الوقت- انطلقت اليوم فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي الخمسون في مدينة "دافوس" السويسرية، وسوف تستمر فعالیات هذا المنتدى لأربعة أيام ونظرًا لتأثير هذا المنتدى العالمي على الشؤون الدولية والعالمية، فإنه سيتم التركيز فيه على المشاكل العالمية التي ستواجه العديد من دول العالم في عام 2020 والتهديدات العالمية الجديدة، والحرب الاقتصادية التي اشتعلت نيرانها بين عدد من دول العالم وقضايا ترتبط بالامن والاستقرار في منطقة في الشرق الأوسط.
المنتدى الاقتصادي العالمي الخمسون
إن المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يدعى في بعض الاحيان بمؤتمر "دافوس" يعتبر منظمة دولية غير ربحية مستقلة منوطة بتطوير العالم عن طريق تشجيع الاعمال والسياسات والنواحى العلمية وكل القادة المجتمعيين من اجل تشكيل العالمية، وايضا الأجندات الإقليمية والصناعية ولقد تأسس هذا المنتدى على يد أستاذ الأعمال "كلاوس شواب"عام 1971 في "كولوجني" الواقعة في مدينة "جنيف" السويسرية. ويجمع هذا المنتدى، الذي يعقد سنويا في منتجع "دافوس" للتزلج بجبال الألب، قادة قطاع الأعمال والتجارة مع شخصيات قيادية بارزة في المجالات السياسية والأكاديمية والأعمال الخيرية. وينتهز الكثير منهم هذه الفرصة لعقد اجتماعات خاصة تتناول قضايا مثل الاستثمار في بلدانهم، ولإبرام صفقات تجارية. وغالباً ما تستثمر شخصيات بارزة المنتدى للتأثير في عملية تحديد أولويات السياسة العالمية والدفع بقضايا معينة إلى مقدمة الاهتمام العالمي.
ومن المقرر هذا العام أن يجتمع نحو 2800 ألف مشارك من جميع أنحاء العالم، بهدف مناقشة قضايا حول إصلاح الرأسمالية، ومساعدة الحكومات والمؤسسات الدولية في مراقبة التقدم المحقق في أهداف اتفاق باريس للمناخ، وأهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الحوار حول التكنولوجيا وإدارة التجارة. وسيشارك في هذا المنتدى العالمي رؤساء بعض الدول والحكومات ومن أبرزهم الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" ونائب رئيس الوزراء الصيني "هان جينغ" والمستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" والرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" ورئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" ورئيس الوزراء الإسباني "بيدرو سانشيز". وسيرافق الرئيس "ترامب" الذي يحضر منتدى "دافوس" بعد مشاركته في عام 2017، ابنته ومستشارته "ايفانكا ترامب" وزوجها ومستشاره "جاريد كوشنر". كما سيحضر المنتدى وزيرا الخزانة والتجارة الامريكيان "ستيفن منوتشين" و"ويلبور روس" والممثل الأمريكي للتجارة "روبرت لايتهايزر".
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية أنه من أبرز الموضوعات التي سوف يتم مناقشتها في منتدى "2020"، هي "كيفية إنقاذ كوكب الارض"، وقضية "المجتمع ومستقبل العمل"، و"التكنولوجيا إلى الأبد"، و"الاقتصاديات العادلة"، و"المستقبل الأفضل" وسوف يتم عقد 400 اجتماع ومؤتمر للتباحث حول قضايا التنمية المستدامة العالمية وايجاد مبادرات جديدة لتحقيق كافة تلك الموضوعات. ولفتت تلك المصادر إلى عدد من المراقبين يخشون أن يشكل المنتدى مجددا ساحة لإبراز الخلافات بين الشرق والغرب، وبين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبين رجال الأعمال والنشطاء الساعين إلى التصدي للمخاطر الداهمة التي تحدق بالعالم مع مطلع العقد الثالث للقرن 21. فعلاوة على قضايا المناخ والبيئة، سيطغى على المنتدى خطر اندلاع نزاع بين الولايات المتحدة وإيران، مع تصاعد التوتر عقب الغارة الأمريكية الغادرة التي استشهد على إثرها قائد فيلق القدس الشهيد البطل "قاسم سليماني" وعدداً من رموز المقاومة. ومع ترؤس "هان جينغ" نائب رئيس الوزراء الصيني وفد بلاده إلى المنتدى، ستُسلط الأضواء على النزاع التجاري القائم بين بكين وواشنطن، على الرغم من التوصل هذا الأسبوع لاتفاق هدنة بعد عامين من التوتر. وستكون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "أورسولا فان دير لايين" والمستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" أبرز شخصيتين من الاتحاد الأوروبي تشاركان، وقد يبرز حضورهما الخلافات القائمة بين أوروبا والولايات المتحدة حول ملفات أساسية.
