الوقت - أفادت وكالة "أسوشيتد برس" أول أمس، نقلاً عن عدد من مسؤولي طالبان، قولهم إن زعيم هذه الحرکة "الملا هيبة الله أخوندزاده" أجرى تغييرات مهمة على کبار الوفد المشارك في محادثات السلام، وكذلك بعض التغييرات على الجبهة العسكرية.
وتشمل هذه التغييرات إضافة "عبد الحكيم" رئيس القضاة لدی طالبان ومن الشخصيات القريبة من أخوندزاده، وكذلك "مولوي ثاقب" الذي كان رئيس القضاة خلال نظام طالبان، إلی الوفد المفاوض، ومن ناحية أخرى إزالة زعيم طالبان "أمير خان متقي" من فريق التفاوض.
وفي تغيير مهم آخر، تم اختيار "الملا محمد يعقوب" البالغ من العمر 30 عاماً، نجل "الملا عمر" القائد الشهير ومؤسس طالبان، قائداً للجبهة العسكرية في الحرکة.
ماذا تعني هذه التغييرات؟
القضية الرئيسة في هذه التغييرات، التي لم يسبق لها مثيل في السنوات الأخيرة، هي أنها تتزامن مع محادثات السلام بين طالبان وحكومة كابول، بهدف إنهاء عقود من الحرب في أفغانستان.
لقد مضى أكثر من أربعة أشهر على اتفاق الدوحة التاريخي بين طالبان وأمريكا في 29 فبراير. اتفاقٌ تم التوصل إليه بعد عام ونصف من المفاوضات، والذي وصفه البيت الأبيض بأنه أفضل فرصة لأفغانستان للسلام على مدى العقود الأربعة الماضية، وكذلك انتهاء أطول حرب في تاريخ أمريكا.
والآن تسعى واشنطن لتهيئة الظروف لإجراء محادثات مباشرة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان بأي طريقة ممكنة.
ولكن على الرغم من التفاؤل المبدئي، إلا أن العنف في أفغانستان والقتال بين القوات الحكومية وطالبان في الفترة القصيرة ما بعد الاتفاق، لم يتراجعا فحسب بل ازدادا بشكل ملحوظ.
وفي هذا السياق، أعلن مكتب مجلس الأمن القومي الأفغاني بالأمس عن مقتل 129 مدنياً وإصابة 291 خلال الهجمات التي شنها متمردو طالبان في الشهر الماضي، أي من 17 يونيو إلى 18 يوليو.
وقال بيان صادر عن مجلس الأمن القومي يوم السبت، إن طالبان نفذت 4545 نشاطاً إرهابياً في 30 ولاية في الشهر الماضي.
وأضاف مجلس الأمن القومي، أنه بالإضافة إلى الهجمات الانتحارية، نفذت طالبان الاغتيالات المستهدفة وزرع الألغام المغناطيسية على جانب الطرق.
إجراءات طالبان العنيفة هذه تمت منذ تعيين "يعقوب" في مايو. وهو الشخص الذي يعتقد الخبراء بأنه جلب إلى ساحة المعركة سمعة والده التي لا تقبل المرونة والتسويات.
ومع ذلك، فإن هذا التغيير والتصعيد في عمليات طالبان يمكن أن تكون علامةً على الاستعداد للمفاوضات، وذلك إذا اعتبرنا تصعيد الحرب بأنه يأتي من أجل كسب الأوراق الرابحة في ساحة المعركة، للمساومة على طاولة المفاوضات.
كما أن طبيعة التغييرات السياسية في فريق التفاوض مع وصول شخصيات بارزة من طالبان، يمكن أن تكون علامةً أخرى على استعداد طالبان للتفاوض مع الحكومة. رغم أنه من الممکن أن يکون الهدف الأساس الآخر لهذه التغييرات، هو محاولة زعيم طالبان زيادة تمركز السلطة في يده.
تحديات بدء المفاوضات
لقد تصاعدت الآمال في الأسابيع الأخيرة بشأن بدء المحادثات في يوليو، لكن طالبان وحكومة كابول أصرتا على شروطهما لبدء المحادثات بشأن إطلاق سراح السجناء.
حيث تطالب طالبان بالإفراج عن سجنائها المتبقين، بناءً على قائمة سلموها لحكومة الرئيس "أشرف غني". وصرح المتحدث باسم طالبان "ذبيح الله مجاهد" لوكالة "أسوشيتد برس" يوم الجمعة، بأن طالبان ترفض جهود الحكومة لاستبدال قائمة السجناء بالعنوان الرئيس للتفاوض.
وقال الرئيس الأفغاني أشرف غني الخميس الماضي، إن عملية السلام لن تمضي قدماً إلا إذا اتضح مصير قوات الأمن التي تحتجزها طالبان.
حتى الآن، أفرجت الحكومة الأفغانية عن حوالي 4200 سجين من طالبان، کما أفرجت طالبان عن 850 سجيناً حكومياً. وينص الاتفاق بين أمريكا وطالبان على أن الحكومة الأفغانية يجب أن تفرج عن 5000 سجين من طالبان قبل محادثات أفغانستان الداخلية؛ وهو ما أثار مخاوف أفغانية بشأن إمكانية تصاعد عنف طالبان وانعدام الأمن في البلاد.
وخلال زيارة لولاية "غزني" يوم الخميس المنصرم، أكد أشرف غني أن الشعب الأفغاني لن يسمح لطالبان بتشكيل إمارة وتدمير "الجمهورية".
تظهر تصريحات أشرف غني مخاوف الحكومة، بل انعدام ثقتها في العملية التي تريد أمريكا تنفيذها بالضغط على الكابل. وهي العملية التي تركز على حملة ترامب الانتخابية أكثر من الترکيز علی التطورات والسلام في أفغانستان. حيث يسعى ترامب إلى الوفاء بوعده بإنهاء الحرب في أفغانستان قبل الانتخابات.
وفي هذا الصدد، وعلى الرغم من تصاعد عنف طالبان ضد الأمن الداخلي لأفغانستان، وحتى تصريحات "مايك بومبيو" الأسبوع الماضي عن استمرار العلاقات بين طالبان وأجزاء من القاعدة في شبه القارة، وهو ما يتعارض مع اتفاق الدوحة، لكن غرد "زلماي خليل زاد" كبير المفاوضين الأمريكيين على تويتر يوم الاثنين الماضي قائلاً: لقد التزمت طالبان بوعدها بعدم مهاجمة القوات الأمريكية وقوات الناتو. حتى أنه تحدث عن "نقطة تحول رئيسة في تنفيذ الاتفاق بين أمريكا وطالبان"، أي إغلاق خمس قواعد في أفغانستان وخفض عدد القوات الأمريكية من حوالي 12000 إلى 8600.