الوقت- كتب الصحفي البريطاني "فينيان كاننغهام" الذي يعمل في مجلة "ميرور" و"إيريش تايمز" و"الإندبندنت" البريطانية، مقالاً نشرته صحيفة "روسيا اليوم"،: "إن الحكم الذي أصدرته طهران عقب اغتيال اللواء "قاسم سليماني" والمتمثل بإلقاء القبض على "تارمب"، والذي ارسلته إلى الإينتربول، يمكن أن تقوم بعض الجهات بتنفيذه. ومثلاً من المحتمل أن يطالب الديموقراطيون الامريكيون بتنفيذه". ويضيف هذا الكاتب البريطاني: "إن المشهد السياسي الأمريكي أصبح مسمومًا وحزبيًا لدرجة أنه لن يكون من المستحيل على المعارضة التفكير في اعتقاله إذا تم إدخال بعض الصلاحيات لمناصبهم الحكومية والسياسية". كما ذكر الكاتب البريطاني، أن الديمقراطيين ووسائل الإعلام المؤيدة لهم يرون بأن "ترامب" عميل روسيا على الاراضي الأمريكية. ولقد اتُهم "ترامب" بخيانة القوات المسلحة الأسبوع الماضي وذلك بسبب تجاهله تقارير استخبارية تفيد بأن عملاء روس كانوا يقدمون أموالاً للمتشددين الأفغان لاغتيال القوات الأمريكية الموجودة على الأراضي الافغانية.
وتساءل هذا الكاتب إلى أي مدى يمكن أن تضر هذه القضية بمصداقية "ترامب" عند منافسيه الديمقراطيين؟ وإذا كان مذنبا بسلسلة من الجرائم والجنح، فلماذا لا يتم الاستفادة من إعلان اللون الأحمر الصادر عن الإنتربول عندما يترك طائرته الرئاسية في ولاية ديمقراطية؟. وجاء في هذا التقرير أيضا، بصرف النظر عن هذا كله، فإن الحكم الذي أصدرته إيران عقب اغتيال اللواء "قاسم سليماني" في كانون الثاني، يُظهر كيف أصبحت الرئاسة الأمريكية سيئة السمعة وذلك بعدما تفاخر "ترامب" علانية أنه أمر باغتيال هذا القائد الإيراني وظن أنه سوف يحظى باحترام كبير.
الجدير بالذكر، أن طهران أصدرت قبل عدة أيام مذكرة اعتقال بحق الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، وطالبت الشرطة الدولية "الإنتربول" بالمساعدة في تنفيذ عملية توقيفه. واتخذت النيابة العامة الإيرانية قرارها على خلفية اتهامها ترامب وآخرين بالوقوف وراء غارة باستخدام طائرة مسيرة، أودت بحياة جنرال إيراني رفيع المستوى في العاصمة العراقية بغداد. وقال المدعي العام في العاصمة طهران، "علي القاسمهير"، إن بلاده "تتهم ترامب وأكثر من 30 آخرين بالتورط في الغارة الجوية التي نفذت في 3 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ وأسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، في بغداد". وأضاف أنّ النيابة الإيرانية توجه للرئيس الأمريكي والمتورطين معه تهما مرتبطة "بالقتل والإرهاب". ونقلت بعض المصادر الاخبارية الإيرانية عن المدعي العام في طهران، "القاصي مهر" قوله إنه "تم تحديد 36 شخصا لهم علاقة باغتيال قاسم، أشرفوا على العملية ونفذوها وأمروا بها". وأضاف أن هذه القائمة تشمل مسؤولين سياسيين وعسكريين من أمريكا ودول أخرى، وأن القضاء أصدر مذكرات باعتقالهم".
وقال المدعي العام الإيراني، إن "ترامب على رأس قائمة المطلوبين وإن مذكرة اعتقاله ستبقى سارية المفعول حتى بعدما تنتهي فترته الرئاسية." ونقلت تلك المصادر الاخبارية عن نائب وزير الخارجية الإيراني "محسن بهاروند" قوله إن القضاء الإيراني سيوجه تهماً رسمية للمسؤولين عن مقتل سليماني، وإنه يأمل في تحديد هوية مشغلي الطائرة المسيرة. وأضاف أن إيران "لن تدخر جهدا حتى يحال هؤلاء أمام القضاء".
