الوقت – بعد أن فشلت كل مخططاته في إخضاع قطر؛ وبعد أن سلّط عليها كل وسائل الإعلام التي يُديروها زبانيته؛ طلب ابن سلمان من حكومة هادي التي تعيش في فنادق الرّياض أن تبدأ بمهاجمة الدّوحة إعلامياً والوقوف إلى جانب الرّياض وأبو ظبي، وذلك ضمن إطار الحرب المفتوحة بين الرباعيّة العربية (السعودية، الإمارات، مصر والبحرين) في مواجهة الدّوحة، والتي فشلت جميع مُخططات الرباعيّة في إخضاعها، واليوم لم تجد الرّياض سوى إقحام اليمن في حربها تلك، ورُبّما يُريد ابن سلمان أن يزيد من زخم الحرب الإعلامية التي يشُنّها على قطر، وعلى الرغم من أنّ اليمنيين لا يملكون إعلاماً مؤثراً؛ غير أنّه وبرأي ابن سلمان من المُمكن أن تُشكل هذه الهجمة انفضاضاً يمنيّاً عن جماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً بعد أن باتت ترتفع أصوات بضرورة تدخل تركيا وقطر في اليمن لإخراج قوى العدوان السعودي – الإماراتي.
وعلى الرّغم مما سبق؛ يبقى السؤال ما هو السبب الرئيس لطلب الرّياض من اليمنيين مهاجمة الدّوحة إعلامياً، وهي تعلم أنّ اليمنيين لا يملكون إعلاماً مؤثّراً؟.
يبدو أنّ ابن سلمان وبعد أن عجز عن اقتلاع الإخوان المسلمين من اليمن، بات يُحاول القضاء عليهم بطريقة مختلفة، وهي إيقاع الخلاف بينهم وبين التنظيم العالمي الذي تحمل رايته هذه الأيام كلاً من قطر وتركيا، وبعد أن قام ابن سلمان باعتقال الشيخ عبد المجيد الزنداني ووضعه رهن الإقامة الجبرية وهو رئيس مجلس شورى حزب التجمع اليمني للإصلاح وأحد كبار مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، بات يُريد بث الفتنة بين الحكومة اليمنيّة التي ينتمي عدد كبير من قاداتها إلى الجماعة، وبين قطر التي تُعتبر المُموّل الأساس للجماعة في اليمن.
رفض يمني
الكثير من وزراء حكومة هادي رفضوا الإملاءات السعودية، وأكّدوا للسفير السعودي بأن هذا شأن خليجي ولا ناقة لهم في هذا الأمر ولا جمل، ليبادرهم السفير بأنّ هذه تعليمات محمد بن سلمان.
على الرغم من التهديد شديد اللهجة؛ غير أنّ عدداً كبيراً من وزراء هادي رفضوا تلك الإملاءات شكلاً وتفصيلاً، فهم خبروا وعن كثب أنّ ابن سلمان لا أمان له؛ وأنّه مُستعد لبيع حلفائه بأبخس الأثمان، ومن جهةٍ أخرى فهم يتلقون مساعدات مُجزية من الدوحة، التي تمدُّ حزب الإصلاح بمساعدات دوريّة، كونه يُمثّل جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، كما أنّهم مُرتبطون عقائدياً مع الدوحة.
البعض بدأ بتنفيذ التعليمات
الحكومة اليمنيّة وعلى الرغم من أنّ أغلبيّة أعضائها رفضوا عرض السفير السعودي؛ غير أنّ بوادر قبول بعضهم بالإملاءات السعودية بات حقيقة ظاهرة، فها هو وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني يخرج على مواقع التواصل الاجتماعي ليتهم الدوحة بالإساءة إلى الحكومة اليمنية، والتناغم مع سياسات جماعة أنصار الله، حسب زعمه، مُضيفاً إنّ فضائيات ومواقع تابعة للدوحة قطرية تهاجم حكومة هادي، وتعمل على تفكيك الجبهة الوطنية، وكأنّ الجبهة التي تحدّث عنها مُتماسكة وتُحرز الانتصارات وتتقدم للسيطرة على كل اليمن، ربما لا يعلم الأرياني أنّ جبهته التي تحدث عنها باتت مُنهكة وميِّة سريرياً، وأنّها باتت تنتظر رصاصة الرّحمة، فلا الشمال تستطيع الوصول إليه، ولا الجنوب يُرحِّب بها، وتعيش محاصرة في فنادق الرّياض حتى يُطلق عليها آل سعود رصاصة الرّحمة، كون هادي وحكومته والجبّهة الداخلية التي يتحدث عنها الأرياني ما هي إلّا ورقة تفاوضيّة يلعب بها ابن سلمان، وقريباً سيرمي بها عندما تحين الفرصة وتصبح الأوضاع الدوليّة مواتية لعقد اتفاق مع حركة أنصار الله التي تُسيطر على العاصمة صنعاء ومساحات واسعة من اليمن.
قطر من جهتها أكّدت على النأي بنفسها عن المشادات الكلامية والحرب الإعلامية رافضةً الزّج باسمها في مأساة الشعب اليمني، وتصفية حسابات تخدم مصالح دول أخرى، كما أكّد مدير المكتب الإعلامي في الخارجية القطري أحمد بن سعيد الرميحي، حيث تعلم الدّوحة أنّ الهدف من زجِّها في مناكفات إعلاميّة مع اليمنيين لن يخدم إلّا عمليات القتل المُمنهج التي يقودها آل سعود هناك، والهدف من زجِّ اسمها تحويل أنظار اليمنيين والعالم عن الفاجعة الحاصلة في اليمن.
وفي النهاية.. فإنّ مُحاولات ابن سلمان تشويه قطر لن تؤتي أكلها؛ فالدوحة وعبر سنين طوال تمكّنت من تثبيت مواقعها في اليمن كما في أماكن أخرى تنتشر بها جماعة الإخوان المسلمون، وعلى هذا فإنّ أعضاء الجماعة في اليمن سيكون وعلى عكس ما يأمله ابن سلمان، إذ من المتوقع أن يواصلوا هجومهم على التحالف الذي بدأت نواياه بالظهور، وأنّ هدفه ليس تحقيق الأمن أو إعادة هادي كما يدّعي، بل يهدف إلى تقسيم اليمن واحتلال جزره الاستراتيجية.