إيران ومنتدى "دافوس" الخمسون
من بين الاهتمامات والقضايا الرئيسية التي سوف يتم مناقشتها في المنتدى العالمي لهذا العام "توترات الشرق الأوسط"، وتعتبر الولايات المتحدة وأوروبا وإيران هي الثلاثة اللاعبين الرئيسيين الذين يمكنهم السيطرة على هذه التوترات، لكن وزير الخارجية الإيراني أعلن قبل عدة أيام بأنه لن يحضر اجتماع هذا العام وفي هذا السياق، صرح "عباس موسوي" المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قائلاً: "كان من المقرر أن يتوجه السيد ظريف إلى سويسرا لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس" بعد تلقيه دعوة رسمية للمشاركة، ولكن قام بعض القائمين على ذلك المنتدى بتغيير البرنامج التنظيمي وقاموا باتخاذ ترتيبات أخرى ولهذا ولسوء الحظ لم يتمكن وزير الخارجية من المشاركة".
وبالنظر إلى التوترات الجديدة في المنطقة، كان حضور أو عدم حضور وزير الخارجية الإيراني أمراً في غاية الاهمية بالنسبة للعديد من الخبراء الأجانب ووسائل الإعلام العالمية والاقليمية وذلك لأن عدم مشاركة "ظريف" في هذا المنتدى يعد بمثابة موقف إيراني جديد وحاسم ضد تصرفات "ترامب" والاتحاد الأوروبي الأخيرة. وفي هذا السياق، ركزت وكالة "رويترز" منذ مطلع الاسبوع الماضية على قضية عدم حضور "ظريف" في هذا المنتدى ولفتت تلك الوكالة إلى أن "بورغ براند" رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، أعرب عن قلقه إزاء عدم مشاركة وزير الخارجية الايراني في هذا المنتدى وأشار إلى السبب وراء ذلك هو "الغموض الذي يكتنف منطقة الشرق الاوسط والتطورات التي تحدث داخل إيران" وبالتزامن مع إعلان "ظريف" عن عدم مشاركته في منتدى "دافوس"، حذر هذا الاخير الدول الغربية من أن جمهورية إيران الإسلامية ستنسحب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية إذا أحيلت القضية النووية الإيرانية إلى مجلس الأمن.
التحديات التي سوف يواجهها "ترامب" في "دافوس"
كشفت العديد من التقارير بأن الرئيس الامريكي "ترامب" لم يشارك في منتدى "دفواس" الذي عقد العام الماضي، بحجة إضراب عدد من دوائر ومؤسسات الحكومة الفيدرالية الامريكية، لكن هذا العام سوف يشارك في اعمال هذا المنتدى وسوف يقدم خطته الخاصة ولكن بعض المراقبين يعتقدون بأن المنتدى الحالي سوف يضع "ترامب" أمام تحديين هامين هما:
1. قضية الاحتباس الحراري العالمي وتجاهل "ترامب" للتحذيرات الدولية؛ وهنا قد يجد الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" نفسه في موقف محرج فيما يتعلق بقضية التغير المناخي، والذي أعلن "ترامب" بنفسه في أكثر من مناسبة عدم اكتراثه بها.يذكر أنه قبل عدة أيام نشبت حرب كلامية بينه وبين "جريتا تونبرج"، وهي فتاة تعد نفسها المتحدثه باسم الجيل الجديد، حيث اتهمت هذه الاخيرة الرئيس "ترامب" بعدم الاكتراث بقضية الاحتباس الحراري.
2. التحدي الثاني الذي سيواجه "ترامب" هو عدم حضور الدكتور محمد جواد ظريف" وزير الخارجية الإيراني في هذا المنتدى العالمي، وبالنظر إلى التوتر الجديد الذي أشعل فتيله الرئيس "ترامب" في منطقة الشرق الأوسط بالتحديد من إيران وتخبط واشنطن وعدم قدرتها على السيطرة على التوترات السابقة، فإنه يمكن القول أن الرئيس "ترامب" سوف يكون في مرمى العديد من الأسئلة الجديدة في هذا المنتدى، وبالطبع لن تكون إجاباته مقنعة. وفي الواقع، لا يمكن إغفال أن الرئيس "ترامب" الذي سيشارك في هذا المنتدى بالتزامن مع انعقاد جلسة استماع لعزله في الكونغرس الامريكي، قد يستغل هذا المنتدى كفرصة دعائية لإعادة سرد مكاسبه الاقتصادية، خاصتاً وأنه من المتحمل أن يوقع على صفقة تجارية ضخمة مع الصين.