الوقت- بعد اعتراف نظام أبناء زايد بكيان الاحتلال الصهيونيّ على أرض فلسطين المقدسة، والتي لا يجهل أحد أنّ ملكيتها تاريخيّاً تعود للعرب والمسلمين، سلكت البحرين طريق الخيانة نفسه وتنازلت عن مقدسات الأمّة، وتناست هي الأخرى أنّ عقائد الصهاينة تعتبر أنّ أرض الفلسطينيين هي العاصمة الأبديّة لدولتهم المزعومة، ما ينسف كل الهرطقات والترهات التي تصدر عن مسؤولي الكيان الغاصب والمطبعين الخانعين، ولا ننسى الأثر السلبيّ لما تُسمى "جامعة الدول العربيّة" في مسألة تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، حيث يعتبر الفلسطينيون أنّها باتت عراباً للتطبيع مع العدو الغاشم لتمرير "صفعة القرن" التي تهدف إلى محو القضيّة المركزيّة للعرب والمسلمين والأحرار.
إضفاء الشرعيّة
تستمر مواقف "جامعة الدول العربيّة" بالتراجعٌ تجاه القضيّة الفلسطينيّة حتى باتت مخجلة للغاية، وقد اعتبر القياديّ في "حركة الجهاد الإسلاميّ" الفلسطينيّة، أحمد المدلل، قبل أيام، أنّ عدم إقرار المشروع الفلسطينيّ برفض التطبيع مع الكيان الصهيونيّ من قِبل الجامعة، بمثابة "إعطاء الشرعيّة" لكيان الاحتلال وسط العالم العربيّ معتبراً أنّ القرار يُجسد الهيمنة "الصهيوأمريكيّة" على مقدرات وثروات الأمّة.
علاوة على ذلك، فإنّ الجامعة التي تصف نفسها بـ "العربيّة" أعطت بموقفها الرخيص والمُذل، ضوءاً أخضراً للإدارة الأمريكيّة وغيرها، لتمزيق أراضي الدول العربيّة، من خلال اتفاقات مفضوحة تحت عنوان "السلام"، رغم إدراكهم الكامل أنّ السلام لن يحل في المنطقة مع وجود هذا العدو الذي لا يكف عن عبثه وتماديه وإجرامه بحق أبناء فلسطين وأرضهم بالإضافة إلى الدول المجاورة، وأبعد من ذلك.
لذلك، فإنّ الجامعة العربيّة عندما رفضت إدانة التطبيع باعتباره خيانة بكل المقاييس الأخلاقيّة والإنسانيّة، أيّدت بشكل غير مباشر التوغل الاستيطانيّ الصهيونيّ من خلال قضم أراضي الفلسطينيين بعد نهب مساحات كبيرة جداً من أراضي الـ٦٧ في الضفة والقدس، كما فتحت باب الخيانة على مصراعيه في العالم العربيّ لمن يود أن يتنازل عن قيمه وقضاياه العادلة.
في غضون ذلك، تنازلت الجامعة العربيّة عن أدنى معايير احترام الذات، وتحولت إلى منبر يصدح بصوت العدو ومساعيه الاحتلاليّة، رغم إيمان الشعب العربيّ بأنّ حدود فلسطين التاريخيّة هي من البحر إلى النهر، وأنّ ذلك حق مقدس لا يمكن التنازل عنه، ما يضيف تأكّيداً جديداً أنّ تلك الجامعة لم تمثل في يوم من الأيام أحلام الشعب العربيّ ولا تطلعاته.
أداة طيّعة
يوماً بعد آخر، تتخذ الجامعة العربيّة خطوات تُظهر بشكل جليّ، أنّها باتت أداة طيعة في يد بعض الحكومات التي تسعى لفرض نهج خنوعها، على نحو ينتهي بتصفية أهم وأقدس قضايا العرب، والمقابل تشتري صمت واشنطن ورضاها عمّا تقوم به تلك الدول من سياسات قمعيّة أو إجراميّة، بالإضافة إلى ضمان حماية عروشهم المتهالكة وأنظمتهم المتخلفة.
ومن الجدير بالذكر، أنّ مقر جامعة الدول العربيّة قد نُقل من القاهرة إلى تونس عام 1979، وجُمّدت عضوية مصر، ردّاً على توقيعها معاهدة "كامب ديفيد" للسلام مع "العدو الغاصب"، في حين أسقطت "جامعة المال الخليجيّ" نفسها، الأربعاء المنصرم، عندما أفشلت القرار الفلسطينيّ الذي يطالب بإدانة جريمة تطبيع العلاقات مع العدو الصهيونيّ.
وفي الزمن الذي أصبحت فيه خطيئة التطبيع سِمة لا تخجل منها بعض الحكومات العميلة ولا تخشى عواقبها، جاء قرار الجامعة العربيّة برفض قرار الشعب الفلسطينيّ المتعلق بإدانة التطبيع ضمن تداعيات اتفاق الاستسلام الإماراتيّ الأخير، ما يعكس بوضوح حال الجامعة التي تحولت إلى "جامعة للخيانة" كما يقول الشارع العربيّ، وإلى بوق إعلاميّ وسياسيّ لبعض دول البترول، القائمة على النفط والغاز ولا شيء غيرهما.
وعلى ما يبدو، فإنّ محور العمالة الذي يضم الرياض وأبو ظبي والقاهرة والمنامة، والذي يُشكل بوقاً للخنوع والرضوخ ويمهد لهما بكل السبل، أصبح للأسف المسيطر بشكل كامل على قرار الجامعة العربيّة، ويديرها كما شاء وأينما شاء.
وقد عبر الشعب العربيّ من خلال وسائل التواصل الاجتماعيّ، عن أسفه لإسقاط الجامعة العربيّة، مشروع قرار يدين اتفاق التطبيع بين أبو ظبي وتل أبيب، مشدّدين على أنّ عدم قدرة الجامعة على إصدار هذا القرار التاريخيّ، يضعهم أمام مسؤوليّة كبيرة تجاه التاريخ، خاصة وأنّ حكومة العدو الصهيونيّ والإدارة الأمريكية ستتخذ خطوات أكبر في تطبيق مخططاتها لتصفيّة القضية الفلسطينيّة.