الوقت- بعد ان فشل العالم في كسر حصار غزة، ها هي الیمن أصبحت الیوم محاصرة من قبل السعودية، حيث بات الحصار البحري والجوي الذي یفرضه الائتلاف السعودي، يفاقم الأزمة الإنسانية في الیمن بشکل غیر مسبوق. حيث لم تعد غزة لوحدها هي من تعاني من شح الدواء والغذاء، بل أصبحت الیمن أيضا تعاني مما تعانيه غزة منذ بدء العدوان السعودي الذي دخل شهره الخامس. سياسة ممارسة الحصار علی الناس في الجزيرة العربية لاجبارهم علی الرضوخ أمام رغبات الملوك، ليست وليدة الیوم، انما تعود جذورها لآلاف السنين، وتذكرنا بحصار المسلمين في «شعب أبي طالب» علی يد المشركين. حيث صارت الیوم امة الرسول محمد (ص) الذي حاصره المشركون في شعب أبي طالب، محاصرة من قبل الملك الذي يدعي انه خادم للحرمين الشريفين!، نعم انه التاريخ يعيد نفسه مرة اخری، فلماذا العالم صامت إزاء هذا الحصار؟
ليس خفيا علی أحد أن السعودية وبعد فشل عدوانها العسكري علی الیمن، تحاول الیوم من خلال ممارسة حصار خانق علی الشعب الیمني، أن تجعله يثور بوجه الجيش الیمني وحرکة أنصار الله، لكن من يعرف هذا الشعب، فانه يدرك أنه شعب أبي لا يمكن أن تنصهر ارادته في بوتقة الضغوط السعودية. طيلة الاسابيع الماضية كثفت السعودية من قصفها لميناء «الحديدة» عن طريق بوارجها في البحر، حيث تم استهداف مخازن الادوية ومحطات الكهرباء، وشبكات الاتصالات ومراكز الاغاثة الإنسانیة في أنحاء اليمن، لخلق المزيد من المعاناة لليمنيين. اضافة الی ذلك تمنع السعودية وصول المساعدات الإنسانية الی ميناء الحديدة خلافا لنص القانون الدولي الذي يؤكد علی ضرورة اغاثة المدنيين عندما تتعرض بلادهم للحرب، بهدف تجويع الیمنیین ورفع عدد القتلی بين صفوف المرضی.
في سیاق متصل وقبل حوالي شهر من الزمن نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، تقريرا بعنوان «الحصار البحري الذي تقوده السعودية يترك 20 مليون يمني في انتظار كارثة إنسانية»، قالت فيه إن «الحظر المفروض على الیمن من قبل الولايات المتحدة والتحالف الذي تقوده السعودية أثر بشكل خطير على الأوضاع المعيشية في الیمن» مؤكدة أنه «يتم منع أغلب السفن التي تحمل مساعدات غذائية وطبية من الوصول للموانئ الیمنية». أما اذا اردنا ان نتحدث عن العرب فانه وللاسف كما صمتوا دولا وشعوبا أمام معاناة اطفال ونساء غزه، فانهم الیوم ایضا صامتون أمام معاناة الیمنيين، وكانه لم یحدث شيء في تلك البلاد.
وفي هذه الاثناء أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة أن استمرار العدوان السعودي علی الیمن يهدد 13 محافظة يمنية وهي أبين وعدن والضالع والمحويت وعمران وذمار وحجة والحديدة ولحج وصنعاء وصعدة وشبوة وتعز، بحدوث مجاعة جماعية. حیث قال المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي لمنطقة الشرق الأوسط، «مهنّد هادي» في بيان له، «نحن نتحدّى الصعاب لنصل إلى عشرات الآلاف من الناس الذين سيعانون الجوع إذا لم يتلقّوا مساعدات غذائية»، واضاف «نعمل في الیمن للوصول إلى الأسر الیائسة غير القادرة على إطعام أطفالها». وكان مهند هادي قد أعلن قبل ذلك أنه رغم بعض المساعدات فانه لازال يعاني مليونا و 600 ألف يمني يقطنون 13 محافظة يمنية من المجاعة ويواجهون خطر الأمن الغذائي.
وقبل بدء العدوان السعودي فان الیمن كان يستورد حوالي 90 في المئة من إحتیاجاته الرئيسية منها المواد الغذائية من الخارج، حيث رفعت الحرب السعودية أسعار السلع في الاسواق الی مستويات جنونية.
وادی العدوان السعودي الی استشهاد 4 آلاف مواطن يمني وآلاف الجرحی وملايين المشردين، حيث شبّه العديد من الخبراء هذا العدوان، بالعدوان الإسرائيلي علی غزة. لكن وبالرغم من جميع هذه المأساة فان السعودية أصبحت عاجزة عن تحقيق انتصار بسيط في الیمن، بعيدا عن الدعاية الإعلامية التي تروج لها في عدن، والتي هي في الحقيقة ليست إلاّ عبارة عن سيطرة مجموعة من المرتزقة وعناصر القاعدة علی بعض مناطق هذه المدينة.
إذن اذا كانت حاجة الدول الی البترول السعودي هي التي تغلق أفواه هذه الدول من أن تصرخ بوجه الرياض لتوقف جرائمها ضد الیمنيين، فان الشعوب ليس لديها ما يمنعها من القيام بذلك، وفي حال استمرت بصمتها، فانها سرعان ما ستخجل من الارواح التي ازهقتها صواريخ الطائرات والبوارج الحربية السعودية في الیمن.