الوقت - في الأيام الأخيرة، أصبحت بعض المناطق المحتلة في محافظة "إدلب" في شمال غرب سوريا مسرحاً لاشتباكات بين تنظيم "هيئة تحرير الشام" الإرهابي وتنظيم "حراس الدين" الإرهابي(الإرهابيون الأجانب).
كان تنظيما "هيئة تحرير الشام" و"حراس الدين" الإرهابيان، اللذان كانا تحت قيادة تنظيم "القاعدة" الإرهابي منذ نشأتهما، تعملان تحت عنوان "جبهة النصرة" وتحت راية مشتركة في سوريا، لكن الخلافات بينهما قد اشتدت، إلی أن انفصلا عن بعضهما البعض.
في الوقت الحاضر، تدعم الحكومة التركية بشكل مباشر تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي بقيادة أبو محمد الجولاني، ويتبع تنظيم حراس الدين الإرهابي تنظيم القاعدة الإرهابي بقيادة "أيمن الظواهري".
وتجدر الإشارة إلى أن تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي، وعلى الرغم من دعمه وتنظيمه وقيادته من قبل تركيا، ولکنه يواصل تلقي الأوامر من تنظيم القاعدة الإرهابي بشکل غير علني، لأنه إذا أصبحت علاقتهما علنيةً، فسوف يعتبر جزءًا من القاعدة بموجب قرارات الأمم المتحدة، وفي ظل هذه الظروف فإن الطريق سيفتح أمام الجيش السوري وحلفائه لتطهير الأراضي المحتلة بشكل كامل، وهذه مسألة لا تريد أنقرة والمحور الغربي-العبري-العربي ككل حدوثها، ولهذا السبب غيرت جبهة النصرة اسمها إلى هيئة تحرير الشام.
الاشتباكات الأخيرة بين الجماعات الإرهابية في الريف الغربي لإدلب بلغت ذروتها عندما اعتقلت هيئة تحرير الشام "أبو مالك التلي" أحد قادة تنظيم حراس الدين الإرهابي(قائد غرفة عمليات فأثبتوا).
أبو مالك التلي الذي کان في السابق أحد قادة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي، يعارض حاليًا سياسات الحكومة التركية في شمال غرب سوريا، ولم يقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين أنقرة وموسكو، وشكَّل إلى جانب عدد من الجماعات الأخرى غرفة عمليات "فأثبتوا".
وفي الأشهر الأخيرة، هاجم تنظيم حراس الدين الإرهابي بقيادة أبو مالك التلي، الدوريات التركية والروسية المشترکة على الطريق السريع "إم4"(اللاذقية-حلب) مراراً وتكراراً، ما حال دون تطبيع حركة المرور على هذا الطريق السريع.
الهجمات التي شنها تنظيم حراس الدين الإرهابي والتي کانت تعني انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، دفعت دمشق إلی إنهاء سياسة ضبط النفس ووضع جیشها علی استعداد، للقيام بعمليات تطهير الطريق السريع الدولي بين حلب واللاذقية والأرياف(جبل الزاوية، جبل الأربعين، جسر الشغور وغيرها).
قامت تركيا، التي كانت تخشى منذ البداية تطهير الجيش السوري للمناطق المحتلة في وسط وغرب وشمال محافظة إدلب، وشمال غرب محافظة حماة وشمال شرق محافظة اللاذقية، بإزالة السواتر الترابية على الطريق السريع بين حلب واللاذقية کخطوة أولی، ثم اعتقلت أبو مالك التلي وشنت هجمات على غرفة عمليات "فأثبتوا" في إدلب وأريافها، وهو ما يعني إعلان الحرب على تنظيم حراس الدين الإرهابي وحلفائه.
بعد تعزيز مواقعه عند المداخل الغربية لإدلب، استهدف تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي مواقع وقواعد تنظيم حراس الدين الإرهابي بشكل متكرر بنيران المدفعية في بلدة "عرب سعيد".
وبعد قتال عنيف، تمكنت العناصر الإرهابية لهيئة تحرير الشام من حصار إرهابيي حراس الدين في بلدة عرب سعيد على المحور الغربي لإدلب، ثم بدأت عمليات احتلال البلدة بمعدات عسكرية ثقيلة.
في المقابل، شن تنظيم حراس الدين الإرهابي هجمات ضد إرهابيي هيئة تحرير الشام، ونجح في المرحلة الأولى في احتلال بلدة "اليعقوبية" والوصول إلى مدخل بلدة "الجانودية" في الريف الغربي لإدلب.
وأفادت أحدث المعلومات أن العناصر الإرهابية في هيئة تحرير الشام شنت هجمات مضادة على إرهابيي حراس الدين، وتمكنت من استعادة مدينة اليعقوبية وتغيير ميزان القوى في غرب إدلب لصالحها.
وبحسب المصادر الميدانية، فإن عدداً من سكان مناطق إدلب الغربية قتلوا وجرحوا خلال الاشتباكات الأخيرة؛ وهناك اشتباكات متقطعة بين الإرهابيين حالياً في ريف إدلب الغربي.
وبالتزامن مع الاشتباكات في المحور الغربي لإدلب، عقد قادة تنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي اجتماعاً على مشارف معبر "باب الهوی" الحدودي في شمال غرب إدلب وبالقرب من الحدود مع تركيا، لمناقشة كيفية التعامل مع تنظيم حراس الدين الإرهابي. ويقال إن ضباط المخابرات التركية حضروا الاجتماع لمزيد من التنسيق.
يحاول أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام الإرهابية، احتلال جميع الأراضي المحتلة في شمال غرب سوريا، وجمع كل الإرهابيين تحت قيادة الحكومة التركية.
وتتحدث آخر الأنباء بأن هيئة تحرير الشام الإرهابية تعتقل أو تغتال أي جماعة أو إرهابي يعارض سياسات تركيا، بحيث أصبح الوضع لا يطاق لدرجة أن القاعدة أصدرت بياناً حثت فيه الجولاني على وقف القتال وعدم اتخاذ إجراء ضد ما سمته الإخوة المسلمين؛ وهذا البيان نفسه يثبت مرةً أخرى أن هيئة تحرير الشام وجماعات أخرى تتلقی الأوامر من "أيمن الظواهري" بشكل مباشر وغير مباشر، ولم تغير اسمها إلا لمنع عمليات الجيش السوري.
يظهر مسار التطورات الميدانية في المجموع أن النية الأولى لتركيا وتنظيم هيئة تحرير الشام الإرهابي من تسوية الحسابات مع الجماعات الإرهابية المعارضة والسيطرة الكاملة على المناطق المحتلة في شمال غرب سوريا، هي في المقام الأول أن يكونوا أكثر تنسيقاً بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع إيران وروسيا.
أما الهدف النهائي والرئيس لتركيا من السيطرة الكاملة على الأراضي المحتلة في شمال سوريا، فهو توحيد الإرهابيين تحت قيادتها في الحرب الحتمية القادمة مع الجيش السوري، حتى يتمكنوا من إظهار المزيد من المقاومة والحفاظ على المواقع التي احتلوها، لأنهم يعتقدون أن الهزائم الثقيلة الأخيرة في حلب وإدلب، كانت نتيجة عدم توحيد الجماعات الإرهابية.