الوقت- فشل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في ادارة أزمات بلاده ووضعها على المسار الصحيح، لا بل ساهم في اضافة أزمات جديدة لا حصر لها، من أبرزها المشاكل العسكرية(اليمن، سوريا) والمشاكل السياسية (قطر، لبنان، العراق، تركيا، كندا، المانيا والسويد وغيرها) ليضيف إلى هذا فشلاً مدويا في الاقتصاد، حيث يأخذ هذا الفشل اليوم البلاد نحو المجهول، فماذا قدم بن سلمان لبلاده اقتصادياً؟!
في يناير/كانون الثاني من العام 2016 طرح ولي العهد السعودي بيع حصة 5 % من شركة أرامكو النفطية العملاقة، وكانت الغاية حينها تنويع اقتصاد المملكة ضمن اطار رؤية ولي العهد الجديدة والتي أطلق عليها حينها اسم "رؤية 2030"، ولكن بعد سنتين من هذا الطرح ماذا حصل؟!.
يوم الأربعاء الماضي نشرت وكالة رويترز تقريرا هز الأوساط السعودية وسبب لها حالة ارباك غير مسبوقة، فقد نقل التقرير على لسان مصادر لم تسمها "رويترز"، أكدت فيه قيام المملكة بإلغاء الطرح وتسريح مستشاري العملية التحضيرية له. وأصرت رويترز على موقفها، إذ أعادت نشر تقرير إلغاء الطرح مرة أخرى، يوم الخميس، عقب النفي السعودي.
وبما ان الأمر يشكل احراج كبير لولي العهد الذي يقود مسيرة "اصلاحية" غريبة الأطوار ويعد شعبه بتحسين الاقتصاد، لهذا سارعت السعودية عبر وزير الطاقة، خالد الفالح، يوم الخميس الماضي، لنفي نيتها إلغاء الطرح الأولي العام لشركة "أرامكو". ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس)، عن الفالح قوله: "رداً على ما تناقله عدد من وسائل الإعلام، عن نية إلغاء الطرح الأولي العام لأرامكو، ننفي هذه التقارير" ، واصفا إياها بغير الصحيحة، مؤكدا ان "الحكومة لا تزال ملتزمة بالطرح الأولي العام لأرامكو السعودية وفق الظروف الملائمة وفي الوقت المناسب الذي تختاره الحكومة".
وبين التأكيد والنفي يبقى موقف الرياض غامضا تجاه هذا الطرح وكيفية اجراءه وموعد تنفيذه، خاصة وإن الشكوك تعززت بعد تقرير "رويترز" حول تسريح المستشارين الماليين للإدراج مع تحول اهتمام المملكة صوب استحواذ مقترح على "حصة استراتيجية" في مُصنع البتروكيماويات المحلي الشركة السعودية للصناعات الأساسسية (سابك)، فيما قال مصدر آخر أن "قرار إلغاء الطرح اتُخذ منذ فترة، لكن لا أحد يستطيع الكشف عن ذلك، لذا تمضي التصريحات تدريجيا في ذلك الاتجاه - أولا التأجيل ثم الإلغاء".، مؤكدًا أنه "حتى الطرح المحلي في بورصة تداول تقرر تجميده".
وهذا يذكرنا بتحليل الاقتصادي السعودي البارز عصام الزامل الذي قال حين طرح هذه الفكرة على حسابه على "تويتر" : "ضعوها بالمفضلة.. أرامكو لن تطرح للاكتتاب أبدًا" ردا على تصريحات وزير الطاقة حينها بأن الطرح سيكون بداية 2018، حينها أثارت تلك التغريدة حالة من الجدل داخل الشارع السعودي وكانت السبب – بحسب الكثيرين – في اعتقاله، واليوم على مايبدو أصبح كلام الزامل حقيقة، فعلى مدى عامين تقريباً، قال المسؤولون السعوديون مراراً وتكراراً إن الطرح العام الأولي كان "على المسار الصحيح، وفي الوقت المناسب" للنصف الثاني من عام 2018، ولكن حتى اللحظة لم يظهر الخيط الأسود من الأبيض، فلماذا كل هذا التأخير؟!.
أولاً: كشف خبراء أن التردد والتأخير في عملية الاكتتاب يعودان إلى عدم قدرة الشركة السعودية على توليد تقييم بقيمة تريليوني دولار الذي سعى إليه ولي العهد وربما يصل إلى 2.5 تريليون دولار. غير أن معظم المحللين والمستثمرين، وفق بلومبيرغ، قالوا إن سعر تريليون إلى 1.5 تريليون دولار أكثر واقعية.، والمخاوف القانونية من أن الطرح العام الأولي قد يستدعي تدقيقاً غير مسبوق للشركة، ومن ثم كان التأجيل هو الحل.
ثانياً: أشار تقرير "وول ستريت جورنال" اليوم، إلى أن "الحكومة في الرياض تصر على أنها ستمضي قدماً بطرح أرامكو عندما تصبح الظروف أمثل، لكن كان من الواضح أن الاستعدادات لبيع حوالي 5 ٪ من الشركة، في أفضل الأحوال، فقدت زخمها".
وشرح التقرير المنشور على الموقع الأمريكي، أنه "لقد أدى انتعاش أسعار النفط إلى تقليص الحاجة الملحة إلى تحرك المملكة العربية السعودية لتنويع اقتصادها، أي جمع الأموال للاستثمارات في القطاعات الجديدة مثل التكنولوجيا، كأحد الأسباب الرئيسية للاكتتاب العام".
وهناك مؤشرات تشير بأن ولي العهد أصبح بعيدا جدا عن بيع حصة من أرامكو بعد الأخبار المتداولة حاليا، عن أن الصندوق السيادي السعودي بصدد اقتراض ما يصل إلى 12 مليار دولار من بنوك عالمية بعد ما أثير بشأن تجميد خطط الطرح العام الأولي لشركة أرامكو، بحسب ما أفادت صحيفة فايننشال تايمز نقلا عن مصادر لافتة في تقرير لها أنه من المتوقع مشاركة نحو 16 بنكا في عملية الإقراض على أن يتم اختيار البنوك الرئيسية في وقت لاحق، ولجأت السعودية للاقتراض بعد أن أجلت أو ألغت إدراج شركة أرامكو النفطية العملاقة في البورصة، وهي الخطوة التي كانت تعوّل عليها في جمع مئة مليار دولار، عوضا عن بيع حصة من ارامكو، ورأى محللون ومستثمرون أن تأجيل السعودية بيع حصة من شركة أرامكو يمثل ضربة كبيرة لمصداقية ولي العهد محمد بن سلمان، ولا سيما مع الأزمات السياسية التي تورطت فيها المملكة إقليميا ودوليا.