الوقت- بموجب مرسوم ملكي في السعودية، تم فصل عدد من المسؤولين وعدد من أفراد العائلة الحاكمة السعودية مرة أخرى وفي هذا الصدد، قيل إن "سلمان بن عبد العزيز" ملك السعودية أصدر صباح يوم الثلاثاء الماضي، أمراً بإقالة عدد من ضباط وزارة الدفاع السعودية. وبحسب الأمر الملكي، فقد تمت إقالة "فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود"، قائد القوات المشتركة السعودية، وتم التحقيق معه بتهم فساد. كما أمر "سلمان بن عبد العزيز" باستجواب عدد من الضباط والموظفين المدنيين بوزارة الدفاع وأمر العاهل السعودي بعزل "عبد العزيز بن فهد بن تركي" نائب أمير منطقة الجوف، وأمر باستجوابه. وبموجب هذا الأمر الملكي، عُيّن اللواء "مطلق بن سالم العزيمة" نائب رئيس الأركان، قائدا للقوات المشتركة.
أعذار الإقالات والاستجوابات الجديدة
زعمت بعض وسائل الاعلام السعودية أن الأمر الملكي الاخير الذي قضى بإقالة عدد من الضباط السعوديين، استند إلى بعض التقارير الصادرة عن جهاز مكافحة الفساد الذي قام بمراقبة المعاملات المالية المشبوهة في وزارة الدفاع خلال السنوات الماضية. ولفتت تلك الوسائل الاعلامية أنه في الأيام الأخيرة، تم فصل عدد من المسؤولين الحكوميين السعوديين بتهمة الفساد والاستيلاء على أراضي الدولة. وبحسب الأمر الملكي الذي أصدره الملك "سلمان"، فقد اتُهم بعض الأمراء المُقالين، إلى جانب أربعة مسؤولين حكوميين آخرين، بتهمة "القيام بعدد من عمليات الفساد والعلاقات المالية المشبوهة" في وزارة الدفاع السعودية. الجدير بالذكر أن ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، المسؤول الفعلي عن الحكومة السعودية، يدعي دائما أن مكافحة الفساد هي إحدى أولوياته القصوى. ومع ذلك، يقول منتقدو "محمد بن سلمان"، إنه يقوم باعتقالات وإقالات رفيعة المستوى بهدف طرد خصومه ومنتقديه من هرم السلطة. وقبل بضعة أشهر، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن ثلاثة أعضاء رفيعي المستوى من العائلة الحاكمة السعودية كانوا رهن الاحتجاز، بمن فيهم الأمير "أحمد بن عبد العزيز"، الأخ الأصغر للملك سلمان، والأمير "محمد بن نايف"، ولي العهد السعودي السابق.
صراع على السلطة داخل العائلة الحاكمة
في كل مرة يطيح الملك ببعض الأمراء السعوديين، تزداد حدة الصراع على السلطة بين الأمراء السعوديين وذلك لأنه في السعودية، يجب أن تنتقل السلطة بين أبناء الملك الراحل "عبد العزيز"، لكن "محمد بن سلمان" يسعى حالياً لإلغاء هذا التقليد واستبدال والده بنفسه. ويحاول "محمد بن سلمان"، الذي أصبح وزيرا للدفاع ونائبا لولي العهد ثم وزير الدفاع وولي عهد السعودية في عهد والده، القضاء على جميع المطالبين بالعرش، خاصة منذ عام 2017 وحتى الآن. ففي نوفمبر 2017، وضع "بن سلمان" عددًا من الأمراء السعوديين قيد الإقامة الجبرية بتهمة الفساد.
وهنا تجدر الاشارة إلى أن الأمير "محمد بن نايف"، الذي شغل منصب ولي العهد السعودي قبل "بن سلمان"، هو أحد أهم خصوم "بن سلمان"، وقد تعرض لهجمات متكررة من قبله. وفي وقتنا الحالي، يبدو أن "محمد بن سلمان" قد بدأ جولة جديدة من الهجمات على "محمد بن نايف". وفي هذه الجولة الجديدة، اتهم "بن سلمان"، خصمه "محمد بن نايف" بالفساد وأطلق عاصفة على "تويتر" بهذا الصدد. إن السلوك الذي تعامل به "محمد بن سلمان" مرارًا وتكرارًا ضد الأمراء السعوديين في السنوات الأخيرة، يشير إلى تصاعد الصراع على السلطة داخل الأسرة الحاكمة في السعودية. وعلى الرغم من أن "بن سلمان" قضى على جميع المنافسين تقريبًا، إلا أنه لا يزال قلقًا بشأن تأثير أمراء مثل "محمد بن نايف" أو "فيصل بن عبد الله آل سعود"، نجل الملك السعودي السابق "عبد الله بن عبد العزيز"، في الجسم السياسي السعودي وداخل الأسرة الحاكمة. ويمكن القول أنه على الرغم من أن "محمد بن سلمان" يملك الفرصة الكبيرة للوصول إلى عرش المملكة العربية السعودية، إلا أن الصراع على السلطة بين "أبناء العمومة السعوديين" يتصاعد ويشتد أكثر من أي وقت مضى.
