الوقت- بدأت جولة جديدة من الاحتجاجات الشعبية وسط وجنوب العراق وذلك عقب قيام بعض الأحزاب والجهات السياسية بنشر الكثير من الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعية والشبكات الافتراضية ولقد بدأت هذه الجولة الجديدة يوم الخميس الماضي وبلغت ذروتها يوم الجمعة الماضي.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن الحكومة العراقية التي سبق لها وأن اعترفت بمطالب المتظاهرين الذين شاركوا في الجولة الأولى من الاحتجاجات وقامت باتخاذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، اعترفت أيضاً هذه المرة بسلمية احتجاجات الجولة الثانية التي انطلقت قبل عدة أيام في عدد من المدن العراقية، ولكنها دعت المحتجين إلى اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية والابتعاد عن الجماعات السياسية المسلحة التي تسعى إلى تأجيج هذه الاحتجاجات والقيام بأعمال عنف.
كما لفتت تلك المصادر الإخبارية أنه خلال الأيام الأولى للجولة الثانية من الاحتجاجات الشعبية في العراق، تجنّبت قوات الأمن شنّ حملات عنيفة ضد المتظاهرين العراقيين، بل إنها قامت بحراسة الشوارع وساحات الاحتجاجات من دون أن تحمل الأسلحة، لكن الميليشيات المسلحة التابعة لبعض الجهات والحركات السياسية قامت بالدخول وسط تلك التجمعات وقامت بنشر الفوضى وقتل عدد من المتظاهرين.
لقد استغل أعضاء هذه الجماعات السياسية المتشددة هذه الاحتجاجات الشعبية وقاموا بإعطاء الكثير من اتباعهم الأسلحة وإرسالهم إلى وسط تلك الساحات تحت ذريعة أنهم سوف يحمون المتظاهرين ولكنهم للأسف الشديد قاموا بالعديد من أعمال العنف وقاموا أيضاً بمهاجمة عدد من المراكز والمقار الحكومية وبعض القواعد عسكرية، بما في ذلك قواعد التعبئة الشعبية التابعة لقوات الحشد الشعبي العراقي.
كما قامت أيضاً هذه المليشيات المسلحة في الأيام الأخيرة، بإحراق العديد من المراكز الحكومية، وباقتحام مواقع التعبئة الشعبية والاشتباك مع المتظاهرين المسالمين وشنّوا أيضاً انقلاباً ضد الحكومة العراقية.
وفي هذا الصدد قال رئيس الوزراء العراقي، إن هناك أطرافاً تحاول استغلال التظاهرات السلمية في بلاده، وترفع شعارات تهدف إلى تسييس المظاهرات.
كما حذّر "عبد المهدي" من التصعيد في الاحتجاجات، الذي قد يؤدي إلى خسائر بالأرواح، وأكد أن حكومته تضع ضوابط صارمة لمنع استخدام العنف، كما حثّ "عبد المهدي" مجلس النواب العراقي على دعمه لإجراء تغييرات وزارية، ودعا إلى الهدوء بعد 3 أيام من الاضطرابات الدامية التي تهزّ البلاد.
ومن جهته اتهم "جاسم جعفر" النائب العراقي السابق، المخابرات السعودية بتأجيج الأوضاع في محافظات العراق الجنوبية بالتعاون مع قيادات بعثية ومباركة من الإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن التظاهرات سرعان ما انحرفت نحو توجّهات سياسية، وقال إن "التظاهرات خرجت بشكل عفوي إلا أنها سرعان ما توجّهت باتجاه سياسي معادٍ كما جرى في حرق مكاتب الأحزاب السياسية والممتلكات العامة وتعطيل المصالح الاقتصادية في محافظات الجنوب بمخطط معدٍّ سلفاً"، وأضاف إن "ما يجري هو مخطط سعودي وبصمة بعثية وبمباركة أمريكية واضحة"، مبيناً أن "جميع قيادات البعث احتفلت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأعمال العنف التي شهدتها التظاهرات".
