الوقت- يشكّل ارتفاع أسعار النفط بالتزامن مع انخفاض حاد في الاحتياطي المالي والعقوبات المالية الأخيرة على طهران تهديداً وتحدياً كبيراً لأنقرة، حيث منعت العقوبات القمعية ضد إيران صادرات النفط والغاز وزادت الأسعار، حتى لو لم تشكل مصدر خطر على تركيا، فإنها ستسبب مشكلات خطيرة بشكل خاص للبلاد، وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة ألجماين الألمانية، يوم الخميس الفائت.
ووفقاً للصحيفة الألمانية، تعدّ تركيا الآن أكبر مستورد للمواد الخام من إيران، وبالتالي فإن الزيادة الحالية في أسعار النفط ستزيد من حجم الأزمة الاقتصادية التركية التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد.
وفي السياق ذاته أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر إلغاء جميع الإعفاءات الممنوحة لثماني دول تتيح لهم شراء النفط الإيراني دون مواجهة عقوبات أمريكية، فيما تعهد بضمان تلقي سوق النفط العالمية إمدادات جيدة.
وبموجب هذا القرار ستواجه هذه الدول الثماني (الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا واليونان وإيطاليا) اعتباراً من مطلع مايو المقبل، عقوبات أمريكية إذا استمرت في شراء النفط الإيراني.
كما قال بومبيو وزير الخارجية الأمريكي يوم الاثنين "إن أمريكا لن تمدد أي إعفاءات تستثني مستوردي النفط الإيراني من العقوبات الأمريكية، وإنه لن تكون هناك فترة سماح للالتزام بالقرار".
على الرغم من أن الصين والهند هما أكبر مستوردين للنفط من إيران، إلا أن تركيا - أكثر من أي بلد آخر - تعتمد على مصادر الطاقة الإيرانية، وفقاً لمنظمة الطاقة التركية EMRA ، ولهذا السبب عارض وزير الخارجية التركي استئناف العقوبات ضد إيران.
كما أشار بومبيو إلى استيراد النفط من السعودية والإمارات للتعويض عن الخسائر الناجمة عن واردات النفط الإيراني في حين أن السعودية لا توفر سوى سدس كمية التصدير الإيراني إلى تركيا.
وفي عام 2017، استوردت أنقرة 11.5 مليار طن من النفط من إيران، وهذا أكثر من مجموع أكبر الدول المنتجة للنفط مثل روسيا والعراق.
تتمتع روسيا بأهمية هائلة بالنسبة لتركيا من حيث صادرات الغاز الطبيعي، لكن الواردات من إيران تتزايد بسرعة أيضاً.
الصين مثل تركيا، تعارض استئناف العقوبات الأمريكية ضد إيران، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، غينغ شوانغ، في مؤتمر صحافي: إن "الصين تعارض بشدة فرض أمريكا عقوبات أحادية"، وأضاف: إن "خطوة أمريكا ستفاقم الاضطرابات في الشرق الأوسط وفي السوق الدولية للطاقة"، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا الاستياء واضحاً فقط، حيث لم تعلن بكين أو أنقرة أنها ستتحايل على العقوبات ضد إيران.
وعلى الرغم من أن الصين قد تحايلت بالفعل على عقوبات إيران، إلا أنها تشعر بالقلق من أن النفط الإيراني يهدد ببداية حرب مع أمريكا، حتى تركيا، التي تعاني الآن من أزمة اقتصادية ليس من مصلحتها زيادة التوتر في أعقاب الصراع الدولي بين تركيا وأمريكا، حيث غادر المستثمرون الدوليون البلاد العام الماضي، ما ترك أثراً هائلاً على قيمة الليرة التركية التي خسرت حوالي 30 ٪ من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، ونتيجة لذلك، تفقد قيمة العملة الوطنية التركية، بعد فترة من التحسّن النسبي في وقت سابق من هذا العام، قيمتها مرة أخرى تحت ضغط العقوبات الأمريكية.
حيث قال ريتشارد جرافسن الخبير الاقتصادي التركي بمعهد الدراسات الاقتصادية الدولية في فيينا :"تركيا في حالة ركود وليرة ضعيفة".
على عكس روسيا، فإن تركيا، التي تعتمد اعتماداً كبيراً على الواردات لحماية نفسها من العقوبات الأمريكية، قد تشتري بالطبع النفط من إيران، حيث إن سعر السلع أهم من مصدرها، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار بشكل مطرد بسبب استئناف وتكثيف العقوبات ضد إيران إلى درجة بيع خام برنت الخام بسعر 74.43 دولاراً يوم الثلاثاء.
وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني، فقد استوردت تركيا ما يقرب من 116 مليون يورو من الغاز الطبيعي والنفط من إيران، ولقد انخفضت التجارة في بورصات السلع الأساسية منذ نوفمبر، لذلك في شهر فبراير، قامت العديد من الشركات الألمانية بإمداد إيران بسلع تبلغ قيمتها حوالي 120 مليون يورو عام 2018، أي بزيادة 42٪ عن العام الماضي.