الوقت- تشهد الأسواق العالمية حالياً زيادة في سعر النفط، ويرجع ذلك إلى التأثير الكبير الذي يحمله سعر حاملات الطاقة، وخاصة النفط، على الدورة الاقتصادية العالمية، وفي هذه الأيام، تتم مناقشة هذا الموضوع في العديد من الدوائر السياسية والدبلوماسية، وخاصة في خطابات قادة الدول في الأمم المتحدة وتشير العديد من المصادر الإخبارية بأن أسعار "نفط برنت" شهدت ارتفاعاً كبيراً في بداية عملية التداول يوم الثلاثاء الماضي، حيث وصلت إلى مستوى قياسي وتوقفت عند 82.55 دولاراً، وهو أعلى سعر وصلت إليه قيمة النفط خلال السنوات الأربع الماضية ولقد أثار هذا الموضوع حفيظة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، حيث صرّح "ترامب" بأن منظمة "أوبك"، ما هي إلا مؤسسة تقوم بسرقة جميع دول العالم وتقوم باحتكار سوق النفط لمصلحتها وأعرب بأن أمريكا تدعم العديد من الدول الأعضاء في هذه المنظمة العالمية ولكن تلك الدول المصدرة للنفط والعضوة في منظمة "أوبك" تعمل على رفع سعر النفط في الأسواق العالمية، وتابع، قائلاً: "من الآن وصاعداً، لن أقبل هذا الارتفاع في أسعار النفط"، ولهذا فلقد دعا "ترامب" الأسبوع الماضي إلى زيادة إنتاج نفط منظمة "أوبك" ولكن المراقبين يتوقعون بأن يستمر هذا الارتفاع في الأسعار إلى أن يبلغ سعر البرميل الواحد على الأقل 90 إلى 100 دولار بحلول نهاية العام الحالي.
لماذا يرتفع سعر النفط في الأسواق العالمية؟
تنبّأ صندوق الطاقة العالمي "آشبورتون إنرجي آوتلوك"، بأن الأسعار ستصل إلى أكثر من 90 دولاراً بحلول نهاية العام الحالي، بسبب "انخفاض العرض وزيادة الطلب وانخفاض احتياطي النفط في العالم"، حتى أن بعض التجار مثل مجموعة "ميتسوبيشي يو إف جي" المالية، أعلنوا بأن سعر النفط سيصل إلى 100 دولار بحلول نهاية هذا العام.
ويرجع أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع أسعار النفط في العالم إلى إحساس أسواق الطاقة العالمية بالخطر جراء انخفاض الإنتاج خلال الأشهر المقبلة وعندما أعلنت واشنطن بأنها سوف تطبّق في نوفمبر المقبل كامل العقوبات على النفط الإيراني وأن إنتاج إيران من النفط سوف يصل إلى الصفر، انتشرت العديد من التقارير التي تفيد بأن المنتجين الرئيسيين للنفط مثل السعودية، أعلنت بأنها على استعداد لتعويض العجز الذي سوف يسببه النفط الإيراني ولكن الأسواق العالمية يراودها الكثير من الشكوك بأن الرياض تستطيع تعويض ذلك العجز.
ونتيجة لكل تلك المخاوف من انقطاع إمدادات النفط، فإنه من المؤكد أن يزداد الطلب على هذه السلعة الثمينة في المستقبل القريب وذلك بسبب أن بعض البلدان الآسيوية، مثل الصين والهند، تشهد نمواً سريعاً في مجال التصنيع وللحفاظ على هذا النمو فإن هذه الاقتصادات تحتاج على نحو متزايد لهذه الشرايين النفطية التي تغذي احتياجاتها من الطاقة وهذا الأمر ساهم في ارتفاع مستوى الطلب العالمي على النفط ومن ناحية أخرى، يُعدّ التهديد الأمريكي، لفنزويلا التي تُعدّ إحدى الدول المنتجة للنفط في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، سبباً آخر لارتفاع أسعار النفط بنسبة 2٪ خلال الأيام القليلة الماضية ونظراً لفرض أمريكا التي تُعدّ السبب الرئيسي في تقلّبات سوق النفط، خلال الفترة الماضية الكثير من الضغوط على البلدان المنتجة للنفط في منظمة "أوبك" بسبب ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية، فهي بذلك أصبحت هي المدعية والمحامية التي تتظاهر بأنها ترفض تلك التقلّبات.
آثار ارتفاع أسعار النفط على الاقتصاد العالمي
منذ منتصف الخمسينيات أصبح النفط أهم مصدر للطاقة في العالم وأصبحت هذه السلعة الاستراتيجية هي القوة الدافعة لهذا العالم الصناعي وقد لعبت دوراً مهماً في هذه الحياة الحديثة وساعدت على إنتاج العديد من المنتجات التي يحتاجها الإنسان في حياته اليومية ويمكن أن تؤدي الزيادة في أسعار النفط إلى زيادة في قيمة الدولار، وبالتالي، سيؤثر ذلك على سعر الأسهم في أمريكا، ما قد يؤدي إلى انخفاض نمو سوق الأوراق المالية وحول هذا السياق قال "جريج ماك" خبير الأسواق المالية في معهد "أكسي تريدر" خلال مقابلة أجراها مع وكالة "فرانس برس": "مع ارتفاع أسعار النفط، وتزايد الضغوط على الأجور واستمرار تعزيز الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الثاني من العام الحالي، فإنه من المتوقع أن البنك المركزي الأمريكي، سوف يصل إلى نتيجة مفادها بأنه من الضروري الاستمرار في زيادة سعر الفائدة وبهذا، فإنه سيتم بيع المنتجات والسلع الأمريكية في الخارج بشكل أكثر تنافسية، وهذا الأمر من شأنه أن يقلل من أرباح الشركات الأمريكية وإلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي" ومن ناحية أخرى، فإن تأثير ارتفاع أسعار النفط على نمو الاقتصادات الناشئة، يمكن أن يسبب الكثير من المشكلات للدورة الاقتصادية العالمية وقد تضطر هذه الدول إلى تخفيض الضرائب على الشركات من خلال زيادة تكاليف الإنتاج، وبالتالي ستواجه تلك الدول عجزاً كبيراً في الميزانية ولذلك، فإن أي انخفاض في إمدادات النفط في الأسواق العالمية سيزيد من التحديات الاقتصادية في البلدان الناشئة مثل تركيا والأرجنتين.
