الوقت- أشارت مؤسسة كارنيغي في تقرير لها إلى الوجود واسع النطاق للمرتزقة والجنسيات الأجنبية في جيوش الدول العربية في الخليج الفارسي.
حيث أشارت المؤسسة في تقريرها إلى أن القدرة المالية العالية وانخفاض عدد الأشخاص المستعدين للخدمة في الجيش دفعت دولاً مثل الإمارات والسعودية والبحرين والكويت إلى تجنيد قوات أجنبية في جيوشها.
بالإضافة إلى ذلك ، فإن تجنيد هؤلاء الأشخاص قد سمح لهذه الدول باستخدام هؤلاء المرتزقة الأجانب لقمع احتجاجات مواطنيها في حالة حدوث اضطرابات واعمال شغب داخلية. اذ اعتبرت "كارنيغي" انخفاض تكلفة تسريح وطرد هؤلاء الاشخاص هي من الأسباب الاخرى التي دفعت هذه الدول نحو تجنيد عناصر عسكرية أجنبية.
الإمارات وقطر تتصدران توظيف العناصر الأجنبية
وقال التقرير مشيراً إلى نسبة العناصر الأجنبية في الجيش الإماراتي: "ان الإمارات من حيث العدد الكبير للقوات الأجنبية التي قامت بتجنيدها، لديها نسبة متساوية مع دول الخليج الفارسي الأخرى. فما لا يقل عن 70 ٪ من الرجال الذين يخدمون في الإمارات هم من عمان واليمن".
ويضيف التقرير: "في الآونة الأخيرة ، أبدى مسؤولو تجنيد العناصر الاجنبية في الإمارات اهتماماً بتجنيد القوات الخاصة الكولومبية التي لديها خبرة عقود من حرب العصابات. حيث وقعت مئات من هؤلاء عقوداً مع الإمارات ورواتبهم أعلى عدة مرات مما كانوا يتلقوه في بلادهم".
وتتابع كارنيغي: "لقد وظّفت الإمارات أيضاً شركات أمريكية مثل Reflex Resources ( التي اطلقها ويديرها إريك برنس مؤسس شركة Blackwater سيئة السمعة). حيث حصلت الشركة على عقد بقيمة 529 ملايين دولار لتعزيز قوات الجيش الإماراتي. القوات التي تقاتل في اليمن من أجل الإمارات هي قوات متعاقدة من دول مثل تشاد وتشيلي وكولومبيا وليبيا وبنما والنيجر والصومال والسلفادور وأوغندا".
في جانب آخر من التقرير ، ذكر قطر كدولة أخرى يشكّل الاجانب معظم قواتها. ووفقًا لكارنيغي ، فإن ما يصل إلى 85 ٪ من قوات الجيش القطري هم من الأجانب معظمهم من باكستان والسودان ومؤخراً كولومبيا. في عام 2016 فقط ، قامت قطر بتجنيد 6000 جندي من الصومال. كما منحت قطر القوات الأمريكية مسؤولية تدريب جزء من قواتها الأجنبية التي تم تجنيدها في تركيا والأردن. وبحسب هذا التقرير ان نسبة الاعتماد على القوات الأجنبية في قطر مرتفعة لدرجة أنه لم يكن من الواضح من الذي سيتولى التحكم واستخدام الأسلحة المتقدمة التي اشترتها قطر عندما زادت الدوحة قوتها العسكرية عام 2017 خوفاً من أي هجوم سعودي محتمل.
دور المرتزقة الأجانب في قمع احتجاجات الشعب البحريني
كما أشارت المؤسسة إلى وضع القوات البحرينية وكتبت أنه وفقًا لإحصائيات عام 2009 ، فإن 64 ٪ من قوات الأمن والقوات المسلحة البحرينية هي غير بحرينية. وفقًا للتقرير ، و إن 18 ٪ من أعضاء سلاح الجو البحريني هم باكستانيون وتم توظيف ما مجموعه 10000 باكستانياً في قوات الأمن البحرينية. وبحسب كارنيغي، خلال الهجوم على الاحتجاجات الشعبية في البحرين عام 2011 ، كان الباكستانيون هم معظم القوى التي تصدت للمحتجين.
ويذكر التقرير ان الوضع مشابه في الكويت، حيث يتراوح الأجانب بين 25 ٪ و 50 ٪ ، رغم أن جميع أعضاء الحرس الوطني الكويتي هم مواطنون كويتيون.
ولفتت كارنيغي الى ان سلطنة عمان والسعودية كدولتين استخدمتا قوة أجنبية أقل من دول الخليج الفارسي الأخرى. وقالت، لم تتجه عمان كثيرا نحو تجنيد قوات أجنبية بسبب قدرتها المالية المنخفضة وأيضاً لأن العديد من العمانيين ينظرون إلى الخدمة العسكرية على أنها شرف لهم.
استمرار وجود مرتزقة أجانب في جيش المشيخات الخليجية
يرى التقرير ان عدد سكان السعودية المرتفع نسبياً أدى إلى ألّا يقوم هذا البلد بتجنيد قوات أجنبية مقارنة بنظرائه في جنوب الخليج الفارسي ، لكن الحرب اليمنية دفعت الرياض إلى تجنيد مرتزقة أجانب.
ونقلت كارنيغي عن أحد الخبراء قوله إن جميع القوات البرية التي تقاتل في اليمن من أجل السعودية هم من الأجانب تقريباً، بمن فيهم اليمنيون الذين يقاتلون في بلادهم نيابة عن الرياض وبأموال سعودية. بالإضافة إلى ذلك ، أشارت إلى الوجود التقليدي للباكستانيين في الجيش السعودي ، وقالت " منذ أواخر الثمانينيات شغل عشرات الآلاف من الباكستانيين مناصب مختلفة في السعودية".
وتضيف كارنيغي: "يقال ان وجود هذه القوات في السعودية جعل الجنود الباكستانيين أمام تعاليم دينية متطرفة (الوهابية عادة). وبالإضافة إلى تجنيد قوات متعاقدة من إفريقيا وآسيا ، تستضيف السعودية أكثر من 1000 عسكري أمريكي و300 عسكري ومتعاقد بريطاني".
وتشير هذه المؤسسة في نتيجة تقريرها الى أن القوات الأجنبية في دول الخليج الفارسي تلعب الآن "دوراً لا مفرّ منه" ، وتقول "على الرغم من تراجع عائدات هذه الدول النفطية في السنوات الأخيرة ، فإن وضع تجنيد القوات الأجنبية في الدول العربية لم يختلف كثيراً عن السابق".
واختتم التقرير بالقول، في الحقيقة، إن توسع أنشطة السياسة الخارجية والعسكرية لبعض حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب الزيادة الكبيرة في ميزانيات الدفاع ، وشراء الأسلحة والاستثمار في الصناعات الدفاعية المحلية، يدل على أنه لا يوجد في المستقبل المنظور سبب لحدوث تحوّل كبير في تجنيد القوات الأجنبية في هذه المنطقة. ومن المرجّح أن يستمر وجودهم القديم في شبه الجزيرة العربية."