الوقت- في أواخر شهر يوليو من هذا العام، غادر الكثير من المستشارين والقوات الأمريكية قاعدة "الوليد" العسكرية الواقعة غرب محافظة الأنبار العراقية القريبة من الحدود السورية وانتقلت إلى قاعدة "عين الأسد" العسكرية الواقعة في شمال محافظة الأنبار.
وتقع قاعدة "الوليد" العسكرية بالقرب من معبر "الوليد" الحدودي الذي يعتبر من أهم المناطق الحساسة في منطقة "الرطبة"، وحتى هذه اللحظة لم يعلن الأمريكيون عن أسباب انسحابهم من تلك القاعدة العسكرية.
ولقد أثار انسحاب ما يسمى بقوات التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، القلق بين أعضاء مجلس محافظة الأنبار العراقية واللجنة الأمنية التابعة لمدينة "الرطبة"، وذلك لأنهم يخافون من وقوع هجوم محتمل على مناطقهم من قبل الخلايا النائمة التابعة لتلك الجماعة الإرهابية، ما دفع السلطات المحلية للمطالبة بتعزيزات أمنية للمدينة، خاصة بعد بث تنظيم داعش منشورات تتضمن تهديداً للسكان والقوات الأمنية.
وحول هذا السياق، قال عضو في مجلس المحافظة: إن "ما حصل بالتحديد هو انسحاب قوة أمريكية كانت تتمركز في قاعدة الوليد العسكرية، تتكون من عشرات الجنود يرافقهم مستشارون، كانوا يقدمون المساندة للقوات الأمنية المنتشرة في المدينة، وعلى رغم الضجة التي أحدثها الانسحاب، إلا أن الواقع الأمني مازال مستتباً ولسنا بحاجة إلى تلك القوات".
مضيفاً: إن "مخاوف السكان وحديثهم في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، جاء بعد رؤيتهم عدة منشورات لتنظيم داعش، هددوا فيها باستهداف السكان والشرطة المحلية، الذي تزامن مع الانسحاب الأمريكي، ليتشكل موقف ضبابي في المدينة، انعكس على محافظة الأنبار بكاملها".
وحسب المعلومات التي تم الحصول عليها، فإن عناصر سرية تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" تنتشر على الحدود المشتركة بين العراق وسوريا وتنتظر فرصة أخرى للهجوم على بعض المناطق الغربية من محافظة الأنبار والسيطرة عليها وخلق حالة من انعدام الأمن في تلك المناطق، بما في ذلك مدينة "الرطبة".
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الظروف الجغرافية للمناطق الغربية من محافظة الأنبار، والتي تحتوي على مساحات صحراوية شاسعة، تعتبر إحدى القضايا التي تسهل على الجماعات الإرهابية شنّ هجمات مفاجئة، ولهذا فلقد نشر الجيش العراقي الكثير من القوات العسكرية في نقاط مختلفة من تلك المناطق للتصدي لأي هجمات إرهابية محتملة.
ووفقاً لبعض المصادر الميدانية، فلقد ظلت قضية انعدام الأمن في محافظة الأنبار على جدول الأعمال لعدة أشهر، حيث اتبع الأمريكيون سياسات مختلفة، بما في ذلك تقديم الدعم الواسع لعناصر "داعش" النائمة في تلك المناطق.
إن تطهير المناطق المحتلة من قبل الجماعات الارهابية في العراق، وخاصة تلك المناطق الواقعة في الجهة الغربية من محافظة الأنبار، ليس شيئاً يريده الأمريكيون لأنه ليس في مصلحتهم، وبالتالي فهم يحاولون جعل المنطقة مشحونة ومتأزمة من خلال استخدام استراتيجيات مختلفة.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن أمريكا قدّمت خلال الفترة الماضية الكثير من الدعم المالي والعسكري واللوجستي للخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش الإرهابي وذلك من أجل مهاجمة مواقع القوات المسلحة العراقية في محافظة الأنبار على طول الحدود السورية العراقية.
وتُظهر التطورات الميدانية الأخيرة في هذا المجال، أن خطة واشنطن لإعادة الحياة لإرهابيي داعش لم تواجه أي مشكلات خاصة، بل إنها تمكّنت من تحقيق بعض أهدافها وانسحاب القوات الأمريكية من قاعدة "الوليد" العسكرية يعدّ علامة على ذلك.
ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أن البيت الابيض قام بسحب الكثير من قواته في عام 2014 من قاعدة "الحبانية"، عشية الهجوم الذي شنّته جماعة داعش الإرهابية على تلك القاعدة وفي وقتنا الحالي أصدر القادة في البيت الأبيض نفس القرار بسحب القوات العسكرية الأمريكية من قاعدة "الوليد" وذلك لمنع حدوث أي أضرار محتملة وقاموا بنقل قواتهم إلى قاعدة "عين الأسد" العسكرية.
ومع انسحاب القوات الأمريكية من قاعدة "الوليد" العسكرية وتقديم البيت الأبيض للكثير من الدعم المالي والعسكري لعناصر "داعش" النائمة، انسحبت مجموعة من القوات العراقية فجأة من منطقة "الرطبة"، ما أثار مخاوف بشأن حدوث هجوم على المناطق الغربية من محافظة الأنبار من قبل تلك الجماعات الإرهابية.
وبالتزامن مع التحركات المشبوهة للقوات الأمريكية في محافظة الأنبار، نشر تنظيم داعش الإرهابي الكثير من المنشورات التي احتوت تهديدات تطرّقت إلى عزمه باحتلال منطقة "الرطبة" وطالبت تلك المنشورات من الناس أن ينضّموا إلى الجماعات الإرهابية وأن يخرجوا من المدينة ويتركوها للعناصر الإرهابية وإلا فإنهم سوف يستخدمون القوة والسلاح لإجبار الناس على ترك تلك المدينة.
ووفقاً للعديد من التقارير الإخبارية، فإن مدينة "الرطبة" تعتبر من أهم المناطق الاستراتيجية وواحدة من نقاط الاتصال على حدود الأردن وسوريا والسعودية، كما أن قربها من معابر "الوليد" و"طريبيل" الحدودية زاد من أهميتها.
وتتصل منطقة "الرطبة" من المحور الشرقي والشمالي بمدن الرمادي والفلوجة وفي النهاية بالعاصمة العراقية بغداد ومعبر القائم الحدودي، وانعدام الأمن في هذه المنطقة يعني أن هذين الطريقين معرّضان للخطر.
كما أن هذه المنطقة الاستراتيجية والمهمة الواقعة إلى جنوب وادي "حيران" الاستراتيجي، تُعدّ واحدة من أكثر المناطق أهمية في العراق، ووفقاً للعديد من المصادر الميدانية، فإن الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش الإرهابي المدعومة من قبل أمريكا تتلقّى الكثير من التدريبات والتعليم في هذه المنطقة.
وفي النهاية لفتت تلك المصادر إلى أن التطورات الميدانية التي وقعت في المناطق الغربية من محافظة الأنبار وعلى الحدود مع سوريا تتجه باتجاه أكثر تعقيداً وبدعم سخي من أمريكا ولهذا فإنه ينبغي القضاء على ما تبقّى من خلايا داعش النائمة في تلك المناطق لكي لا تشكل في المستقبل القريب أي تهديد لكل الأراضي العراقية.