الوقت- وصل رئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي" يوم السبت الماضي إلى طهران على رأس وفد رفيع المستوى ضم عدداً من المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال العراقيين واجتمع "عبد المهدي" مع الرئيس الإيراني "حسن روحاني" و عدد من المسؤولين الإيرانيين خلال رحلته التي استغرقت يومين للعاصمة الإيرانية طهران وتأتي هذه الزيارة بعد مرور شهر على أول زيارة قام بها الرئيس الإيراني "روحاني" للعراق لتوسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين ومن المقرّر أن يتوجّه رئيس الوزراء العراقي بعد هذه الزيارة على الفور إلى الرياض للاجتماع مع عدد من المسؤولين السعوديين، وهذا الأمر أثار العديد من التكهنات المختلفة تركزت حول أهداف هذه الزيارات التي يقوم بها "عادل عبد المهدي" للمنطقة ولهذا قام موقع "الوقت" التحليلي الإخباري بإجراء مقابلة صحفية مع "حسين رويفران" الخبير في القضايا العراقية لتسليط الضوء أكثر على هذه الزيارات.
الوقت: من وجهة نظرك، ما هي أهداف هذه الزيارة وما هي القضايا الرئيسية التي سيتم التباحث حولها؟
من الطبيعي أن يقوم الجانب العراقي برد زيارة الرئيس "روحاني" الذي زار العراق قبل نحو شهر لتوسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين وخلال تلك الزيارة تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية، وأعتقد أن أحد أهم أهداف هذه الزيارة لرئيس الوزراء العراقي يتمثل في تنفيذ تلك الاتفاقيات، ولكن يجب التأكيد هنا بأن هذه ليست الأهداف الوحيدة لهذا الزيارة. إن هذه الزيارة جاءت عقب إعلان أمريكا أن الموعد النهائي لإعفاءات بعض الدول للتجارة مع إيران قد انتهى وأن هذه الدول يجب أن تتوقف عن التعامل مع إيران ولهذا فإن هذه الزيارة تحمل رسالة واضحة مفادها أن العراق لن يخضع للعقوبات الأمريكية الأحادية الجانب ولن يسمح للدول الغربية باستخدام العراق كأداة ضد أي طرف في المنطقة.
الوقت: لقد تم الحديث كثيراً حول مكانة العراق في السياسة الخارجية الإيرانية، خاصة فيما يتعلق بالعقوبات، وقيل إن بإمكان العراق أن يلعب دور الجسر لمساعدة إيران على التحايل على العقوبات الأمريكية، ولكن برأيك، ما هي المكانة التي تحتلها إيران في السياسة الخارجية لحكومة السيد "عادل عبد المهدي"؟
أعتقد أن العلاقة بين إيران والعراق هي علاقة طيبة وبناءة للغاية وهنا يجب التذكير بأن إيران ساعدت العراق وأنقذته من غزو تنظيم "داعش" الإرهابي له، والآن يساعد العراق الاقتصاد الإيراني في التحايل على العقوبات الأمريكية وسيظل الشعب العراقي يتذكر في المستقبل بأن إيران وقفت إلى جانبهم وقدمت لهم الكثير من المساعدات في أوقات الأزمات، في الوقت الذي تخلت عنهم معظم الحكومات العربية وفي ظل الظروف الحالية، يمكن القول هنا بأن الجهود التي تبذلها السعودية لن تنجح في أخذ مكانة إيران في العراق الذي ينظر دائماً إلى إيران بأنها داعم وحليف استراتيجي له يمكن الاعتماد عليها للتغلب على الأزمات.
الوقت: لقد ذكرت الدور الجديد للسعودية في العراق وكما تعلم أن وفداً سعودياً رفيع المستوى قام خلال الأيام القليلة الماضية بزيارة العراق وقال السفير السعودي بأن بلاده وعدت بتقديم قرض بقيمة مليار دولار وفتح القنصلية السعودية في بغداد ومن ناحية أخرى وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية العلاقات مع السعوديين بأنها استراتيجية.
