الوقت- تشكّل الزوارق العسكرية السريعة السمة الأبرز للقوات البحرية لجمهورية إيران الإسلامية في منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز، وتشكّل أيضاً أكبر تحدّ تشغيلي وتكتيكي للقوات البحرية الأمريكية في المنطقة. وهذا التحدي اعترف به الغربيون والأمريكيون على حد سواء، ولهذا فإنه يمكن القول أن أحد أكبر وأهم التكتيكات الإيرانية في الحروب البحرية هو زيادة القدرة العملياتية للقوات الإيرانية باستخدام القوارب السريعة وتكتيكات الهجوم الجماعي ضد الأهداف المعادية. ومع استمرار وحدة الصناعات العسكرية الإيرانية في تصميم وإدخال أنظمة جديدة على زوارقها وقواتها البحرية، لا تزال المؤسسات البحثية الأمريكية تشير إلى أن "الهجوم السريع" في تقاريرها وتحليلاتها يعتبر تكتيكًا مهمًا في القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، حيث إنّ تلك الزوارق الإيرانية السريعة أًصبحت الذراع القوية التي تساعد طهران على تهديد قوات الجيش الأمريكي في منطقة الخليج الفارسي.
لماذا يفضّل الحرس الثوري الإيراني الزوارق ذات هيكلين ؟
تنقسم هياكل الزوارق العائمة بشكل عام إلى فئتين: ذوات "الهيكل الواحد" و "متعددة الهياكل"، وكل منها يتضمّن عدّة أمثلة. حيث يتكون نموذج الهيكل الواحد، وهو النوع الأكثر شيوعًا في مجموعة الزوارق المتنوعة في العالم، من هيكل واحد، وغالبًا ما يكون على شكل حرف V، حيث يتم الاحتفاظ به على سطح الماء بواسطة خزانات تسمى الصابورة. والصابورة هو خزان يستخدم فيه الماء للحفاظ على استقرار السفينة وقدرتها على المناورة في أوقات الاضطراب البحري. وتستخدم هذه الخزانات أيضًا لملء المياه لكي تتمكن بعض الزوارق للنزول إلى عمق أكبر. وأما الزوارق متعددة الهياكل، فإنها تتكون من هيكلين أو أكثر، وتنقسم إلى فئات مختلفة بناءً على عدد الهياكل والتكوين والشكل والحجم، بما في ذلك زورق "الكاتاماران" (هيكلين)، والأشكال (ثلاثية الهياكل) ، والرباعيات (أربعة هياكل) والخماسية التي تتكون من خمسة هياكل مقسمة.
أشكال جميع أنواع الزوارق ذوات الهيكل الواحد ومتعددة الهياكل
الجيل الجديد من الزوارق في معرض 40 عاماً من الإنجازات – عام 2019
إن الزوارق متعددة الهياكل تعدّ أقل شيوعًا في العالم وذلك بسبب أن هذه التكنولوجيا لا تزال جديدة وحديثة. يذكر أن زورق "كاتاماران" الإيراني يتكون من هيكلين منفصلتين ومتصلتين بجسم وسيط وعلى عكس الزوارق ذات الهيكل الواحد، والتي تستخدم خزانات عالية لموازنة نفسها، تستخدم زوراق "كاتاماران" مسافات عرضية بين الجسدين لتحقيق الاستقرار في الماء، وكلما زاد العرض، كلما كان أكثر استقرارًا وهناك ميزة أخرى مهمة لهذا النوع من التصميم هي القدرة على التحرك في المياه الضحلة، والتي ربما يصل ارتفاعها إلى حوالي مترين أو أقل.
وحول هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أن وحدة الصناعات العسكرية التابعة لقوات الحرس الثوري الإيراني تمكنت خلال الفترة القليلة الماضية من صناعة جيل جديد من الزوارق العسكرية عالية السرعة، ولفتت تلك المصادر الاخبارية إلى أن الوحدات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ستتمكن عند استخدامها لهذا النوع من الزوارق من التحرك بسرعات عالية في مناطق قريبة جدًا من السواحل الإيرانية، وإطلاق صواريخ كروز على أهداف العدو من أي مكان تقريبًا. إن وجود العديد من الجزر الطبيعية والاصطناعية في منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز، هو نوع من الغطاء الطبيعي الذي يسمح للزوارق السريعة بالمناوره واطلاق النار بشكل مفاجئ على العدو. كما أن الاستقرار العرضي في المياه الهادئة، والمقاومة الهيدروديناميكية الجيدة، والاستقرار الدائم والتوازن الديناميكي ذي السرعة العالية، والقدرة على حمل أوزان أعلى مقارنة بوزن وحجم هذه الزوارق، يقلل من الضغط ويزيد من عمر هذه الزوارق مقارنة بالعينات الاخرى.
وعلى صعيد متصل، قال العميد "علي رضا تنكسيري": "لدى بلادنا زوارق قاذفة للصواريخ، لا يوجد مثيل لها في أي مكان بالعالم وبهذه السرعة". ولفت الى ان السرعة والحجم الصغير ونوع الصواريخ المنصوبة على زوارق "الشهيد ناظري" السريعة، تعتبر من ميزاتها الفريدة، وقال: "لدينا طلبات من دول الجوار ومن الدول الصديقة لشراء هذه المعدات والصواريخ". وأكد العميد "تنكسيري"، أن صواريخنا فريدة من نوعها؛ صاروخ يطلق من زورق بطول 16 مترا ويمكنه ضرب هدف على مدى 35 كيلومترا، أو في المستقبل القريب سنوصل مداه الى 140 كيلومترا.