محاولات التستر على الهزيمة في اليمن
من ناحية أخرى، يعتبر العديد من المعتقلين والمُقالين من الجهاز الملكي السعودي، منتقدين داخليين لاستمرار الحرب ضد اليمن. ووفقًا لذلك، ومع كل موجة جديدة من عمليات الإقالة، يتم إضافة المزيد والمزيد من منتقدي الحرب السعودية ضد اليمن إلى قائمة المنفيين وربما المعتقلين من العائلة الحاكمة. ففي بداية الحرب اليمنية، وعد "محمد بن سلمان" بإنهاء الحرب في غضون أسبوع، لكن الآن هذه الحرب استمرت قرابة 5 سنوات دون أي إنجاز، بل إنها تسببت في حدوث الكثير من الخسائر المالية والمادية للسعودية. وفي وقت سابق، أفاد موقع "American Thinker" الإخباري أنه وفقًا لقاعدة بيانات ACLED لأحداث ومواقع الصراع المسلح"، أنه بحلول منتصف يونيو 2019، وصلت السعودية التي شنت حرباً عبثية ضد اليمن، والتي بدأت في عام 2015، والتي نفذت حوالي 39000 هجمة وتسبب بمقتل 91600 شخص إلى طريق مسدود.
خلال الأشهر والأسابيع الماضية تمّكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية من تحقيق الكثير من الانتصارات في العديد من جبهات القتال ولا سيما في محافظات البيضاء ومأرب والجوف ضد قوات ومرتزقة تحالف العدوان السعودي وهذه الانتصارات الميدانية تسببت في حدوث الكثير من الخسائر المادية والإنسانية في صفوف قوات ومرتزقة هذا التحالف الغاشم، بل إنه أدى إلى حدوث نقص كبير في الميزانية الحكومية السعودية التي أنفقت المئات من المليارات لشراء الكثير من الأسلحة المتطورة من أمريكا. ووفقاً لعدد من المراقبين فإن إقالة الملك "سلمان" لـ" فهد بن تركي" في هذا التوقيت تعتبر هزيمة جديدة لتحالف العدوان في اليمن. ولفت المراقبون إلى أن هذه الاقالة لها علاقة ايضا بصراع الاجنحة في العائلة المالكة في السعودية. وإلى ذلك عزا اخرون امر الاقالة لهرم القيادة في تحالف العدوان السعودي بانه تخلص وفرار ملكي من الهزيمة في اليمن بتحميل الامير "بن تركي" ورمي نتائج فشلها في وجهه بداعي الفساد بعد عجز هذا التحالف الغاشم طوال خمس سنوات من تحقيق تقدم في الحرب وتساقط الجبهات في الاونة الاخيرة في البيضاء ومأرب والجوف بيد أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله".
ولقد علق عضو المجلس السياسي الأعلى، "محمد علي الحوثي"، على قرار إقالة قائد القوات المشتركة لتحالف العدوان على اليمن "فهد بن تركي" من منصبه، وإحالته للتحقيق والتقاعد. وقال "الحوثي" في تغريدة له على "تويتر"، إن "القرار السعودي بعزل فهد بن تركي من منصبه جيد، مضيفاً، إن كان ذلك القرار من أجل إيقاف الحرب." ومن جهته، يقول الباحث اليمني "نجيب السماوي": "إنه لا يستطيع أحد أن يُنكر وجود فساد داخل منظومة تحالف العدوان السعودي باليمن، والأموال المهدرة في شراء ولاءات، مقابل الوقوف ومواجهة أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية". وتحدث "السماوي" عن إخفاقات التحالف مؤخراً بقوله: "خلال تولي فهد بن تركي قيادة التحالف باليمن رأينا كيف سيطرت الإمارات بدعم سعودي على عدن وسقطرى، وسقوط محافظة الجوف والبيضاء وعدد كبير من مديريات محافظة مأرب بيد أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، في ظل غياب الدعم السعودي لجيش الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، وهذا يؤكد وجود فساد في منظومة هذا التحالف الغازي باليمن.
وفي الختام يمكن القول إنّ السعودية تواجه الآن المئات من الهجمات الصاروخية على حدودها الجنوبية، وليس لدى السعودية الأن قوات كافية لإرسالها إلى اليمن لشن حرب برية. ولهذا يمكن القول أن أي انتقاد داخلي لهذه الحرب شديد جداً لدرجة أن العديد من الخبراء يعتقدون أن الاعتقالات والإقالات الأخيرة للنظام الملكي السعودي التي جاءت بذريعة الفساد، استهدفت في الواقع منتقدين محليين لاستمرار الحرب ضد اليمن.