الوقت- يقول المنظر "هانس جي مورغنتا" في كتاب له ان على الدول ان تتجنب اتخاذ مواقف يؤدي التراجع عنها الى فقدان مكانة واعتبار هذه الدول، ولو كان مورغنتا حاضرا في عصرنا الحالي لقال ان السعودية قد وقعت في هذا الفخ حيث انها رفعت شعارات في بداية عدوانها على اليمن وباتت اسيرة لهذه الشعارات.
قبل اكثر من 5 أشهر اعلن وزير الدفاع السعودي ونجل الملك محمد بن سلمان قرار شن العدوان على اليمن وقد قالت الرياض ان القرار هو تلبية لطلب عبد ربه منصور هادي المستقيل والفار وان الحرب ترمي الى انقاذ الشعب اليمني من حركة انصارالله، وفي البداية دعمت الجامعة العربية والاتحاد الاوروبي وامريكا والكيان الاسرائيلي والتيارات التكفيرية السلفية في المنطقة هذا العدوان السعودي لكن مع مرور الوقت تضاءلت فرص السعودية في بلوغ الاهداف المعلنة للحرب والان بات المحللون والخبراء السياسيون والعسكريون يتحدثون عن خطأ استراتيجي ارتكبته السعودية مؤكدين ان الرياض لن تنجو من عواقب هذا الخطر.
ويؤكد المراقبون وجود 4 سيناريوهات امام السعودية في اليمن وهي سيناريو الارض المحروقة وسيناريو التقسيم وسيناريو الاحتلال وسيناريو الهزيمة.
سيناريو الارض المحروقة
يقوم السعوديون حسب هذا السيناريو بتدمير البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية لليمن رغم وجود قرار هش بوقف اطلاق النار فتستمر الغارات الجوية والصاروخية ويتم تحويل اليمن الى سوريا او افغانستان، وفي هذا السيناريو يتم زعزعة الامن بالكامل في القرن الافريقي وتزداد الجماعات الارهابية المسلحة مثل القاعدة نشاطا كما يزداد نشاط القراصنة البحريين وكذلك نشاط الشباب والجماعات المتطرفة في داخل السعودية وهذا سيهدد الامن الداخلي لهذا البلد وبالاضافة الى ذلك تتعالى الاصوات الدولية المنددة بالمجازر السعودية ضد اليمنيين وتتحرك الاقلية الشيعية الموجودة في داخل السعودية ضد نظام الحكم وتتفاقم الخلافات بين الامراء السعوديين ويزداد عدد الساخطين على الملك.
سيناريو التقسيم
حسب هذا السيناريو تقوم السعودية بدعم الحراك الجنوبي في اليمن لتقسيم هذا البلد الى قسمين الشمالي والجنوبي خدمة للمشروع الامريكي القاضي بتقسيم الدول الاسلامية في الشرق الاوسط الى اجزاء صغيرة من اجل اضعافها كالذي جرى في السودان ويراد تطبيقه في العراق وسوريا ايضا.
وكان مخطط تقسيم اليمن موجودا حتى قبل اندلاع الثورات العربية حيث تستفيد الجهات الدولية من الاختلافات الموجودة بين سكان شمال اليمن وسكان جنوبه من اجل تنفيذ هذا المخطط، وكان تعامل الحكومة اليمنية مع مطالب الجنوبيين تعاملا غير ايجابي وهذا ما زاد من النزعة الانفصالية لدى الجنوبيين الذين مازالوا يحتفظون بعلم خاص بهم.
واذا تم تقسيم اليمن تستطيع السعودية ان تتفرد بحركة انصارالله في شمال اليمن وتحقق احد اهدافها الاستراتيجية وهو السيطرة على بحر العرب عبر ضم محافظة حضرموت اليمنية الى الاراضي السعودية وربطها بميناء المكلا، لكن ورغم كل ما ذكرناه يبدو ان سيناريو تقسيم اليمن الى القسمين الشمالي والجنوبي لايبدو واقعيا نظرا لعدم وجود اسباب طبيعية وايديولوجية لبقاء شمال اليمن موحدا ايضا.
سيناريو الاحتلال
لقد تم رسم هذا السيناريو حسب الخطة التي تم احتلال البحرين بموجبها والفرق الوحيد بينهما هو تنفيذ عمليات لاضعاف انصارالله عسكريا ومعنويا قبل شن الهجوم البري على اليمن، وحسب هذا السيناريو تضم السعودية اليمن الى اراضيها بشكل غير رسمي وستتذرع بوجود الجماعات الارهابية مثل القاعدة وتهديدها للأمن السعودي لكن ضعف الجيش السعودي سيدفع الرياض الى الاستعانة بجيوش من المرتزقة من اجل تنفيذ هذه الخطة التي ستكون لها عواقب خطيرة ايضا في داخل السعودية فعلى سبيل المثال هناك خلافات في داخل البلاط السعودي حول التدخل البري في اليمن حيث يعارض ولي العهد محمد بن نايف بشدة التدخل البري في حين يصر ولي ولي العهد محمد بن سلمان على ضرورة هذا التدخل، ويضاف الى هذا كله ان التدخل البري سيعطي اليمنيين الذريعة لاستهداف المراكز الحيوية والاستراتيجية في داخل السعودية ومنها المنشآت النفطية.
ان تاريخ اليمن يثبت ان الغزاة العثمانيين واليونانيين والمصريين قد تكبدوا خسائر فادحة في الارواح في اليمن حيث قتل عشرات آلاف الجنود المصريين على سبيل المثال في اليمن في الستينيات من القرن الماضي وقد جرب آل سعود والاردنيون ايضا بأس اليمنيين في مرات سابقة.
سيناريو الهزيمة
ان حصول هذا السيناريو هو محتمل اكثر من السيناريوهات الاخرى ويعني هزيمة وفشل العدوان السعودي على اليمن وفي هذا السيناريو المحتمل تتراجع الدول الاخرى المشاركة في العدوان عن تنفيذ الهجمات وتدفع التكاليف الباهظة للعدوان وضغط الرأي العالم العالمي السعودية الى الاعلان ظاهريا عن تحقيق انتصار ما وانتهاء الحرب كما كان يفعل الرئيس الامريكي جورج بوش الإبن.
ان هزيمة السعودية في اليمن تشبه ما قام به الناتو في ليبيا حيث تضرب الهزات الارتدادية لحرب ليبيا القارة الاوروبية الآن، ان الجيش السعودي هو جيش دفاعي في الاساس ولايمكنه ان يقوم بعمل هجومي وقد هزم هذا الجيش هزيمة قاسية في الحرب السابقة التي شنها على انصارالله في صعدة، والجيش السعودي هو جيش فيه الكثير من المأجورين وان اكثر من نصف الحرس الوطني السعودي هم الباكستانيون ولذلك يبدو ان خيار غزو اليمن بريا هو مستبعد.
واخيرا يجب القول ان هزيمة الملك سلمان وإبنه الذي يعتبر المخطط الرئيسي للهجوم على اليمن ستزعزع اركان حكم آل سعود في الداخل كما تزعزع مكانة السعودية على الساحة الدولية ولذلك يعتقد البعض ان الهزيمة في اليمن هي بداية لنهاية حكم آل سعود.