وبشأن سرعة الزوارق فائقة السرعة التابعة للحرس، قال العميد تنكسيري: "لدينا اليوم زوارق قاذفة للصواريخ تبلغ سرعتها 72 عقدة، وقد توصلنا الى سرعة 80 عقدة، وفي المستقبل القريب سنصل الى سرعة 90 عقدة". وأشار الى الميزات الفريدة لزورق "الشهيد ناظري"، وصرح قائلا: "لقد قمنا في مصانع القوة البحرية للحرس بتصنيع زوارق يبلغ طولها 55 مترا وعرضها 14 مترا، وهي قادرة على حمل المروحيات". ولفت الى أن زورق "الشهيد ناظري" مجوف من الوسط، أي أن هيكله من نوع «Incat» حتى ان زورقا قادر على المرور من وسطه. وأشار الى ان هذا الزورق يتحمل ادنى الضربات من الامواج في السرعات العالية، ونظرا لقلة سطح تماسه مع الماء، فإن المحركات تتحمل ضغطا أقل. وتابع قائلا: "يمكننا نصب صواريخ وطوربيدات عديدة تحت هيكل هذا الزورق، كما ننفذ تسليح زورق الشهيد ناظري تماما في مجموعة مصانع القوة البحرية للحرس الثوري".
ما هي خصائص الزورق الجديد؟
أعلنت قوات الحرس الثوري الإيراني مؤخراً، أنها أضافت قدرات عسكرية جديدة لقواتها البحرية. وحول هذا السياق، ذكرت بعض المصادر الاخبارية، أنه تم تسليح القوة البحرية لحرس الثورة الإسلامية الإيراني بزورق حربي جديد سرعته 80 كم في الساعة قاذف للصواريخ. وتم عرض هذا الزورق في معرض "اقتدار 40"، الذي جرى فيه عرض مختلف أنواع الأسلحة والمعدات. وتابعت تلك المصادر الاخبارية أن هيكلية هذا الزورق الحربي مؤلفة من جدارين ويبلغ طوله 16 مترا وعرضه 5 أمتار و 65 سنتيمترا. كما يحتوي هذا الزورق مكانا لنصب قاعدة صواريخ كروز مضادة للسفن حيث يبدو في ضوء أبعاده أنه قادر على حمل وإطلاق صواريخ كروز من طراز "ظفر" و"نصر". وذكرت تلك المصادر، أنه بناء على أبعاد وظاهر هذا الطراد السريع فإنه يشبه إلى حد كبير الزورق القتالي الزارع للألغام "إم 14"، ما يدل على إيجاد تغييرات على الهيكل الألمنيوم لهذا الزورق. ويمتلك هذا الزورق الحربي محركين بقوة 1300 حصان لكل منهما وتبلغ سرعته 25 عقدة بحرية بما يعادل 83 كيلو مترا في الساعة.
موقع تركيب الصاروخ على زورق "كاتاماران" الإيراني الجديد
يذكر أن صاروخ "ظفر" قريب جداً من مواصفات صاروخ "كوثر 3" حيث له نفس الوزن 120 كغ و وزن الرأس الحربي 30 كغ و نفس المدى 25 كغ و نفس السرعة 0.8 ماخ. لكنه يتميز عنه بالتوجيه حيث يعتمد على رادار نشط. كما يختلف عنه بالشكل حيث انه اطول قليلاً و الاجنحة اقرب لمؤخرة الصاروخ و ليس في المنتصف كما صاروخ "كوثر". وأما بالنسبة لصاروخ "نصر1"، فرغم أن مداه يصل إلى 35-38 كم، إلا أن وزنه يصل 3 اضعاف صاروخ "كوثر" و"ظفر". حيث أن وزنه 350 كغ و وزن رأسه الحربي 130 كغ و سرعته 0.8 ماخ. ويتنوع توجيهه بين الحراري و التلفزيوني و الراداري النشط. و تم تركيبه على زوارق الصواريخ السريعة و على منصات ارضية. و يوجد منه نسخة محمولة جواً. وصاروخ "نصر1" يعتبر نسخة من صاروخ "C-704" الصيني .
صاروخ كروز "ظفر"
إطلاق صاروخ "نصر" الموجه من زورق "ذو الفقار" السريع
من الواضح أن تكتيكات الحرس الثوري الإيراني في المعركة البحرية لا تزال قائمة على مبادئ معروفة، والتي يمكن تلخيصها كهجوم مشترك مؤلف من صواريخ كروز والصواريخ البالستية المضادة للسفن والقذائف الصاروخية والزوارق الانتحارية ذاتية القيادة وما إلى ذلك. وفي الختام يمكن القول أن الجهود التي بذلتها جمهورية إيران الاسلامية خلال الثلاثين عاماً الماضية في صناعة أنواع مختلفة من الزوارق الحربية ذاتية القيادة والطائرات المسيرة والغواصات الحربية والصواريخ و...، قد منع الأعداء على التعدي على المصالح والحدود الإيرانية في المياه الجنوبية ولم يتمكّنوا حتى من إيذاء ناقلات النفط الإيرانية التي تتجه إلى أبعد مناطق العالم.