الوقت- يبدو أن ثمة صفقة تبادل أسرى جديدة بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي تلوح في الأفق عقب إشارات حاول الطرفان إيصالها مؤخراً، حسبما يرى كثير من المراقبين.
واشارت مصادر فلسطينية بينها موقع (فلسطين أون لاين) الى أن حكومة الكيان الإسرائيلي عرضت على حركة حماس عن طريق وسيط مصري صفقة تبادل الأسرى بين الطرفين.
وأوضحت هذه المصادر أن بنود الصفقة تتضمن الإفراج عن أسرى فلسطينيين اعتقلوا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة بالإضافة إلى 20 من جثامين الشهداء مقابل جثتَيِ الجنديين الإسرائيليين (هدار غولدن وأرون شاؤول)، فيما اشارت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية الى أن محادثات غير مباشرة جرت مع مصر بهذا الخصوص ولا زال الاقتراح على الطاولة.
وتشير إحصائية رسمية صدرت عن مركز الإعلام والمعلومات الوطني الفلسطيني إلى أن عدد الأسرى الفلسطينيين بالسجون والمعتقلات الإسرائيلية بلغ 8000 أسير، بينهم 240 طفلاً و73 امرأة وفتاة، موزعين على 22 سجناً ومعتقلا إسرائيلياً، وقد سجلت جمعيات حقوق الإنسان استشهاد 103 أسرى من جراء التعذيب. أما الأسرى الإداريون فقد بلغ عددهم 567 أسيراً، فيما ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الكيان الإسرائيلي إلى 180 أسيراً احتجاجا على حملة التنكيل التي تنفذها إدارة السجون بحقهم بعد انضمام 32 أسيراً من حركة الجهاد الإسلامي للإضراب .
وفي وقت سابق اعلن عضو المكتب السياسي لحركة حماس (محمد نزال) ان الحركة أبلغت مصر رسمياً بأن مفاوضات تبادل الأسرى لن تكون متعلقة بالمفاوضات غير المباشرة التي تناقش ملفات التهدئة مع الكيان الإسرائيلي، مشيراً في الوقت نفسه الى أن الوفد المفاوض بخصوص تبادل الأسرى سيكون غير الوفد الذي يقود مفاوضات التهدئة الممثل بكافة الفصائل الفلسطينية.
وقال نزال إن حماس لن تعلن أي تفاصيل حول الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم (كتائب القسام) خلال العدوان الأخير على قطاع غزة والتي أطلق عليها الكيان الإسرائيلي اسم "الجرف الصامد"، مؤكداً أن حماس لن تقدم أي معلومة مجانية بشأن عدد جنود الكيان الإسرائيلي الأسرى لدى المقاومة.
وكانت حركة حماس قد وضعت خلال الأيام الأخيرة لافتات في المفارق الرئيسية من القطاع كتب عليها: "قريبا صفقة وفاء الأحرار 2"، كما تم كتابة شعارات على جدران الشوارع تحمل نفس الكلمات .
وتصر حماس على فصل قضية الأسيرين الإسرائيليين اللذين أُعلن عن فقدانهما مؤخراً (أحدهما من أصول إثيوبية) عن قضية الجنديين غولدن وشاؤول. كما تطالب حماس بالإفراج عن مُحَرري صفقة تبادل الأسرى السابقة مع الكيان الإسرائيلي، قبل البدء بالتفاوض بشأن الجنود الإسرائيليين الأسرى الجدد في قطاع غزة.
واكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (اسماعيل هنية) في وقت سابق انه لا مفاوضات حول عملية تبادل جديدة للاسرى دون ان يفرج الكيان الإسرائيلي عن كافة الاسرى المحررين في صفقة شاليط.
وقال هنية "أكدنا لكل الوساطات التي تحركت من اجل الحديث عن قضية تبادل جديدة أنه لا مضي في أي مفاوضات قبل الافراج عن كل الذين اعتقلهم الكيان الإسرائيلي من محرري صفقة (وفاء الاحرار) دون قيد أو شرط".
وتجدر الاشارة الى أن (وفاء الأحرار) هو الاسم الذي أطلقته حماس على أضخم عملية تبادل مع الكيان الإسرائيلي، حيث تم اطلاق سراح الجندي الإسرائيلي (جلعاد شاليط) مقابل تحرير أكثر من ألف أسير فلسطيني في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، واطلق الكيان الإسرائيلي في حينها على هذه الصفقة اسم "إغلاق الزمن".
وتؤكد حماس أن الكيان الإسرائيلي ليس لديه معيار ثابت بشأن صفقة تبادل الأسرى، مشيرة الى أن العملية صعبة والحديث عنها غامض وقد يتغير في أي لحظة .
وكانت تقارير إخبارية عديدة قد أشارت الى إجراء مفاوضات سرية بين الكيان الإسرائيلي وحركة حماس عبر وسطاء دوليين بينهم مبعوث اللجنة الرباعية الى الشرق الأوسط ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وكان رئيس الوزراء في الكيان الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) قد أعلن عن تعيين العقيد (احتياط) ليؤور لوتان، منسقاً لشؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين خلفاً للمسؤول السابق في المخابرات الإسرائيلية (دافيد ميدان).
ولازالت مفاوضات هذه الصفقة تتأرجح بين تقديرات متفائلة بقرب إبرام اتفاق، وتقارير تفيد بأن هذه المفاوضات قد تكون فشلت، فيما لم يستبعد محللون أن تشهد الأيام القادمة بدء جلسات تفاوضية غير مباشرة للتوصل إلى صفقة تبادل جديدة ستكون بحسب المراقبين كفيلة بتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، وإطالة زمن التهدئة الميدانية في قطاع غزة، مشيرين الى أن كل طرف يعي تماماً أن هذه الصفقة تختلف عن سابقتها، وتحمل في طياتها الكثير من الإنجازات على الصعيدين الميداني والسياسي.
وتوصلت حماس والكيان الإسرائيلي إلى هدنة برعاية مصرية في أغسطس/آب العام الماضي، تنص على وقف إطلاق النار، وفتح المعابر التجارية مع غزة بشكل متزامن، وتسوية مسائل خلافية أخرى خلال مدة محددة، من أبرزها تبادل الأسرى وإعادة العمل إلى ميناء ومطار غزة.
ويبدو أن حماس تدير الصفقة الحالية بحنكة وخبرة عالية ولن تفصح عن أي معلومة بشكل مجاني، وإن أقل ما يجب أن يدفعه الكيان الإسرائيلي من ثمن هو إعادة الأمور الى ما كانت عليه في صفقة (وفاء الأحرار).
ومن المعلوم ان حكومة الكيان الإسرائيلي التي يترأسها نتنياهو تواجه في الوقت الراهن سيلاً من المشاكل السياسية والاجتماعية داخل الكيان ويهمها كثيراً أن تنهي ملف الاسرى مع حماس في أسرع وقت، خصوصاً بعد تزايد حالات الهروب في صفوف الجنود الاسرائيليين خوفاً من الوقوع بأسر الفصائل الفلسطينية المقاومة وفي مقدمتها (كتائب القسام) الجناح العسكري لحركة حماس و(سرايا القدس) الجناح العسكري للجهاد الاسلامي.