الوقت- يواجه اقتصاد الكيان الاسرائيلي مشاكل كثيرة خلال السنوات الاخيرة، ورغم الدعم الامريكي والدولي اللامحدود لهذا الکيان وعلى جميع الاصعدة ومحاولة الحكومات الاسرائيلية المتتالية الترويج للاقتصاد الاسرائيلي الواعد على أنه جنة للاستثمارات الاجنبية الا أن المؤشرات الاقتصادية لا تبشر بالخير. وسط حديث متنامٍ عن نسب عالية من البطالة داخل الكيان وتعطيل مصانع كثيرة وانتقالها الى دول اخرى أكثر أمنا واستقرارا. ومن القطاعات الرئيسية التي يعتمد عليها الاقتصاد الاسرائيلي قطاع السياحة الذي يجلب أكثر من مليار دولار سنويا الى الاقتصاد. والسياحة كانت في حالة نمو كبيرة خلال السنوات الاولى من القرن الحالي. الى أن بدأت مرحلة من التدهور السريع في هذا القطاع خلال السنوات الاخيرة وهذا ما سنلقي عليه الضوء من خلال احصاءات داخلية اسرائيلية.
فقد اعلنت الناطقة بلسان وزارة السياحة في الكيان الاسرائيلي أن نسبة السياح الوافدين الى داخل الكيان قد انخفضت مقارنة بالاعوام الماضية رغم أن نسبة السياحة قد ازدادت عالميا مقدار 50% وذلك منذ العام 2000. ونوهت الى أن ما يزيد عن 200 الف سائح قد الغوا حجوزاتهم الفندقية اثناء العدوان الاخير على غزة، مما اوقع الكثير من الفنادق تحت عجز اقتصادي كبير. كما ونشير الى تعطل حركة الطيران في ذلك الوقت بسبب استهداف المقاومة لمطار بن غوريون مما أصابه بشلل كلف السياحة وقطاعات اخرى خسائر تقدر بملايين الدولارات.
وتشير احصاءات قدمت خلال المنتدى الاقتصادي العالمي حول المقياس الدولي للسياحة والسفر أن الكيان الاسرائيلي قد تراجع عالميا اكثر من 17 مرتبة خلال الفترة الممتدة بين اعوام 2009 و2012 م. ويعتمد المقياس الدولي عدة معايير لتصنيف البلدان من حيث المستوى السياحي. ومن هذه المعايير توفر شبكة بنى تحتية مواصلاتية، ثمن الوقود واسعار الفنادق. هذا وتشير التصنيفات التي اعلنها المقياس أن إلى أن الكيان الاسرائيلي قد تراجع من المرتبة 27 عالميا خلال عام 2009 على صعيد حسن التعامل مع السياح الى المرتبة 68 بتراجع 41 درجة عام 2012. وتتطابق معطيات المقياس العالمي للسياحة وبشكل كبير مع تصريحات المسؤولين في وزارة السياحة الاسرائيلية الذين يعزون الامر الى عدم دعم الحكومة لهذا القطاع.
وفي تقرير جديد صادر عن مكتب الاحصاء المركزي في الكيان الاسرائيلي أفاد أن ما يزيد عن 200 الف سائح انخفضوا في الخمسة الاشهر الاولى من عام 2015 مقارنة مع العام الماضي اي ما نسبته حوالي 20 % مما يؤكد أن انخفاض عدد السياح في تناقص رغم الوضع الامني المقبول خلال الاشهر الماضية.
يشار الى أن السواح الامريكيين هم الاكثر عددا بين الدول الاخرى والجزء الاكبر من هؤلاء السياح هم من اليهود المقيمين في امريكا. والدول الاوروبية تمتلك اكبر نسبة سياح بالاضافة الى دول امريكا اللاتينية بالاضافة الى عدد لا بأس به من اليهود الروس وطبعا وللأسف يوجد سنويا بضعة الاف من السواح العرب الذين يأتون الى الكيان الاسرائيلي لقضاء عطلهم.
أسباب هذا التراجع!
يؤكد الكثير من المحللين الاقتصاديين أن السبب الرئيسي لتدهور السياحة الاسرائيلية وتناقص اعداد السياح بشكل مضطرد انما يعود الى الوضع غير الآمن في الكيان الاسرائيلي والذي بدا واضحا منذ خسارة الکيان عدة حروب متتالية مع حزب الله لبنان ومن ثم مع قطاع غزة. وقد شكلت الحرب الاخيرة على غزة منعطفا كبيرا في أمن الكيان الاسرائيلي، بسبب الفشل الكبير في تحقيق اي من الاهداف التي اعلنتها الحكومة. وبعد أن اثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها على استهداف كافة مدن الداخل الاسرائيلي بصواريخهم، مما أضعف من صورة الكيان الاسرائيلي الآمنة عالميا. حتى أن الكثير من الاسرائيليين أنفسهم قد هاجروا أو سعوا الى مغادرة الکيان خلال السنوات القليلة الماضية هربا من الاوضاع السائدة أمنيا وعسكريا.
ويُعيد محللون اقتصاديون ايضا السبب الى حملات المقاطعة للكيان الاسرائيلي وللمنتجات الاسرائيلية في العالم وخاصة في الدول الاوروبية حيث نجحت هذه الحملات في تقديم الوجه الحقيقي للكيان الاسرائيلي الذي لا يحترم أبسط حقوق الانسان ويمارس ارهابا منظما ضد الفلسطينيين، ويقتل الاطفال بدم بارد، ويعتقل المواطنين الفلسطينيين ودونما اي محاكمات عادلة أو تهم حقيقية. كما وشكلت الحربان الاخيرتان على غزة منعطفا في سير حملة المقاطعة كاشفة الجرائم الاسرائيلية بحق الانسانية جمعاء.
الغلاء وفقدان المعاملة الجيدة ايضا من الاسباب التي جعلت السواح يمتنعون عن القدوم الى الكيان الاسرائيلي. فاسعار الفنادق ترتفع ارتفاعا جنونيا اثناء المواسم بسبب الاحتكار كما وتشير تقارير صحفية اوروبية الى أن الموظفين في قطاع الخدمات في الكيان الاسرائيلي لا يتعاملون باحترام مع السواح مما اعتبروه سببا في نفور الكثير منهم، وهذا الموضوع يؤكده التراجع الكبير في رتبة الكيان الاسرائيلي عالميا من حيث المعاملة الجيدة للسواح.