الوقت- من فمك أُدينك، هذا هو الحال الذي بات يُعبّر عن تصريحات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة بسوريا، فبعد كل الحشد الذي حشدته "إسرائيل"، ودعمها اللامتناهي لمجاميع الإرهابيين في سوريا، خرج وزير حرب الكيان الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ليؤكد أنّ سوريا عززت حجم قواتها البرية ليتجاوز المستوى الذي كان عليه قبل بداية الأزمة في سوريا، وأضاف: "في الجهة المقابلة نرى الجيش السوري، الذي لم يكتف بالسيطرة على كل الأراضي السورية، يبني جيشاً برياً جديداً له قاعدة عريضة وسيعود إلى حجمه السابق إن لم يكن أكبر"، الأمر الذي يُشير إلى أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي باتت في حالة من الترقّب لما قد يصدر عن الجيش السوري بعد أن أحكم سيطرته على أغلب المناطق في سوريا.
بهذه الكلمات وصّف وزير الحرب الصهيوني قدرات الجيش السوري، في إشارةٍ منه إلى أن الجيش السوري تعافى بعد التراجع الكبير الذي أصاب أعداد أفراده خلال المراحل الأولى من الأزمةِ السورية، حيث تأثر الجيش السوري نتيجة هروب أعداد كبيرة من الخدمة في السنوات الأولى من الحرب، التي بدأت عام 2011.
الأيام الصعبة
أيام سوداء عبوس تلك التي عاشها الجيش السوري مع بداية الحرب على سوريا، خصوصاً بعد أن تسرّب عدد من عناصره من الخدمة العسكرية، والتحاق أقليّة أخرى بالمجموعات المسلحة، تمثلت تلك المرحلة بتوسّع نشاط المجموعات المسلحة وسيطرتها على مساحاتٍ شاسعة من الأرض السورية، الأمر الذي ترافق بسقوط آلاف الشهداء من عناصر الجيش السوري.
أكثر من ذلك، فإنّ الدعم الكبير واللامحدود الذي تلقته المجموعات المسلحة، رافقه حصارُ ظالم وجائر على السوريين عموماً، وعلى الجيش السوري خصوصاً، الأمر الذي أفقد الجيش السوري قدرته على الحصول على أسلحةٍ جديدة، أو تطوير ما يمتلكه من أسلحة قديمة، وهو ما أدّى في نهاية الأمر إلى إضعاف الجيش السوري وخسارته لعدد من المناطق الاستراتيجية والمهمة على مساحة الأرض السورية.
من تحت الرماد
ومع دخول الحلفاء للحرب على الإرهاب في سوريا، بدأ الجيش السوري باستعادة توازنه وأخذه زمام المبادرة، خصوصاً وأنّ الجيش السوري وبعد سنواتٍ عدّة من الحرب أخذ الكثير من الدروس والعبر، والتي تمّ الاستفادة منها في فهم طبيعة الحرب وأنماطها، وأصبحت خبرته العسكرية لا تُقارن بالخبرة ذاتها التي كان يمتلكها قبل الحرب.
وفي فترةٍ وجيزة تمكّن الجيش السوري من بسط نفوذه على الغوطة الشرقية، ليتجه جنوباً بعدها ويُسيطر على محافظة درعا وريفها الشاسع، ومن ثمّ يُسيطر على محافظة القنيطرة التي تحاذي الجولان المحتل، وبعد هذا التحرير أحكم الجيش السوري سيطرته على كل المنافذ الحدودية مع الجارة الجنوبية، بالإضافة لسيطرته على كامل الشريط الفاصل مع الكيان الإسرائيلي، وبهذه السيطرة قطع الجيش السوري كل خطوط الإمداد من الأردن والكيان الإسرائيلي، لُيرحّل بعدها جميع المسلحين الرافضين للتسوية مع الحكومة السورية إلى الشمال السوري، وينضموا إلى بقيّة المسلحين الذين تمّ ترحيلهم من مختلف المناطق السورية إلى محافظة إدلب.
العين بالعين
الإنهاك والتعب الذي أصاب الجيش السوري خلال "السبع العجاف" من الطبيعي أن يُصاب به أيّ جيش بالعالم، الأمر الذي سمح لقوات الكيان الإسرائيلي أن تُعربد في الأجواء السورية دون حسيبٍ أو رقيب، حيث قام طيران العدو بعدّة هجماتٍ استهدفت بمجملها مراكز الأبحاث العلمية السورية، وبعض قطع الجيش السوري التي كانت تُهدد قوات الاحتلال.
غير أن هذا الإنهاك الذي أصاب الجيش السوري لم يكن كلّه شر، إذ إنّ الجيش السوري اليوم استطاع وفي فتراتٍ قليلة أن يستعيد كل ما خسره على مساحة الأرض السورية، كما أصبح قادراً على الوقوف بوجه الكيان الإسرائيلي وردُّ هجماته الجوية وإسقاط طائراته الحربة التي تُعدّ الأحدث في العالم (F35)، بل أصبح الجيش السوري قادراً على الهجوم على مواقع الكيان الإسرائيلي في الجولان المحتل، وحدث ذلك في أكثر من واقعة، ناهيك عن تسيير الطائرات من دون طيار التي أقلقت دفاعات الكيان الجوية.
خلاصة القول.. إنّ الانكسارات التي تعرّض لها الجيش السوري خلال الأزمة التي حلّت ببلاده حوّلها لاحقاً إلى انتصارات كبيرة لا تتوقف على تحرير أرضه من القوى الإرهابية، بل تعداها إلى مجابهة العدو الإسرائيلي وإسقاط طائراته، وبتأكيد وزير دفاع الكيان الإسرائيلي فإنّ الجيش السوري وبعد أن عاد إلى سابق عهده، فإنّه بدأ يبني قدراتٍ لم تكن موجودة لديه قبل الأزمة، بحسب توصيف الوزير، ناهيك عن خبرته الكبيرة التي اكتسبها خلال مواجهة وطرد الإرهابيين من أرضه، الأمر الذي لن يقلق إلا "إسرائيل" خصوصاً وأنها الداعم الأكبر لقوى الإرهاب في سوريا، واليوم بدا واضحاً أن الجيش السوري قادر على ردع الكيان الصهيوني ومواجهته في أيّ معارك لاحقة.