الوقت- ضجت المواقع الإخباريّة بالأنباء التي تتحدث عن مناورة عسكريّة ستجريها القوات الروسيّة في البحر الأسود، بمشاركة قطع عسكريّة تابعة للبحريّة المصريّة في مناورات هي الأولى والأكبر من نوعها في المنطقة، وأوضحت المصادر أنّ تلك المناورات البحريّة المشتركة تشمل عدة مهام قتاليّة وحربيّة منها منع تهريب السلاح، فيما تحمل في توقيتها رسائل مباشرة ودلالات مهمة.
رسائل مباشرة
واضحة جاءت الرسالة الروسيّة - المصريّة، وهي أنّ العلاقات بين القاهرة وموسكو وصلت لأعلى مستوياتها من الناحيتين العسكريّة والاستراتيجيّة، وأنّ القدرات العسكريّة لكلا الدولتين كبيرة وقويّة وجاهزة للردع، وقد بدأت قضيّة التدريبات البحريّة المشتركة بين مصر وروسيا عام 2017، ضمن ما تعرف بـ "مناورات جسر الصداقة المصريّة – الروسيّة".
وفي الوقت الذي تتحدث فيه التقارير الإعلاميّة أنّ القطع العسكريّة المصريّة أبحرت في المتوسط باتجاه مضيق البوسفور الذي يصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة للوصول إلى وجهتها الرئيسة، وتُرسل القاهرة عبر تلك المناورات رسائل شديدة اللهجة لتركيا، من خلال وصول أسطولها البحريّ إلى البحر الأسود وبالقرب من شواطئ بحور تُطل عليها تركيا، بعد العبث التركيّ في البحر المتوسط وعلى وجه التحديد في ليبيا، أما بالنسبة للرسالة الروسيّة، فتُعبر عن رفض موسكو للتدخلات التركيّة في النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، وتؤكّد أنّها لا يمكن أن تسمح بذلك إطلاقاً.
ويُشار إلى أنّ الجديد في هذا التدريب من الناحية العسكريّة، بحسب المصادر المصريّة، هو الاستعدادات الكبيرة التي تسبقه بسبب طول الرحلة التي تقطعها القوات البحريّة المصريّة وصولاً للبحر الأسود، ناهيك عن أنّ التدريبات ستستمر حتى نهاية العام الحاليّ، ما يكشف عن القدرات الكبيرة من الناحيّة العسكريّة بالإضافة إلى مستوى التعاون بين القاهرة وموسكو، ويندرج ضمن أساليب الردع الموجهة لتركيا التي تشعل نار التوتر والاحتقان في حرب أذربيجان وأرمينيا، وتحتل أراضٍ في سوريا، وتتدخل بشكل فاضح في الأزمة الليبية، والحرب على اليمن، وتقصف الجيش العراقيّ داخل بلاده، وتدخل في تحالفات للسيطرة على نفط المتوسط.
العين بالعين
يبدو أنّ القيادة المصريّة تتبع أسلوب العين بالعين، في التعامل مع النظام الأردوغانيّ الإخوانيّ، فالتدريبات العسكريّة المصريّة - الروسيّة ستعزز الوجود المصريّ في البحر الأسود أي بالقرب من سواحل تركيا مثلما تحاول الأخيرة أن تفعل أمام سواحل ليبيا بالقرب من مصر، بالإضافة للمناورات المصريّة مع كل من فرنسا واليونان وإسبانيا، والتي تكشف طبيعة العلاقات والتوازنات في المنطقة، ومن يقف مع القاهرة ويشاركها الدور في صد محاولات أنقرة لإعادة "الإمبراطوريّة العثمانيّة"، وردع مساعي العبث التركيّ في المنطقة والمتوسط.
ووفق بيان المكتب الصحفيّ للأسطول الروسيّ في البحر الأسود، فإنّه على أساس مناورات جسر الصداقة المشترك – 2020، ستُجري السفن الحربيّة الروسيّة التابعة لأسطول البحر الأسود والبحرية المصريّة بدعم من الطائرات، مناورات تتعلق بالدفاع عن الممرات البحريّة ضد مختلف التهديدات، بالإضافة إلى تدريبات على نشر القوات وإعادة الإمدادات في البحر، وتفتيش السفن المشبوهة، كما تهدف إلى تعزيز وتطوير التعاون العسكريّ بين قوات البلدين، بما يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة، وتبادل الخبرات بين قوات البلدين لإحباط كافة التهديدات في مجالات الشحن المكثف.
ومن الجدير بالذكر، أنّ القوات البحريّة التابعة للقاهرة، السبت المنصرم، قد أجرت تدريباً بحريّاً مشتركاً مع مدريد في البحر المتوسط، حيث تضمن العديد من أنشطة الدفاع الجويّ، وتنفيذ تشكيلات إبحار، بالإضافة إلى تنفيذ تدريبات طيران بحريّ وتمارين مواصلات منظورة ولاسلكيّة.
كذلك، نفذت البحرية المصريّة قبل مدة، تدريباً بحريّاً مع القوات الفرنسيّة في المتوسط ، تضمن أنشطة تدريبيّة مختلفة، كتأمين وحماية منطقة ذات أهميّة ضد خطر الغواصات ليلاً، وتدريبات تتعلق بالحرب الإلكترونيّة.
وما ينبغي ذكره، أنّ الرئيس المصريّ، عبد الفتاح السيسي، تعرض للانتقاد عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، بسبب ترك الملف الشائك لسد النهضة في إثيوبيا، والذي سيقلّل من إمدادات مياه النيل، وتوجه لتهديد تركيا.
وحول الرد التركيّ على المناورة الروسيّة - المصريّة، ستواصل أنقرة بالتأكّيد غوصها في وحل التحالفات والتدخلات في الشؤون الداخليّة للدول، وربما ستشهد الأيام المقبلة انخراطاً تركيّاً في تحالفات أو مساومات جديدة تعرض أمن المنطقة للخطر.