الوقت- لم تألُ السعودية والإمارات جهداً في إراقة دماء اليمنيين وتدمير بلادهم منذ بداية العدوان عام 2015 وحتى اللحظة، لكن كل ذلك وفق محللين ينضوي تحت أهداف جُلها اقتصادية، والدليل على ذلك ما قامت به ميليشيات ما يسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعومة من أبو ظبي، والتي سيطرت على جزيرة "سقطرى" الاستراتيجية، شرق خليج عدن بشكل كامل، بعد معارك عنيفة خاضتها ضد قوات الرئيس المستقيل "عبد ربه منصور هادي"، المدعومة من الرياض.
احتلال علنيّ
لُقبت جزيرة "سقطرى" بالمكان الأكثر غرابة في العالم، نظراً لأهميتها البيئية والتنوع الحيوي النادر فيها، وقد أصبحت "سقطرى" التي تمثل أكبر الجزر اليمنية محافظة مستقلة عام 2013.
وكانت الإمارات قد أرسلت قوات عسكرية إليها في مايو/أيار 2018، بالتزامن مع زيارة للجزيرة من قبل رئيس الحكومة اليمني آنذاك "أحمد عبيد بن دغر"، حيث قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية "أنور قرقاش" في ذلك الحين، عبر تويتر إنَّ لبلاده علاقات تاريخية وأسرية مع سقطرى وأهلها، ما يظهر التاريخ القذر للإمارات الذي يلهث وراء الأطماع الاقتصادية لدولة شقيقة، متناسين كل التعاسة والظلم الذي لحق بهذا الشعب الطيب.
وبالعودة إلى آخر التطورات؛ أفادت مصادر إعلام يمنيّة أن قوات ما يسمى المجلس الانتقالي سيطرت على كامل المباني والمعسكرات الحكوميّة ورفعت العلم الإماراتيّ فوقها، وأوضح محافظ سقطرى "رمزي محروس"، التابع للرئيس المستقيل "عبد ربه منصور هادي"، أنَّ قواته تعرضت لما قال أنَّه خذلان من الحلفاء في إشارة مباشرة إلى السعوديّة.
وفي هذا الصدد؛ وبعد اشتباكات ومعارك عنيفة سيطر المجلس الانتقاليّ على المقارّ الحكوميّة في مدينة "حديبو" الذي تمثل عاصمة الجزيرة، وسط سخط شعبيّ عارم من الرئيس المستقيل هادي لعجزه التام عن اتخاذ أي خطوة دون أن يأذن أسياده في السعوديّة التي تعامت بشكل تام عما يحدث هناك من احتلال إماراتيّ علنيّ لسقطرى.
أكثر من ذلك؛ قال مستشار وزارة الإعلام اليمنية "توفيق الحميري"، أنَّ "ما يحدث في عدن وسقطرى وحضرموت وكل المناطق اليمنية المحتلة هو عبارة عن تأجيج لمسح الهوية ومحاولة لفرض الاحتلال وتمريه على أبناء الشعب اليمنيّ"، مبيناً أنَّ الرفض الشعبي لهذا الاحتلال سيستمر، وأنَّهم لن يغفلوا عما يحدث في سقطرى والمهرة، مشيراً إلى أنَّ سقطرى والمهرة ستدخلان ضمن عمليات توازن الردع القادمة.
غضّ بصر سعوديّ
اعتبر محللون في الشأن اليمنيّ أنَّ ما قامت به الإمارات في جزيرة سقطرى بالتزامن مع غض البصر السعودي الفاضح، يأتي في ظل تطبيق المشاريع السعودية والإماراتية القذرة، على أساس أطماعهم في ثروات اليمن ومواقعه الاستراتيجية التي تنافس بقوة كل المناطق في دولهم القائمة على التخريب وبث الشرور.
وفي غضون ذلك؛ قال منسق الجبهة الوطنية الجنوبية، "أحمد العليي"، أنَّ السعودية والإمارات تهدفان إلى إطالة أمد الصراع لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفوضى والقتل والتدمير وبالتالي السيطرة على أجزاء كبيرة من المحافظات الجنوبية الغنية بالثروات وذات المواقع الاستراتيجيّة، بحسب ما ذكرت مواقع إخباريّة.
وبالمقابل؛ ارتفعت حدة التوتر بين مليشيات حزب الإصلاح وقوات المجلس الانتقالي الموالية للإمارات في محافظة "أبين" جنوبيّ البلاد حيث شهدت مواجهات عسكريّة صفت بالأعنف على الإطلاق منذ اندلاعها في مايو/حزيران المنصرم، في حين تشهد محافظة "عدن" عمليات اغتيالات متواصلة.
ومن الجدير بالذكر أنَّ الرئاسة اليمنية تواصلت مع السلطات السعودية للتدخل وإيقاف احتلال جزيرة سقطرى، لكنها لم تتلقّ أي رد، بحسب قناة الجزيرة القطريّة نقلاً عن مصدر حكومي يمني.
وذكر المصدر أنَّ ضحايا مدنيين سقطوا جراء قصف عشوائي نفذته قوات الانتقالي المدعومة إماراتياً، موضحاً أنَّ هذا القصف كان من موقع لها قرب مقرّ لقوات التحالف السعوديّ الإماراتيّ، ما يعكس حجم التواطؤ والانخراط المشترك لتلك الدولتين في احتلال اليمن.
بناء على ما تقدم؛ سيبقى اليمن المظلوم مهدداً دائماً بالحروب والنزاعات لما تقتضيه مصلحة السعودية والإمارات على وجه التحديد، لأن أيّ نهضة في اليمن المميز بإمكاناته وثرواته الطبيعية الفريدة، ستنعكس سلباً على تلك الدول الكرتونيّة القائمة على جثث الأطفال والدمار والدمويّة.