الوقت- في خضم الأزمة العالمية، التي هي على وجه الخصوص نتيجة تفشي فيروس کورونا العالمي، وتهديده المشترك للدول في جميع أنحاء العالم، رفعت أمريكا من إجراءاتها في منطقة غرب آسيا بطريقة غير مسبوقة.
حيث رأينا خلال الأسابيع القليلة الماضية أن أمريكا نفذت مستوىً كبيراً من التحرکات في العراق في مجال التدريب العسكري للقوات والأسلحة، وأطلقت حتى موجةً من الدعاية واسعة النطاق.
مع ذلك، في الخطوة الأخيرة التي اتخذتها إدارة ترامب على غرار الأفلام الغربية، واستحضار دور الرئيس الأمريكي كرجل عصابة، تم تخصيص جائزة بملايين الدولارات لأي معلومات تثبت دور إيران في اليمن وتكشف عن مكان وجود أحد قادة حزب الله في العراق.
وعلى الرغم من أن هذا النهج ليس جديدًا وقد تم تبنيه مرارًا وتكرارًا من قبل أمريكا بحجج كاذبة مثل مكافحة الإرهاب والدفاع عن حقوق الإنسان، إلا أن الأمر هذه المرة مختلف تمامًا.
ويأتي هذا الاختلاف لجهة أن جمهورية إيران الإسلامية هي دولة رسمية ذات سيادة مستقلة، ومنذ عام 2011 لم يكن هناك أي دليل على أنها تدخلت في شؤون اليمن. ومن ناحية أخرى، يُعرف حزب الله اللبناني بأنه أحد القوى الموجودة في القوى السياسية اللبنانية. والآن حددت أمريكا مكافأةً لأحد أعضائه.
كلا الأمرين يظهران بوضوح أن الأمريكيين يتجاهلون جميع أحكام القانون الدولي ولا يقيمون وزناً للمجتمع الدولي وسيادة الدول المستقلة الأخرى. لكن السؤال المطروح الآن هو، ما هو الدافع والهدف الخفي الذي تسعی إليه أمريكا من وراء هذه الأعمال التي تقوم بها؟
الدوافع والأهداف وراء تحديد الجوائز ضد إيران
أمريكا ، التي فشلت حتى الآن في تقديم أدلة وثائقية تثبت مزاعمها المتمثلة في "تدخل إيران في اليمن"، تسعی هذه المرة إلى إثبات ادعاءاتها عبر الوعود بالمال، حيث حددت مكافأةً قدرها 15 مليون دولار للمعلومات التي تتعلق بما وصفتها "أنشطة الحرس الثوري الإيراني في اليمن".
وفي هذا الصدد، أعلنت السفارة الأمريكية في اليمن على صفحتها على الفيسبوك: الذين يقدمون معلومات حول أنشطة الحرس الثوري الإيراني في اليمن، سيحصلون على مكافأة مالية قدرها 15 مليون دولار.
وأضافت سفارة واشنطن: تماشياً مع تنفيذ برنامج "مكافآت من أجل العدالة"، سيحصل من يقدم معلومات حول شبكات الحرس الثوري الإيراني في اليمن، على مكافأة قدرها 15 مليون دولار.
يمكن تحليل البيان الغامض للأمريكيين فيما يتعلق بمنح الجائزة لمن يكشف عن دور إيران في اليمن، من ثلاث زوايا.
على المستوى الابتدائي، ينوي الأمريكيون تغطية هزيمتهم في منطقة غرب آسيا في مواجهة محور المقاومة بالدعاية الإعلامية، وبالتالي تغطية فشل سياساتهم. في الحقيقة، کان صرف انتباه وسائل الإعلام والرأي العام، سياسة أمريكا المعتادة للتقليل من شأن إخفاقاتها على مدى العقود القليلة الماضية.
وفي المستوى الثاني، يحاول الأمريكيون من خلال عرض هذه الجائزة السخيفة، تبرير عدم دعمهم للسعودية للحكام السعوديين.
فعلى الرغم من الطلبات السعودية العديدة للتدخل الأمريكي المباشر في أزمة اليمن، وعلى الرغم من الدعم العسكري والسياسي الواسع للرياض في الحرب اليمنية، لكن واشنطن رفضت التدخل عسكرياً لمساعدة السعودية على هزيمة أنصار الله.
وهذا ما أزعج محمد بن سلمان من البيت الأبيض، والآن يبدو أن ترامب يسعى لتعويض ذلك، لتشجيع بن سلمان علی تقليل إنتاج النفط وإنقاذ صناعة النفط الصخرى الأمريکية من الإفلاس.
هدف أمريكا من تحديد جائزة بقيمة 10 ملايين دولار للکوثراني
بالإضافة إلى إيران، حددت وزارة الخارجية الأمريکية مكافأةً قدرها 10 ملايين دولار للمعلومات التي تتعلق بقائد في حزب الله اللبناني.
وبحسب التقارير الإعلامية، فإن الكوثراني يعمل مع حزب الله في لبنان والعراق، وهو رجل دين شيعي وعضو في المجلس السياسي لحزب الله اللبناني. والكوثراني هو أحد مساعدي الفريق الشهيد قاسم سليماني القائد السابق لقوة القدس الإيرانية، بحسب رويترز.
وادعت وزارة الخارجية الأمريكية في إعلان هذه الجائزة: الكوثراني مسؤول عن بعض التنسيق السياسي بين الجماعات المتحالفة مع إيران. ومضى بيان الخارجية الأمريكية بالقول: وبهذا المنصب، کان يسهّل تحركات الجماعات الخارجة عن سيطرة الحكومة العراقية. هذه المجموعات وعبر نهج عنيف، کانت تقمع الاحتجاجات وتهاجم البعثات الدبلوماسية الأجنبية وتشارك في أنشطة إجرامية واسعة النطاق.
وأضافت وزارة الخارجية الأمريكية أنها ستدفع هذا المبلغ مقابل معلومات عن أنشطة الكوثراني وشبكاته ومساعديه.
فيما يتعلق بدافع حكومة الولايات المتحدة للقيام بذلك، تجدر الإشارة إلى أن أمريكا تنوي بطريقة ما تبرير إخفاقاتها الإقليمية، وخاصةً في العراق ولبنان.
ففي الوقت الذي تضطر فيه القوات الأمريكية إلى إخلاء قواعدها العسكرية المختلفة في العراق، فإنها تحتاج إلى نوع من البروباغندا الإعلامية للتغطية على هذه القضية، أو لحرف الانتباه عن تعرضها للإذلال والاحتقار في العراق.
کما أن محاولات الترهيب وتعزيز انعدام الأمن بين قادة المقاومة العراقية، فضلاً عن خلق الانقسامات والاختلافات في المجتمع، هي أهداف أخرى تسعی واشنطن لتحقيقها خلف الكواليس.
إن تحديد جائزة لقتل فرد مستقل يعارض سياسات دولة أخرى، يذكرنا بإرهاب الدولة المتجسد بوضوح في الولايات المتحدة والکيان الصهيوني، اللذين لم يترددا مطلقاً في التحدث عنه علانيةً على مدى العقود القليلة الماضية.
في الحقيقة، تظهر إجراءات واشنطن ودونالد ترامب بأن الممثل الحقيقي والرئيس لإرهاب الدولة في العالم هو واشنطن وتل أبيب، اللتان تستخدمان أي وسيلة لتعزيز أهدافهما، حتى القيام بالاغتيال بطريقة جبانة.