الوقت_ لم تتعلم المنامة من فشل أبو ظبي في تبرير تحالفها مع العدو الصهيونيّ بذرائع واهية، بل روجت بشكل فاشل لاختلاق إيجابيات لفعلتها النكراء، خاصة مع وجود رفض شعبيّ عارم داخل البلاد لتلك المسألة، حيث أشار وزير الخارجية البحرينيّ، عبد اللطيف الزياني، في تعليقه على ما يسمى "اتفاق السلام"، الذي أبرمته مملكة آل خليفة مع العدو الغاصب، إلى أنّ الاتفاق يمثل خطوة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطينيّ، ويعمل على تجسيد المبادرة العربيّة، وفق زعمه.
ادعاءات كاذبة
لم تُفاجىء قضيّة تطبيع المنامة مع العدو الصهيونيّ الشارع العربيّ، بسبب التنبؤات الكثيرة التي سبقت ذلك، بالإضافة إلى تأييد البحرين لقرار الخيانة الإماراتيّة، بينما لم تأت تصريحاتُ وزير الخارجيّة البحرينيّ بجديد، بل كرر الادعاءات الكاذبة التي تحدثت عنها دولة الإمارات، بعد إعلانها تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، في 13 آب المنصرم، حيث أوضحت حينها أنّ "اتفاق الاستسلام" سيسهم في إيجاد حل لما أسمته "الصراع الفلسطينيّ – الصهيونيّ"، ما يشي بشكل واضح بقذارة الدور الذي تلعبه تلك الدول في صفقة تصفيّة القضية الفلسطينيّة.
وفي الوقت الذي رفض الفلسطينيون بمختلف أطيافهم ما جاء في تصريحات وزير الخارجية البحرينيّ، سارعت السلطة الفلسطينيّة، إلى رفض الإعلان الثلاثيّ الصادر عن واشنطن والمنامة وتل أبيب، حول تطبيع العلاقات بين العدو ومملكة البحرين، واصفة ذلك بالخيانة للقدس والمسجد الأقصى والقضيّة الفلسطينيّة، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية.
وفي هذا الصدد، يُدرك الفلسطينيون باعتبارهم أصحاب القضيّة، أنّ ما قاله وزير الخارجيّة البحرينيّ، عن كون الاتفاق مع العدو يمثل "خطوة لاستعادة حقوقهم"، ما هو إلا تبرير وقح وساذج، يدل على مدى جهل ملوك الرمال بالسياسة والأخلاق، وخاصة أنّهم يلبون الأوامر دون أدنى إدراك بالخراب الذي سيحل بهم بعد تنفيذها، بخلاف ما يتصورون.
توقيت الاستسلام
اختارت مملكة البحرين الإعلان عن اتفاق الاستسلام للعدو الغاشم في هذا التوقيت بالتحديد، بسبب الضغوط التي يمارسها الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، على ملوك الخليج من أجل الرضوخ لقراراته وإعلان "اتفاق العار" مع الصهاينة، حيث أكّدت الإذاعة العبريّة، أنّ ترامب يمارس ضغوطاً على المنامة، وسيعلن اليوم موافقتها على تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيونيّ، وهذا ما حصل في نفس اليوم الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكيّ عن الاتفاق بين المنامة وتل أبيب.
وما ينبغي ذكره، أن الرئيس الأمريكيّ، يواجه مشكلات داخليّة معقدة، على خلفية فشله في التعامل مع أزمة فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى الشروخ التي أحدثتها إدارته داخل المجتمع الأمريكيّ، بعد قضية مقتل المواطن الأمريكيّ صاحب البشرة السوداء، جورج فلويد، على يد شرطيّ أمريكيّ ذي بشرة بيضاء، وما تلاها من احتجاجات عارمة هزت الولايات المتحدة، وبذلك وجد في قضيّة جر بعض الدول العميلة أساساً، إلى توقيع اتفاقات خنوع مع العدو تحت عناوين "السلام"، ورقة رابحة لتحقيق الهدف المنشود و هو رفع أسهمه الهابطة أمام شعبه، خلال الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة القادمة، والتي يحاول جاهداً أن يفوز بها بخلاف بعض التصورات الصادرة عن بعض وسائل الإعلام العالميّة.
وفي حال فاز الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية أم لا، فإنّه بالتأكيد سيقوم بتوظيف ما حدث في أقصى درجة ممكنة قبيل الانتخابات الرئاسيّة، كذلك رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، حيث أشار الإعلام العبريّ إلى أنّ هذه الاتفاقات تشكل انتصاراً لنتنياهو ومعتقداته السياسية، وهي وفق زعمه "السلام مقابل السلام"، بالإضافة إلى منطق العلاقات بين العدو الصهيونيّ وكلّ دولة عربية على حدة، دون أيّ ارتباط بإنهاء الاحتلال أو التوصل إلى حلّ للمأساة الفلسطينيّة، وهذا يفند بشكل كامل المزاعم الإماراتيّة والبحرينيّة التي أصدعوا رؤوسنا بها في الأيام الأخيرة.
خلاصة القول، إن لم تستحِ فاصنع ما شئت، كلام ينطبق على دولة الإمارات التي تسمي نفسها بالعربيّة، كذلك البحرين التي يأبى شعبها أن تكون أرضه موطئ قدم للصهاينة، وإلى كل الدول التي ربما تسلك طريق الخضوع الذي عبّدته أبو ظبي لإبرام اتفاقيات مع الكيان الغاصب، لكن التعويل كان وما زال على الشرفاء والأحرار الذين اختاروا المقاومة نهجاً رابحاً مهما كثرت الضغوط، كُرمى عيون المظلومين والمقهورين في فلسطين المقدسة وغيرها.