وعلى صعيد متصل، ذكر هذا الكاتب البريطاني، أنه في الماضي، كان رؤساء أمريكا حذرين بشأن القضايا التي تتعلق بالأعداء الأجانب، لكن "ترامب" لم يفعل ذلك. بل إنه أعرب عن سعادته عقب وقوع ذلك الاغتيال وفي نظر العديد من المسؤولين الأمريكيين الليبراليين، فإن تفاخر "ترامب" سبب لهم الكثير من الاحراج وأعربوا بأنه كان يجب على الرئيس "ترامب" أن لا يكشف عن طبيعة واشنطن المتمردة والمخالفة للقانون. وفي جزء آخر من هذا التقرير، ورد أنه لا يوجد شك في أن مذكرة التوقيف الصادرة عن إيران تجاوزت الجانب الرمزي وإنما هي واقعية ولو وصفتها إدارة "ترامب" بأنها "حيلة دعائية". وعلى الصعيد نفسه، ذكر "الإنتربول"، الذي يتخذ من العاصمة الفرنسية مقراً له، أن قواعده لن تسمح بإلقاء القبض على "ترامب" إذا تلقت طلب بالقبض عليه.
إن هذا الحجة القائلة بأن عمل إيران "له دوافع سياسية" وبالتالي لن تكون له قيمة قانونية غير صحيحة. في الواقع، كان "ترامب" هو المسؤول الأول عن الترخيص لاغتيال اللواء "سليماني" ولقد قامت القوات الأمريكية بمهاجمة سيارته بطائرة أمريكية من دون طيار وهي تغادر مطار بغداد الدولي. لذلك، يحق للسلطات الإيرانية القيام بإجراءات قانونية ضد "ترامب" وعشرات المسؤولين الحكوميين الآخرين الذين كان لهم دور رئيسي في عملية اغتيال اللواء "سليماني".
وأشار "كونينغهام" أيضًا إلى السلوك المزدوج للمؤسسات والمنظمات الدولية، قائلاً إنه "إذا تم عكس الحالة، لكان الأمريكيون قد طالبوا من الإنتربول إعلان الحالة الحمراء ضد الإيرانيين. ومن غير المرجح أن يسافر ترامب إلى دولة قد تنفذ أمر إلقاء القبض الذي أصدرته إيران". ومع ذلك، فإن هذا الحكم الذي أصدرته طهران يلقي بظلال من الشك على تردد "ترامب" على السفر، وذلك لأن المسؤولين الإيرانيين طالبوا بمحاكمته حتى بعد تنحيه عن منصب الرئيس ولهذا فإنه يتعين على "ترامب" تقييم المخاطر الأمنية عند فتح ملاعب غولف جديدة في الشرق الأوسط.
والقضية المهمة هنا والتي تفضي الكثير من الرمزية لهذا الامر، هو أن أمر القبض على رئيس للولايات المتحدة صدر عن دولة أخرى وحقيقة الامر أن الإنتربول لم يفكر قط في أمر اعتقال دولي من هذا النوع من القضايا وهذا في حد ذاته يشوه سمعة الرئاسة الأمريكية. لقد أجبرت تصريحات "ترامب" على تويتر والذي يحض فيها على الكراهية، الحلفاء الأوروبيين على القول أنه يفتقر إلى روح القيادة، وأعربوا بأن أسمه الان مدرج في قاعدة البيانات الإجرامية. لقد تسبب "ترامب" بفقدان مصداقية مكتب رئيس أمريكا، التي كان ذات مرة الأقوى في العالم.
الجدير بالذكر أن ضربة غادرة امريكية نفذتها طائرات مسيرة قبل عدة أسابيع استشهد على إثرها عدد من رموز محور المقاومة وعلى رأسهم الشهيد البطل اللواء "قاسم سليماني"، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري و"ابو مهدي المهندس" نائب قوات الحشد الشعبي العراقية ولقد أثارت تلك الجريمة البشعة التي نفذتها أيادي الغدر والخيانة الامريكية سخط الملايين من أبناء الامة الاسلامية والعربية وذلك لأن هؤلاء الشهداء كان لهم الدور الابرز في مقارعة ومحاربة الكثير من العناصر الارهابية التي كانت منتشرة في سوريا والعراق وعقب تلك الجريمة الوحشية أعلنت الحكومة الإيرانية بأنها لن تظل مكتوفة الايادي ولن تظل ساكتة عن هذه الجريمة التي قامت بها أيادي الغدر والخيانة وصرحت بأنها لا تنوي الدخول في حرب مع أمريكا ولكنها سوف تقوم بالانتقام من تلك الايادي التي تلوثت بدماء الشهداء وأن الرد سوف يكون قاسياً وسريعاً.