الوقت-كتبت صحيفة امريكان كانسر وتيو في مقال لها: لقد عرفنا اليوم ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الذي أمر باغتيال الجنرال قاسم سليماني. ولم يكن اغتيال سليماني إجراءً وقائيًا ولا علاقة له بالتهديد الوشيك من طرف إيران أو حلفائها. وقد رفض مسؤولو واشنطن هذا الزعم بالفعل ولجؤوا إلى منطق تعزيز الردع بالقوة.
وجاء في المقال: على عكس الايضاحات التي ركزت على شخصية ترامب غير الكفوءة، لكننا نعلم أن هذا لم يكن السبب الوحيد لاغتيال سليماني. لقد تم التخطيط لمقتل سليماني منذ فترة طويلة، وربما تم إصدار الأمر قبل سبعة أشهر من عملية الإغتيال، وكان يدعم هذا القرار رئيس هيئة الأركان المشتركة ووزير الدفاع الأمريكي. وباختصار فان قرار ترامب بقتل سليماني هو لأجل ابراز عضلات أمريكا.
وبعد هجمات 11 سبتمبر، بدأت واشنطن بحروب على أمل أن تتمكن من تغيير الشرق الأوسط بسرعة وفعالية. ولم تكن حملة التغيير التي شنها جورج دبليو بوش تهدف فقط إلى مواجهة تهديد الدول الاستبدادية والإرهابيين وأسلحة الدمار الشامل فقط، بل سعت أيضًا إلى هزيمة مفهوم الإرهاب، وإحياء الرادع العام، وإصلاح شر الدول الخليجية بموجة من الرأسمالية الديمقراطي. هذه التخيلات لم تأخذ بالحسبان التكاليف الباهظة وردة فعل محور المقاومة.
عندما تبدأ حربا ما، يكون من الصعب وضع حد لها. وعندما أصبح واضحاً أنه لن يكون هنالك طرف منتصر، يجد الطرف المطالب بالحرب اهدافا اخرى لنشر قواته، وهنا تبدأ سلسلة جديدة من الأزمات.
هناك اعتقاد بأنه لا يمكن التسامح والتعامل مع أي اضطراب وفوضى. وتبدو طريقة الحرب الأمريكية مستقرة وغير فوضوية. كما تعتمد عملياتها على الاقتراض، وليس الضرائب، وتشارك فيها القوات العسكرية، لا المدنيين. وتوفر الطائرات من دون طيار أيضا القدرة على القصف دون وقوع إصابات. ان طريقة القتال هذه تحصن المواطنين، على الرغم من أن لها عواقب حقيقية.
وفي أفغانستان، ثبت أنه من المستحيل القضاء على طالبان. وقد تم تدمير حلم الديمقراطية بسبب الفساد والموقع الجغرافي وصانعي الأزمات الدوليين والأعداء. وعلى الرغم من أنهم أدركوا أن تحقيق النصر كان مستحيلاً، شعر صناع القرار أن الضغوط مستمرة. ووصف أمراء الحرب الأمريكيين أفغانستان بأنها اختبار لنجاح أوباما.
أوباما الذي لم تغضبه التصريحات العدائية في وسائل الإعلام، اشتكى من أن القضية الأفغانية قد تم تسويقها لإختبار شجاعته. وكان المنطق الخاطئ الذي كانت هيلاري كلينتون تروج له قد توسع وهو: على الرغم من ان نشر القوات لا فائدة منه، ولكن مع ذلك لا يزال يتعين نشرها.
كما تكشف الوثائق المتعلقة بأفغانستان، ان المشاركين في الحرب الذين ادركوا صعوباتها، قرروا إظهار هذه المشاركة على انها ناجحة. ووعد السياسيون والجنرالات مرارًا وتكرارًا باتخاذ إجراءات حاسمة حول الأمر.
لم تكن "الحرب على الإرهاب" ناجحة من الناحية الاستراتيجية، ولكن كان مصطلحها البديل أي "الحرب طويلة الأمد" مبالغًا فيه أيضًا. فبعد عقد من الزمان، دعا أمراء الحرب الأمريكيين إلى أهداف الحرب التي ستستمر إلى الأبد أي: منع عودة نظام العسكرة، وحماية النساء من القمع، والرؤية الإمبريالية لاحتواء الخطوط الأمامية.
وفي العراق، كانت تكاليف تغيير النظام غير مقبولة. ووسط الاضطرابات الدموية والخسائر التي لا يمكن التنبؤ بها، دفع التقويم السياسي وضغوط رفض الهزيمة، دفع بوش إلى تأخير سحب القوات وضخ المزيد من القوات والمال.
على الأقل، هناك إجماع على أن الحرب لم تكن ضرورية، وان طلب العراق من أمريكا تقديم جدول زمني لسحب قواتها والمكاسب المؤقتة، جعل سحب بعض قواتها تبدو أكثر احتراما. في حين كان الحزب الجمهوري، الذي كان يتفق مع توجهات ترامب، يعتقد أن قصف المنطقة هو الحل الوحيد.
كما فشل ايضا أوباما الذي سعى إلى خفض التزامات أمريكا، في منع النزاعات. وفي شهر مارس 2011، ادعى أن الغارات الجوية على ليبيا ستمنع عمليات القتل، وتمنع أزمة الهجرة، وتعيق جرائم الأنظمة الأخرى، وتعزز القوى الديمقراطية في المنطقة. ومع ذلك، انتهت الحروب بتغيير النظام، وانهيار الحكومات، وانهيار الاقتصادات، والهجرة الواسعة النطاق، وأعمال الشغب المسلحة، وتعزيز قوة تنظيم داعش.
وفيما يخص تنظيم داعش، عندما نظرت واشنطن إلى التنظيم على أنه تهديد خطير، تعهد أوباما بمحاربته لحماية الأرواح الأمريكية، ثم وسع المهمة وشن حربًا وقائية لتدميره. وعندما تراجع تنظيم داعش، تدخل ترامب لضمان أن هذه الهزيمة هي هزيمة نهائية.
وبما أن الصراع الطائفي يعزز من قوة التنظيم وبما ان أمريكا لا تستطيع القضاء على الطائفية، فلن يتمكن أمراء الحرب قريبًا من مغادرة المنطقة. وجاء في ختام المقال: عندما هزمت أمريكا مقاتلي داعش في ليبيا، ادعى وزير الدفاع الأمريكي مارك سبير أننا "سنستمر في عملياتنا" للتأكد من عدم عودة التهديد. تشير هذه التصريحات، التي اطلقها أيضًا وزير الدفاع الإسرائيلي، إلى أن الحملات المنتظمة أصبحت واقع حال مقبول حتى دون تحقيقها انتصارات او القضاء على امر ما.