الوقت- إن إعلان وقف عملية إطلاق النار من جانب قوات الجيش السوري في مدينة "إدلب"، يعتبر خطوة إيجابية في مسير معالجة الظروف الصعبة التي تعيش فيها الكثير من أبناء هذه المدينة السورية.
يذكر أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" كان قد تعهد في مفاوضات "آستانا" للجانبين الإيراني والروسي بحلّ المشكلة المتعلقة بمدينة "إدلب"، وأيضاً خلال لقائه مع الرئيس الروسي "بوتين" في مدينة "سوتشي".
لكن للأسف الشديد لا تزال مشكلة "إدلب" معلّقة دون حل، ولا تزال جماعات إرهابية مثل جماعة "هيئة تحرير الشام" و"جبهة النصرة" وغيرها من الجماعات الإرهابية تهدد الأمن والأمان في مدينة "إدلب".
لماذا ستبقى تركيا في سوريا؟
في وقتنا الحالي لا تزال بلدة "عفرين" الكردية الواقعة شمال سوريا، تحتلها قوات المعارضة السورية والقوات التركية التي ما زالت تحتلّ أيضاً بلدتي "الباب" و"جربلس"، وتبذل تركيا في وقتنا الحالي الكثير من الجهود لإقناع الجانب الأمريكي والروسي بالسماح لها بالسيطرة أيضاً على مدينة "منبج" السورية.
وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من المعارضة السورية، تعتزم تركيا دخول المناطق الواقعة شرق الفرات بإذن من أمريكا أو حتى من دون إذن.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، إلى متى ستبقى تركيا في سوريا؟
بالأمس، قال وزير الخارجية التركي "مولود تشاووش أوغلو" خلال اجتماع عقده مع نظيره النرويجي، إن تركيا ستبقى في سوريا حتى يتم تقديم حل سياسي شامل للأزمة السورية.
وتوضّح تصريحات "أوغلو" حقيقة أن تركيا لديها خطة طويلة الأجل من أجل البقاء في سوريا وتعتزم إيجاد أعذار عرضية لتبرير وجودها في العديد من المناطق السورية.
ونظراً لأن الأزمة السورية أصبحت واحدة من أكثر المشكلات السياسية والأمنية تعقيداً في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، فمن غير المرجح أن يتم حلّها بالكامل على المدى القصير، وبالتالي فإن أنقرة تنوي البقاء في سوريا في الوقت الحالي.
مشكلة مدينة "إدلب" من وجهة نظر الرئيس "أردوغان"
قال الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" يوم أمس السبت في الاحتفال بالذكرى الثلاثين لانتصار اكتوبر: "إذا قلنا أن إدلب تعيش في وضع، يستلزم وجودنا فيها، فإنكم سوف تعتقدون بأن هذا التصريح كذبة، لا، إن إدلب لا تعيش في الوضع الذي نريده، في الوضع الحالي، هناك الكثير من المشكلات التي تعصف بمدينة إدلب وهناك آلاف من الأشخاص يفرّون منها ويأتون إلينا. لدينا 12 نقطة مراقبة عسكرية في إدلب، ولقد تمّت مهاجمة نقطتي المراقبة 9 و 10 عدة مرات، ولكننا قدمنا الكثير من التحذيرات خلال اجتماعنا مع الرئيس بوتين".
قضية النازحين من مدنية "إدلب"
بالأمس، أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية النرويجي، تطرق وزير الخارجية التركي "مولود تشاووش أوغلو"، إلى قضية أخرى مهمة، وهي قضية اللاجئين والنازحين، بالإضافة إلى شروط بقاء قوات بلاده على الأراضي السورية.
وقال: "إذا لم تكن هناك فكرة حول معالجة قضية إدلب، فإنه سيكون هناك عشرات الآلاف من النازحين الذين سينتقلون إلى أوروبا".
وكشفت تصريحات "تشاووش أوغلو" حول الأشخاص النازحين داخلياً ولو بشكل ضمني بأن هؤلاء النازحين سيشكلون تهديداً لأوروبا لعدم قدرة الجانب التركي على السيطرة على حركات اللاجئين.
على الرغم من أن الرئيس "أردوغان" كان قد أعلن أنه تم اتخاذ تدابير للترحيب بالنازحين، إلا أن صحيفة "الجمهورية" والعديد من شبكات التلفزيون التركية، ذكرت أن الآلاف من سكان "إدلب" تجمعوا على الحدود السورية، بينما لا يزال الوضع في تركيا غير مناسب على الإطلاق لاستقبال موجة جديدة من اللاجئين.
تركيا وأكراد شمال سوريا
لطالما وجّهت الحكومة التركية أصابع الاتهام لقوات سوريا الديمقراطية الكردية، متهمة إياها بالتواطؤ مع حزب العمال الكردستاني والقيام بالكثير من العمليات الإرهابية.
يذكر أن أمريكا لا تزال تواصل دعمها لهذه القوات الكردية، وهذا هو أحد الاختلافات الرئيسة في العلاقات الحالية بين واشنطن وأنقرة.
وحول هذا السياق، قال الرئيس "أردوغان" أنه أجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، حثّه فيها على الوفاء بالتزاماته لإنشاء منطقة آمنة ومع ذلك، لم يتوصل "ترامب" و"إردوغان" حتى الآن إلى رسم معالم وحدود هذه المنطقة الآمنة.
وعلى الرغم من أن الأمريكيين قدّموا الكثير من التعهدات للجانب التركي بانسحاب القوات الكردية من بعض أجزاء شمال سوريا، إلا أن أنقرة لا تزال تواصل الإصرار على مواقفها السابقة وليس عندها حتى الآن موقف واضح حول مدينة "إدلب".