الوقت- في حين أن عدم وجود التماسك الداخلي، والمعارضة الدولية واسعة النطاق، والمخاوف من العواقب المجهولة لتنفيذ خطة ضم الضفة الغربية إلی الأراضي المحتلة، دفعت القادة الصهاينة وخاصةً نتنياهو إلى التراجع عن تفعيل الخطة سريعاً وتأجيلها، يبدو أن الصهاينة ينتظرون الضوء الأخضر والدعم القوي من واشنطن للإقدام علی هذه المخاطرة الكبيرة.
في غضون ذلك، أفادت وسائل الإعلام عن إمكانية عقد اجتماع خاص لكبار مسؤولي إدارة ترامب لاتخاذ قرار بشأن هذه الخطة في الأيام القادمة. کما نقلت القناة الـ 13 الإسرائيلية نقلاً عن مصادر إسرائيلية وأمريكية قولها، إنه من المتوقع أن يجري البيت الأبيض تحقيقاً جاداً هذا الأسبوع، حول ما إذا كان سيعطي "إسرائيل" الضوء الأخضر لضم الضفة الغربية أم لا.
من ناحية أخرى، قال "نبيل أبو ردينة" المتحدث باسم السلطة الفلسطينية بالأمس، إن الأيام العشرة المقبلة ستحدد المصير النهائي لعملية السلام بين فلسطين والکيان الصهيوني.
وبناءً على ذلك، فإن اعتماد تنفيذ هذه الخطة على قرار البيت الأبيض، يثير تساؤلاً حول قرار ترامب المصيري في الأيام القادمة. للإجابة على هذا السؤال، يمكننا النظر في مجموعة من المكونات، على أساسها يجب توقع قرارات شخصية ترامب المضطربة.
العوامل التي تدفع ترامب نحو المخاطرة
منذ توليه منصبه في البيت الأبيض، دعم ترامب الکيان الصهيوني وفي مقدمته رئيس وزراء الکيان "بنيامين نتنياهو" بطرق مختلفة، وأطلق عددًا من المشاريع المعادية للفلسطينيين، بما في ذلك ما سمي بخطة "صفقة القرن".
وعلى الرغم من أن ضم الضفة الغربية لم يتم ذكره صراحةً في صفقة القرن، إلا أن تأکيد الخطة على عدم عودة اللاجئين، وهي أحد المطالب الرئيسة لما يسمى بمحادثات السلام بين الدول العربية والصهاينة في اتفاقيات أوسلو، أو تأكيد صفقة القرن على منع تشكيل دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، يعني عملياً تمهيد الطريق للضم التدريجي للأراضي الفلسطينية المتبقية في الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة.
يعتقد الكثيرون أن عدم قدرة البيت الأبيض على إضفاء الشرعية على صفقة القرن وتنفيذها بشكل مرن، لا يعني إزالة الخطة من جدول أعمال البيت الأبيض، وأن ترامب والصهاينة المقربين منه، مثل كوشنر، يسعون قدر الإمكان لتنفيذ الصفقة أثناء رئاسة ترامب.
من ناحية أخرى، وبالنظر إلی الأزمات الداخلية الکبيرة التي تعصف بترامب هذه الأيام، مثل الاحتجاجات واسعة النطاق المناهضة للعنصرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ونشر كتاب جون بولتون الفاضح له، وعدم الكفاءة في السيطرة علی أزمة كورونا التي خلفت العديد من القتلى في الولايات المتحدة، فمن المحتمل جدًا أن يقدم ترامب وفريقه الاستشاري علی مغامرة خارجية، لتحويل انتباه الرأي العام عن هذه الأحداث، خاصةً أن ترامب لديه سجل من هذه السياسات الإعلامية.
من جهة أخرى، لا ينبغي أن ننسى أنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، يراهن ترامب على دعم اللوبي الصهيوني القوي والغني في الولايات المتحدة بشکل خاص، والموافقة على ضم أجزاء من الضفة الغربية ستلبي بالتأكيد رضا هذا اللوبي.
کما أن الارتياح والصمت المميت للدول العربية، وخاصةً مشيخات الخليج الفارسي، اللذين ينطويان على دعم ضمني لجهود البيت الأبيض لتصفية القضية الفلسطينية ودفع خطة التطبيع إلی الأمام، تشکلان أرضيةً أخرى لتشجيع ترامب علی تجاهل المعارضة الدولية لخطة الضم.
العقبات التي تقف أمام الضوء الأخضر للبيت الأبيض لخطة الضم
ولكن إلى جانب الأدلة علی إمکانية منح واشنطن الضوء الأخضر لنتنياهو لتنفيذ خطة الضم، هناك أيضاً عقبات لا يمكن تجاهلها بسهولة.
ومن أهم هذه العقبات بالطبع، هي معرفة البيت الأبيض باحتمالية تراجع العامل الأمني في الأراضي المحتلة، من خلال اندلاع احتجاجات ومقاومة الشعب الفلسطيني.
حيث لطالما كان أمن الکيان الصهيوني أحد الأسس للسياسات الإستراتيجية للبيت الأبيض في منطقة غرب آسيا، ومن المؤكد أن الإستراتيجيين في البيت الأبيض على دراية بمخاطر خطة الضم لأمن هذا الکيان.
والتهديد الآخر في هذا المجال هو المعارضة الشرسة للأردن، والتي امتدت حتى إلى إطلاق التهديدات العسكرية ضد الکيان الإسرائيلي، من قبل المسؤولين في عمان.
حيث في الآونة الأخيرة، تحدثت مصادر دبلوماسية أردنية رفيعة المستوى لقناة "الميادين"، بأن ملك الأردن قد أبلغ الأمريكيين والإسرائيليين أنه إذا تم تنفيذ خطة ضم الضفة الغربية، فإن الأردن سيرفض الاستمرار في تطبيق معاهدة "وادي عربة" للسلام مع "إسرائيل"، وهي المعاهدة التي اعترف بموجبها الأردن بوجود هذا الکيان.
وهناك أيضًا تقارير عن خلافات بين مسؤولي البيت الأبيض أنفسهم، ووفقًا لقناة الکيان الصهيوني 13، سيُعقد اجتماع البيت الأبيض في ضوء الخلافات الداخلية في إدارة ترامب بشأن ضم الضفة الغربية.
بحيث يوافق السفير الأميركي لدى الکيان الإسرائيلي "فريدمان" على تنفيذ الخطة في الوقت الحالي، لكن الأطراف الأخرى تتحفظ علی ذلك. وكان بومبيو بدوره متحفظاً أيضًا بعد عودته من الأراضي المحتلة، ولكنه منذ ذلك الحين يسلك طريق فريدمان، ومن المرجح أن يدعم خطة الضم.