الوقت- ضجت الصحف ومحطات الإعلام العربية والعالمية منذ بضعة أيام بجريمة حرق الطفل الفلسطيني "علي دوابشة"، وتضاف هذه الجريمة إلى الجرائم التي يتعرض لها أطفال اليمن منذ بضعة أشهر، إذ وصل عدد الأطفال اليمنيين الذين استشهدوا بنيران القذائف السعودية إلى أكثر من 279 طفلاً بالإضافة إلى إصابة ما يزيد عن 402 آخرين حسب ما أعلنته اليونيسيف في شهر يونيو/حزيران الفائت؛ هذه الجرائم التي يتعرض لها أطفال اليمن والأطفال الفلسطينيون تثير تساؤلاً حول طبيعة الدوافع الكامنة وراء هذا النوع من الإنتهاكات في فلسطين واليمن.
إذاما سلطنا الضوء على تاريخ الكيان الإسرائيلي سنجد أن إحراق الرضيع "علي" ليس الأول من نوعه، فماضي الإسرائيليين يغص بهذا النوع من الجرائم، ونظرة إلى الماضي القريب كفيلة بأن تُثبت هذا، ففي يوليو/تموز من العام الفائت تعرض الطفل أحمد أبو خضير إلى الخطف والتعذيب على أيدي مستوطنين أكملوا إجرامهم بحرق "أبو خضير" حياً، وإذا تعمقنا أكثر في التاريخ نجد أن عام 2006 شهد حادثة مشابهة، فلقد نجا فلسطيني من محاولة مستوطنين إسرائيليين إحراقه حياً في مدينة نابلس، بالإضافة إلى الكثير من الانتهاكات المماثلة والتي يغص بها عام 1948 المليء بجرائم تدمير وإحراق البيوت بمن فيها وكل هذا يشير إلى أنّ هذا النوع من الجرائم متأصل في بنية الكيان الإسرائيلي وهو جزء من إيديولوجيته.
أما بالنسبة إلى الجرائم التي تحرق براءة أطفال اليمن فإنها نتاجُ فكرٍ عبّر عنه "سعد الدريهم" وهو شيخ وهابي سعودي، إذ دعا إلى قتل المسلمين الشيعة رجالاً ونساءً وأطفالاً في تغريدةٍ أطلقها على موقع التواصل الإجتماعي تويتر، واللافت أنّ "الدريهم" هو عضو هيئة التدريس بجامعة "الإمام محمد بن سعود"، أي أنه ينقل هذا الفكر إلى طلابه والدارسين على يده، وفي هذا السياق قامت جماعة ما يسمى "دور القرآن" بتوجيه دعوات إلى حرق "الشيعة"، وجماعة "دور القرآن" هي جماعة وهابية في المغرب يتزعمها تلميذ مفتي السعودية "ابن باز" والمعروف بـ"الشيخ المغراوي".
إذاً فالإيديولوجية الوهابية هي التي تكمن وراء العدوان السعودي على اليمن وهي التي تقدم له الدعم الفكري والعقائدي، وهي أصل الجرائم والإنتهاكات التي يتعرض لها أطفال اليمن ونساؤه، الأمر الذي يشكل إحدى نقاط التقاطع مع الفكر والعقيدة الإسرائيلية التي تدعو إلى الإعتداء على الشعب الفلسطيني وحرق أطفاله، ولا يتوقف الأمر هنا فحسب، فدول العالم تشكل بِصمتها المطبق إحدى الدعائم الأساسية لهذا الفكر الإجرامي الذي يُنفّذ في اليمن وفلسطين.
ورغم أن جريمة إحراق الطفل الفلسطيني لاقت العديد من الإدانات الدولية، إلا أنّ هذه الإدانات ليست إلا شعارات اعتادت الدول على إطلاقها، والإدانة الكلامية لاتكفي، فجرائم الكيان الإسرائيلي ليست جديدة وغالبية دول العالم وحتى العربية منها لم تتخذ أي موقف جدي لمنع هذه الجرائم وتكررها، وكذلك العدوان على اليمن فإنه لاقى تأييداً عربياً وغربياً بدل أن يتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد السعودية لإيقاف العدوان والانتهاكات، وهذا السكوت المطلق الذي تواجه به الدول الغربية والعربية إنتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين واليمن يشجع أصحاب الفكر الإرهابي والتوسعي على فرض سطوتهم على الشعوب، إذ لا رادع يردع ولا مانع يمنع فهل ستكون النتيجة غير ما نراه ونشاهده في هذين البلدين.
وعلى هذا يمكن أن نقول إن إيديولوجية القتل الإسرائيلية الوهابية، والصمت الدولي، والشعوب العربية والإسلامية يشكلون مثلثاً أشبه ما يكون بمثلث الإحتراق، وكما في قواعد الدفاع المدني طالما أن العناصر الثلاثة موجودة فإن النيران ستبقى وتتوسع، أي أن جرائم حرق أطفال المسلمين وقتلهم ستستمر إلا إذا كسرنا أحد أضلاع هذا المثلث، وكوننا نريد حفظ الشعوب الإسلامية والعربية فعلينا إما أنْ نحارب هذا الفكر الإجرامي الإرهابي أو أنْ نُخرج أكثر من 200 دولة في العالم من صمتها وتواطئها!