في سياق متصل، قال رئيس مجلس محافظة النجف الأشرف "خضير الجبوري": إن "هناك عناصر مندسّة تمكّنت من اختراق التظاهرات التي خرجت في المحافظة، وقامت بحرق بعض المقرات الحزبية ومنازل معيّنة مستغلة المطالب المشروعة للمتظاهرين والمحتجين".
وأضاف "الجبوري": إن "القوات الأمنية نجحت بتشخيص بعض المندسين وتجري حالياً عمليات بحث وملاحقة من أجل تقديمهم للعدالة"، وأكد على وجود معلومات استخباراتية موثّقة تم تداولها في اجتماع مجلس الأمن الوطني، حول وجود أفراد ومجموعات يحاولون استغلال أجواء التظاهر السلمي للاندساس بين المتظاهرين والإيقاع مع أفراد المؤسسات الأمنية وكذلك للقيام بأعمال تخريب وعنف واقتحام مؤسسات ومنشآت الدولة والإضرار بمصلحة المواطن العراقي.
ومن جهته كشف قائد عمليات الفرات الأوسط الفريق الركن "قيس خلف المحمداوي" عن إلقاء القبض على مندسين من خارج المحافظات التي تشهد تظاهرات شعبية ضد سوء الخدمات والبطالة.
وقال "المحمداوي": "إن جميع التظاهرات مشروعة ومطالبها حقة، ونحن كمعنين بالأمر نؤكد أن التظاهرات حق دستوري من شعب خلوق لبّى فتوى المرجعية الدينية العليا لحماية العراق".
وأكد أن "القطعات العسكرية بكل أنواعها تعمل على حماية المتظاهرين المطالبين بحقوق مشروعة"، مطالباً جميع المسؤولين" بدراسة المطالب بجدية والعمل على تلبية ما هو ميّسر"، مبيناً أنه" من المهم جداً أن نكون صريحين مع شعبنا وتلبية مطالبه".
وأوضح أن "كل مؤسسة حكومية هي ملك للشعب وإذا تضرّرت فسيدفع الشعب ثمنه"، مشيراً إلى" إلقاء القبض على أشخاص داخل التظاهرات قادمين من خارج محافظتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة ولا يمتّون بصلة لمطالب المتظاهرين وليسوا معنيين بأي أمر سوى أنهم جاؤوا لاستهداف القطعات العسكرية ورميها بالحجارة وحتى إطلاق نار على المتظاهرين والقطعات الأمنية".
بشكل عام، يمكن القول هنا إن التطورات الميدانية على الساحة العراقية يتحكم بها قسمان رئيسيان، أحداهما يتمثل في عدد كبير من المحتجين الذي خرجوا وشاركوا في هذه الاحتجاجات لمطالبة الحكومة العراقية بإيجاد حلول جذرية للأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها الكثير من أبناء الشعب العراق، والقسم الآخر هو تلك المليشيات المسلحة التابعة لبعض الجماعات والحركات السياسية والتي استغلت هذه الاحتجاجات الشعبية وقامت بالكثير من أعمال العنف والقتل ومهاجمة العديد من المراكز والمقار الحكومية والعسكرية وذلك من أجل تنفيذ بعض الأجندات الخارجية ولهذا السبب اعتقلت القوات المسلحة العراقية عدداً من أولئك المسلحين الذين قاموا بمهاجمة المراكز الحكومية.
ووفقاً للعديد من المصادر الإخبارية، فلقد قامت الحكومة العراقية بالسماح للمواطنين المحتجين الذين طالبوا بإصلاحات اقتصادية وسياسية بالخروج إلى ساحات الاحتجاجات ولم تمنعهم من تنظيم مسيرات سلمية وبالتزامن مع كل هذه الأمور، قامت الحكومة العراقية خلال الفترة الماضية بالإعلان عن عدد من الحزم الإصلاحية تلبية لمطالب المحتجين، لكن التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة العراقية أظهرت أن هناك جهات وحركات سياسية داخلية وخارجية استغلت هذه الاحتجاجات، وركبت على موجة المتظاهرين وقامت بنشر الفوضى في عدد من المدن العراقية وقامت أيضاً بمهاجمة العديد من المقار والمراكز الحكومة وذلك من أجل إجبار الحكومة العراقية على الاستقالة.