأزمات الداخليّة والخارجيّة خاصة على المستوى السياسيّ، لكنه كالعالق في الرمال كلما تحرك أكثر كلما انغمس في أعماق "شرور أفعاله"، وهروب ولي العهد السعوديّ المستحيل من قضايا تصفية منافسيه واعتقال أفراد عائلاتهم داخل البلاد، فمن ينسى تصريحات نجل اللواء السابق في الداخلية السعودية، "سعد الجبري"، قبل 6 أشهر، والذي أشار إلى أنَّ اثنين من أشقائه في السعودية قد أصبحا رهن الاعتقال، مبيناً أنَّ الفدية المطلوبة لإطلاق سراحهما من قبل السلطات السعودية هي "عودة والده" المقيم في كندا إلى السعودية.
وفي الوقت الذي يزعم فيه بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد، أنّ الجبري يحاول التغطية على "جرائم" تتعلق بسوء إنفاق أو سرقة نحو 11 مليار دولار من الأموال الحكومية، يقاضي الجبري ولي العهد السعودي بموجب قانون حماية الأجانب من الضرر وقانون حماية ضحايا التعذيب، اللذين يسمحان للأجانب بالتقدم بدعاوى قضائية في المحاكم المدنية الأمريكية متعلقة بانتهاك حقوق الإنسان.
يذكر أنّ المسؤول الأمنيّ البارز وخبير الذكاء الاصطناعي، سعد الجبري، خرج عن صمته بعد أن نفّذ محمد بن سلمان انقلابا بمباركة والده، وخلع الأمير محمد بن نايف ومن عملوا معه ليصبح هو ولي العهد عام 2017، ليكشف الجبري عن حالة "جنون العظمة"، التي أصابت بن سلمان، لمحاولة الحفاظ على السلطة.
وقد لعب الجبري دوراً محورياً في الكثير من الملفات الأمنية الحساسة في المنطقة، من بينها محاربة تنظيم القاعدة بالإضافة إلى حماية منشآت النفط السعودية، وكان على تواصل مع وكالة المخابرات المركزيّة الأمريكيّة حول العراق وسوريا وإيران واليمن، وطوال سنوات عمله كان وسيطا رئيساً بين جهاز المخابرات البريطاني "إم اي 6" ووكالات تجسس غربية أخرى في السعودية.
وكان محمد بن سلمان قد استغل انشغال الرأيّ العام السعوديّ والعالميّ بأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وتفرغ إلى ناشطي المعارضة، بعد أن تخلص من أبرز منافسيه من خلال موجات من الاعتقالات التي شملت أهم وأبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، إضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، كما وسعت سلطات آل سعود حملة الاعتقالات، لتشمل دعاة وعلماء وسياسيين وتجار، فيما لم تستثنِ الأقرباء المنافسين لولي العهد كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم.
قضية خاشقجي
تشكل جريمة تقطيع الصحفيّ السعوديّ المعروف، جمال خاشقجي، "حلم الرعب" الذي يتكرر كل ليلة بالنسبة لولي العهد السعودي، والجديد اليوم ما كشفه الجبري المُهدد بحياته بسبب امتلاكه "معلومات دامغة" تضر بن سلمان، حيث بيّنت المعلومات أنّ الأخير أشرف على فريق من المرتزقة يحمل اسم "فرقة النمر"، وعناصرها متورطون في قتل الصحفي المعارض داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وكانت تخطط قبل أسبوعين على مقتل خاشقجي، بالسفر إلى كندا بهدف تصفيته، لكنّ عناصر حرس الحدود الكندية "سرعان ما اشتبهوا بهم" ورفضوا دخولهم بعد استجوابهم، وفق المسؤول السعوديّ البارز.
سنوات، كان الجبري اليد اليمنى للأمير محمد بن نايف، الذي كان له الفضل على نطاق واسع في هزيمة تمرّد تنظيم القاعدة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وكان العمود الفقري في كل علاقات السعودية مع وكالات "العيون الخمس" للاستخبارات، التي تضمّ أمريكا وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.
يشار إلى أنَّ الجبري حاصل على الدكتوراه من إدنبره، في المملكة المتحدة، وكان صلة الوصل الرئيسية بين السعودية و ما يسمى "العيون السود الخمسة"، وهي قوة الاستخبارات البريطانية والأمريكية والأسترالية والكندية والنيوزلندية، بحسب موقع "ميدل إيست مونيتور".
كذلك، قال نجل الجبري في وقت سابق، أنَّ "علاقة والده القريبة مع الإخوان المسلمين، دفعت الحكومة السعودية للتعامل معه بشك بصورة متواصلة"، ولفت حينها إلى أن قراره في الاتصال مع وسائل الإعلام سيغضب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومجموعته.
خلاصة القول، لم تترك المنظمات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان، كلمة تنديد إلا واستخدمتها في بياناتها المتعلقة بحقوق الإنسان وحريّة الرأي والتعبير في مملكة آل سعود، ومع ذلك تصر سلطات بن سلمان على الاستمرار بنهج الاعتقالات التعسفيّة والانتهاكات ضد النشطاء المعارضين ودعاة الإصلاح، وبكل وقاحة ينفون جرائمهم وأيديهم ملطخة بالدماء، يقول السعوديون.