برأيك، ما مدى الدور الذي يمكن أن تلعبه السعودية في العراق للحدّ من تأثير إيران في العراق؟
لا يمكن مقارنة العلاقات بين إيران والعراق بأي علاقات مماثلة أخرى وذلك لأنه في العام الماضي، سافر 4 ملايين إيراني إلى العراق، وسافر حوالي 3 ملايين عراقي إلى إيران وهذا الأمر يشير إلى أن العلاقات بين هذين البلدين تمتد من الأسفل إلى الأعلى، أي إنها علاقة شعبية تم إضفاء عليها الطابع المؤسسي.
هل هناك مثل هذه العلاقات بين الشعب العراقي والشعب السعودي؟ بالتأكيد لا على المستوى الرسمي، صحيح أن اللجنة العراقية - السعودية المشتركة عقدت مؤخراً بحضور سبعة وزراء سعوديين في بغداد، لكن هل من الممكن أن تكون علاقات العراق مع السعودية علاقة استراتيجية؟ أنا لا أؤمن بذلك.
الوقت: سيقوم رئيس الوزراء العراقي بعد الانتهاء من زيارته إلى طهران بزيارة مماثلة للسعودية.
ما رأيك في هذا الموضوع؟ هل يمكن للعراق لعب دور الوسيط لتحسين العلاقات بين إيران والسعودية؟
إن الزيارة التي سيقوم بها رئيس الوزراء العراقي للسعودية، سوف تركّز على تحسين علاقات بغداد مع الرياض والقضاء على التهديدات الإرهابية وللعب دور الوسيط لتحسين العلاقات بين إيران والسعودية ولقد صرّح العديد من المسؤولين العراقيين دائماً بأنهم على استعداد للقيام بهذا الدور على المستوى الإقليمي لتحسين العلاقات بين دول المنطقة، ولطالما مدّت إيران يدها للسعودية لإنقاذها من مستنقع أخطائها ولهذا فإن لعب الجانب العراقي لدور الوسيط سيكون أمراً إيجابياً وسيخدم أمن واستقرار المنطقة.
الوقت: يعتقد الكثيرون بأن زيارات رئيس الوزراء العراقي المتزامنة لإيران والسعودية ترجع إلى نهج حكومة "عبد المهدي" لموازنة السياسة الخارجية للعراق فيما يتعلق بالعلاقات مع هاتين القوتين المتنافستين في المنطقة.
هل تعتقد أن "عبد المهدي" سينجح في القيام بهذا النهج؟
لقد كانت الأولوية الأولى بالنسبة للحكومة العراقية هي التباحث حول قضية الحرب على الإرهاب، على الرغم من أنه تم القضاء على 95 في المئة من هذه التنظيمات الإرهابية في المنطقة، إلا أنه لا يزال هناك 5 في المئة من تلك الجماعات الإرهابية في المناطق الصحراوية العراقية.
لذلك، فإن الأولوية الأولى للعراق هي القضية الأمنية والمشاركة والتعاون مع السعودية لمنع تدفق هؤلاء الإرهابيين إلى الأراضي العراقية، ومع ذلك، فإن الذاكرة التاريخية للشعب العراقي لا يمكن أن تنسى الظروف التي أودت بحياة ما يقرب من مليون شخص بريء على أيدي تلك الجماعات الإرهابية وأن إيران كانت وما زالت تقف إلى جانب الأمة والحكومة العراقية في حربهم على الإرهاب وأن السعودية هي التي كانت وما زالت تقف إلى جانب تلك الجماعات الإرهابية.
لذلك، فإن طبيعة علاقات العراق مع إيران والسعودية لا يمكن أن تكون في نفس المستوى بالنسبة للشعب العراقي وللحكومة العراقية وصحيح أن الحكومة العراقية تعمل في وقتنا الحالي على الحفاظ على علاقاتها مع السعودية وعلى توسيع علاقاتها مع إيران، إلا أن الشعب العراقي نفسه لديه حدود معينة تتعلق بالعلاقات مع السعودية والتي لا يمكن للحكومة العراقية تجاهلها والتخلي عنها.