الوقت- يبدو أن رفض التطبيع أصبح جريمة لا تغتفر في الامارات، فمن وجهة نظر الامارات أن على الجميع أن يُطبع مع العدو الصهيوني وإلا فهو ومواطنيه خارج دائرة اهتمامها، وبهذا يمكن القول إن الامارات تريد أن تصنع من نفسها "شرطياً جديداً" للشرق الأوسط، ولا تكتفي الامارات بإدارة ظهرها للدول التي ترفض التطبيع بل تعمد إلى معاقبة مواطني هذه الدول وتمنعهم من الدخول إلى أراضيها، وكأننا نشاهد نسخة جديدة من الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترامب، ولكن المؤلم هذه المرة، أن الامارات دولة عربية مسلمة، ومن تعاقبهم هم مواطنو دول عربية واسلامية لا ذنب لهم بأي شيء، وكل ما تقوم به هو قطع ارزاقهم كرمى لعيني الصهاينة الذي يحتلون أراضٍ عربية.
التطبيع مع اسرائيل حمل معه مفاجآت كثيرة إذاً، ولا نستبعد أن تزداد الأمور سوءاً في المستقبل، فالامارات اليوم تمنع مواطني 13 دولة ذات أغلبية مسلمة وعربية من الحصول على تأشيرة، والدول الذي ينطبق عليها هذا القرار هي إيران وسوريا والصومال وتركيا وباكستان ولبنان وأفغانستان والجزائر وتونس والعراق وكينيا واليمن وليبيا، ويبدو أن هناك قاسماً مشتركاً بين هذه الدول بأنها جميعاً ترفض التطبيع مع العدو الصهيوني، وهذا ما لاترغب به الامارات في الوقت الحالي، فهي تعمل ليل نهار على تحسين صورتها بعد أن شوهت امام العرب والمسلمين، وبما ان العرب والمسلمين لا يزالون يملكون قلباً نابضاً بحب فلسطين، لم تحصل الامارات على ما تريد، فهي اعتقدت ان القضية الفلسطينية اصبحت هامشية وان لا أحد يهتم بها، وخاصة في ظل الانقسامات التي تشهدها الدول العربية، والحروب الطاغية على دول المنطقة، ومع ذلك هناك اجماع على ان اسرائيل كيان معتدٍ يسرق وينهب ما لا حق له به، فعلى سبيل المثال رفضت باكستان جميع الضغوط التي تعرضت لها للتطبيع مع اسرائيل، وكان تقرير صحافي أشار إلى أن العلاقات بين باكستان والإمارات في حالة تدهور في الأسابيع الأخيرة، وخاصة بعد أن انتقد رئيس الوزراء عمران خان التطبيع مع إسرائيل.
وتجلى ذلك في اعتقال ناشطين باكستانيين مؤيدين لفلسطين في الإمارات، واعتقال مواطنين باكستانيين آخرين بسبب "جرائم بسيطة"، ما رفع عدد المعتقلين إلى خمسة آلاف باكستاني في سجن السويحان في أبو ظبي وحدها.
ويُرجّح التقرير أن تفرض الإمارات قواعد أكثر صرامة على المواطنين الباكستانيين الذين يرغبون في السفر إلى الإمارات للعمل، أو حتى لتجديد تصاريح الإقامة.
الجمهورية الاسلامية الايرانية معروفة بموقفها الثابت من القضية الفلسطينية، وهناك تقارير تفيد بأن الامارات ايضا تضييق الخناق على المقيمن الايرانيين، وهناك 50 الف ايراني مقيم في الامارات غادروها خلال السنوات الماضية.
وكان من اللافت أن القرار تضمن الجزائر التي التزمت الحياد في الأزمة الليبية، وامتنعت عن إدانة التدخل التركي، كما افتتحت الإمارات مؤخراً قنصلية في الصحراء الغربية في خطوة اعتبرها محللون دعماً للمغرب ضد الجزائر.
المؤلم اكثر من هذا أنه في 23 تشرين الثاني، أعلنت وزارة الخارجية أن إسرائيل والإمارات اتفقتا على خطة تسمح للإسرائيليين بالسفر إلى أبو ظبي في غضون أيام، حتى قبل أن تدخل اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرة حيز التنفيذ.
ووقع البلدان اللذان أقاما علاقات دبلوماسية رسمية، في أيلول الماضي، على اتفاقية الإعفاء من التأشيرة. ومع ذلك، لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد 30 يوماً من اكتمال بعض الإجراءات الرسمية.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها طلبت من أبو ظبي حلاً مؤقتاً للسفر من دون تأشيرة، وذلك دون أي تفسير لأسباب هذا التعجل اللافت. واتفقا على منح شركات الطيران الإسرائيلية تصاريح لدخول الإمارات لجميع الركاب الإسرائيليين في رحلاتهم عبر تسجيل إلكتروني فحسب.
نتيجة هذا الاتفاق شهدنا مواقف ومشاهد لم نعتدها اطلاقا، فعلى سبيل المثال، رأينا قبل أيام صوراً لمواطنين اماراتيين في مُحافظات فلسطينيّة مُحتلّة، حيث تم تداول صور لثلاثة منهم في زيّهم الرسمي الإماراتي يتجوّلون في شوارع مدينة يافا المُحتلّة، وهي الصور التي أثارت امتعاض الشارع الفلسطيني، والذي تحسّر على عروبة وإسلاميّة الدول المُطبّعة، والتعويل على إدراك الشعوب الخليجيّة، لحساسية زيارتهم لفلسطين المُحتلّة عبر بوّابة سُلطات الاحتلال.
مشهدٌ آخر بالتزامن، كان حاضرًا على المنصّات، للحظة وصول عدد من الإسرائيليين المُستوطنين، إلى مطار دبي، واللافت في هذا، أنهم رفعوا شارة النصر أمام الكاميرات، وتباهوا بدخولهم إلى المطار العربي الإماراتي، بجوازات سفر إسرائيليّة، ودون تأشيرة، رافعين الجواز الإسرائيلي علناً
ويبدو الإعلام السعودي، والإماراتي الرسمي، في حالة إحراج، فالشعوب العربيّة والإسلاميّة، لا تزال تلفظ المُطبّعين، والخونة، رغم مُحاولات تمرير أعمال تُروّج للتطبيع، من مسلسل “مخرج 7” لبطله السعودي ناصر القصبي، ومسلسل أم هارون لبطلته حياة الفهد، وكلاهما جرى توقيفه، الأوّل توقّف عند الحلقة 15، والثاني جرى وقف عرض الجزء الثاني منه.
في الختام؛ الامارات ستدفع ثمن هذه الطعنة القوية التي وجهتها إلى الدول العربية والاسلامية، وهي تعلم جيداً أن اسرائيل لن تقدم لها اي خدمات، وستكتشف انها فتحت الباب عى مصراعيه أمام وكر من الجواسيس الذين سيتنقلون على اراضي الامارات ويسرحون ويمرحون ويأخذون ما يريدونه من معلومات، وربما ينفذون الاغتيالات التي يريدونها دون اي رادع، وحينها ستدرك الامارات ماذا يعني ان تطبع مع العدو الصهيوني.