الوقت- نُشر فجر يوم الأربعاء ، في وسائل الإعلام نبأ توقيع اتفاق جديد بين الرئيس اليمني المستقيل والمجلس الانتقالي الجنوبي ، المعروف باسم "اتفاقية الرياض 2".
ليست هذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها قادة الرياض حلّ الخلافات بين حكومة منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي من خلال توقيع اتفاق.
في الواقع يكمل الاتفاق الجديد بالفعل اتفاقية الرياض السابقة التي تم التوقيع عليها في شهر اكتوبر من العام الماضي، وأهم بنود الاتفاقية هي إقامة حكومة منصور هادي في عدن خلال سبعة أسابيع، ونشر القوات العسكرية التابعة لوزارة الداخلية والدفاع، وخوض معركة مشتركة مع حركة أنصار الله تحت رعاية التحالف السعودي، وتشكيل لجنة لمراقبة اتفاق الرياض تحت نظر السعودية وتعيين 12 وزيرًا من المجلس الانتقالي الجنوبي بعنوان حلفاء الإمارات في الحكومة المقبلة، من إجمالي 24 وزيراً في الحكومة.
ومع ذلك، لم يتم تنفيذ أي من هذه البنود فحسب، بل تصاعدت الخلافات إلى درجة أن المجلس الانتقالي الجنوبي أعلن الحكم الذاتي واستولى على أجزاء كبيرة من مناطق سيطرة.
ويبدو أن الاتفاقية الحالية ايضا لن تكون قادرة على إنهاء الخلافات وتوحيد جنوب اليمن، وفي ما يلي ، سنحاول التحقيق في أسباب هذه الظاهرة.
التناقض الأساسي بين مصالح السعودية والإمارات
بدأ نزاع الإمارات مع منصور هادي عندما دخلت قوات حزب اصلاح اليمن والتي تعدّ احد تيارات الاخوان، الحكومة. ويعد أحد أهم هؤلاء الأشخاص هو مساعد منصور هادي ، ومن الواضح أن الإمارات ، بصفتها الداعم الرئيس للمجلس الانتقالي الجنوبي ، تكره حضور ودور عناصر الإخوان في كل مكان ، وخاصة في اليمن.
ويمكن رؤية وجهة نظر الإمارات تجاه التيارات والاتجاهات القريبة من جماعة الإخوان المسلمين في طريقة معاملتها لدول مثل قطر وليبيا وتركيا، حيث ان العداء والصراع مع الإخوان يعتبر من المبادئ الأساسية للسياسة الداخلية والخارجية لقادة أبو ظبي.
وعلى الرغم من أن السعودية غير راضية عن الإخوان، لكن بسبب نقص القوات الميدانية في اليمن، كان على الرياض أن تتعاون مع عناصر حزب الإصلاح في حكومة منصور هادي من أجل تحقيق أهدافها في اليمن، ومع ذلك، فإن مثل هذا النهج غير مقبول حتى من قبل الإمارات وقواتها بالوكالة.
ومن ناحية أخرى، لا تريد دولة الإمارات أن تكون تحت راية السعودية في شكل ائتلاف، ووفقاً لخططها للوصول إلى الموانئ اليمنية الجنوبية وتوسيع عمقها الاستراتيجي في خليج عدن ومضيق باب المندب ، فهي لا تريد ويمكنها الخروج من جدول أعمال السعودية والفوز في هذه المعركة.
عدم شرعية أطراف الحوار
ما لا يجب نسيانه في هذه الاتفاقية هو عدم شرعية الأطراف المعنية بهذا الاتفاق، فمن جهة، ليس لدى الحكومة المستقيلة في اليمن والسعودية، ومن ناحية أخرى، المجلس الانتقالي الجنوبي والإمارات القبول ولا الشرعية لاتخاذ قرار بشأن اليمن كله أو جزء منه ومستقبله.
ولعل أهم سبب لعدم ثبات أي اتفاق في اليمن هو حقيقة أن هذه الدول والأفراد والجماعات تقاتل وتتنافس وتبادل الرسائل وتوقع الاتفاقيات دون الحصول على إذن أو تمثيل من غالبية الشعب اليمني.
ليس فقط الأطراف اليمنية في النزاع ليس لديهم شرعية، ولكن السعودية والإمارات، باعتبارهما داعمين لكل من هذه الاطراف، يتصرفان بالنيابة عن أمريكا وبريطانيا في اليمن ، وفي الواقع هما لا يتبعان سياستهما الخارجية المستقلة ولكنهم يعدون كمنفذين لأوامر لواشنطن ولندن ، كما ان هذا التمثيل بالوكالة هو مجال خلاف آخر بين الرياض وأبوظبي.
تحاول بريطانيا ، التي لعبت دوراً في تفكك اليمن منذ عقود قليلة ، مرة أخرى ، من خلال وساطة الإمارات ، تقسيم اليمن وإضعافه إلى ست اقاليم ، والولايات المتحدة الامريكية، من ناحية أخرى ، لا تتماشى مع هذه الخطة ، وتخشى السعودية من أنه في حالة حدوث مثل هذا السيناريو ، فإنها ستفشل في الحفاظ على السيطرة على جميع الأراضي اليمنية وترسيخ الأمن الاستراتيجي في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية.
نتيجة
من الواضح أن السعودية والإمارات تدركان عدم جدوى مثل هذه الاتفاقات وتحاولان فقط الحد من مستوى التوتر والصراع والسيطرة عليهما ، والامر الذي أبقاهما معًا تقريبًا حتى الآن ليس هو تشابه المصالح بل الصراع مع عدوهم المشترك أي أنصار الله.
إن الاشتباكات العنيفة السابقة في أبين وعدن بين قوات منصور هادي والمجلس الانتقالي ، بعد يومين فقط من إعلان اتفاق الرياض ، تظهر عدم جدوى الاتفاق وتظهر مدى تعقيد الانقسامات ووضوحها في المعسكر المخالف لأنصار الله.
حيث تحاول الرياض والسعودية الخروج من هذه المعركة بكرامة بعد خمس سنوات من الحرب العقيمة في اليمن وإيصال قواتهما المتحالفة إلى السلطة ، وفي غضون ذلك ، تمكنت حركة أنصار الله من تحقيق انتصارات متتالية في الحرب مع التحالف من خلال اتباع استراتيجية الصمود والمقاومة ، والحفاظ على كونها اليد العليا في أي حوار حول مصير اليمن.
إن مستقبل اليمن لن يتحدد بالاتفاقيات التي تركت على الورق ، ولكن من خلال معادلات ساحة المعركة واستغلال إنجازاته في مجال الحوار اليمني اليمني ، حيث لأنصار الله اليد العليا في هذا الصدد.