الوقت - خلال الشهر الماضي، اتخذ الكيان الإسرائيلي عدة إجراءات مهمة لمواجهة قوة حماس البحرية، ومن بين هذه الإجراءات قيامه بفرض حصار بحري على طول شواطئ قطاع غزة إضافة إلى تدميره للأنفاق البحرية ورفع السواتر الترابية والحديدية، وتُظهر هذه الإجراءات والأعمال الصهيونية الأخيرة مخاوفهم من قوة حماس البحرية المتنامية والتي تتطور يوماً بعد يوم لتصبح "قوة استراتيجية تتمتع بها المقاومة الفلسطينية" بحسب وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمن.
الغموض في قوة حماس البحرية أساس المخاوف الإسرائيلية
وفيما يتعلق بقدرات حماس البحرية، بما في ذلك عدد الغواصين وقوات الكوموندوز والقوارب السريعة وغيرها من الأمور، لا توجد معلومات دقيقة، ففي العام الماضي أشارت بعض التقارير الإعلامية للجيش الإسرائيلي إلى أن إمكانيات حماس البحرية قد زادت بشكل ملفت وهي مبهمة.
وعلى سبيل المثال، أعلن الجيش الصهيوني في 10 حزيران / يونيو من هذا العام أنه استهدف مجموعة من الغواصات التي تقودها حماس والتي تنوي الحركة استخدامها في عملياتها البحرية، كما أفادت صحيفة يديعوت أحرنوت الخميس، 14 يونيو/حزيران، أن الوحدة "شييطت 13" والفرقة رقم 916 المسؤولتان عن حماية الحدود البحرية قامتا بأكثر من 30 هجوماً على وحدات حماس البحرية، وأفادت الصحيفة العبرية بأن سلاح الجو الإسرائيلي قام بتدمير نفق بحري لحركة حماس شمال قطاع غزة، حاولت الحركة الفلسطينية من خلاله القيام بعمليات إرهابية بحرية، ونقل عتاد ومؤن عسكرية عبر البحر، وذلك قبل عشرة أيام مضت، وهو النفق الذي قال عنه ضابط بحري إسرائيلي بارز إنه جزء من محاولات الحركة الفلسطينية القيام بعمليات عسكرية ضد "إسرائيل"، منذ نهاية حرب "الجرف الصامد"، إضافة إلى أن حماس تقوم بتدريبات للمئات من الغواصين على استهداف "إسرائيل"، ما استدعى بدوره نشر سلاح البحرية الإسرائيلية لقواتها على طول الحدود مع قطاع غزة.
إحدى النقاط الرئيسية حول قوة حماس البحرية هي الخوف الصهيوني من وصول الزوارق الإيرانية السريعة إلى المقاومة، حيث نقلت صحيفة جيروزاليم بوست الصهيونية في تقرير لها عام 2016 نقلاً عن مسؤولين بالبحرية: "لقد أخذت حماس تكنولوجيا تطوير الزوارق البحرية السريعة من إيران وهي ستستخدمها ضد سفن الكيان الإسرائيلي في أي حرب قادمة".
عمليات حماس في المجال البحري
1-عملية زكيم.. بداية العاصفة
عملية زكيم هي هجوم وعملية إنزال عسكرية من البحر نفذتها الضفادع البشرية التابعة لكتائب القسام الجناح العسكري لحماس على قاعدة زكيم العسكرية الإسرائيلية في عسقلان.
ففي مساء الثلاثاء 8-7-2014م قامت كتائب القسام أول بعملية كوماندوز بحري قسامية، وقد نفذها أربعة من مقاتليها عبر البحر الأبيض المتوسط، حيث هاجموا موقع زكيم العسكري وقاعدة سلاح البحرية وأوقعوا خسائر محققة في صفوف العدو، وهو ما أكده قائد المجموعة في اتصال مع القيادة، وقد أظهر الفيديو المسرّب من داخل الموقع تمكّن مجاهدي القسام من ملاحقة آليات الاحتلال وتفجير إحداها من مسافة صفر، وقد استشهد المجاهدون بعد تعرّضهم للقصف خلال انسحابهم من الموقع.
2-إطلاق صواريخ على البحر
تثير التجارب الصاروخية التي تجريها حماس قبالة سواحل قطاع غزة قلق "إسرائيل"، وبحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، فإن كتائب القسّام، تجري تجارب شبه يومية لصواريخ تطوّرها وحدة التصنيع التابعة لها، تحسبّاً لأي مواجهة عسكرية جديدة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، ويبدو أن تل أبيب تتخوف من أن تكون عمليات إطلاق الصواريخ مقدّمة لاستهداف منصّات الغاز التي تعمل قبالة سواحل قطاع غزة.
3-إنشاء أنفاق في البحر
ومن بين القدرات الأخرى التي تخيف الكيان الإسرائيلي استحداث حماس لأنفاق بحرية تستطيع من خلالها نقل غواصيها ومقاتليها من غزة إلى مناطق أخرى داخل الكيان الإسرائيلي، وقد قامت طائرات الجيش الإسرائيلي خلال الشهر الماضي بتدمير نفق بحري شمال قطاع غزة هو الأول من نوعه، وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن "النفق التحت مائي كان بعمق عشرات الأمتار تحت سطح الماء، وتوغّل في مياه البحر بحيث لا يمكن رؤية استعدادات الكوموندوز البحري لحماس عند دخوله لتنفيذ عمليات ضد شاطئ زكيم (القريب من القطاع) أو محطة الطاقة الاستراتيجية في مدينة أشكلون" المجدل عسقلان التي تبعد نحو 15 كيلومتراً عن شمال القطاع.
أساليب مواجهة الصهاينة للقدرات البحرية لحماس
1-الحصار البحري
مضى على الحصار البحري الصهيوني المفروض على قطاع غزة، أكثر من 10 سنوات، مارست خلاله آلة الإرهاب "الإسرائيلية" كل أشكال القتل والتدمير بحق الفلسطينيين، وخلّفت وراءها معاناة إنسانية لأكثر من مليون شخص كان البحر منفذهم الوحيد إلى دول العالم الخارجي، ويعدّ هذا الحصار من أطول الحصارات البحرية التي عرفها التاريخ البشري.
2-إجراء التدريبات العسكرية
وتعد واحدة من الإجراءات الإسرائيلية في سبيل مواجهة قوة حماس البحرية، قيام الكيان بمناورات بحرية، وعلى سبيل المثال أجرى الجيشان الإسرائيلي والأمريكي مناورة بحرية كبيرة الشهر الماضي حيث نُفّذ فيها عملية إنزال بحرية على سواحل فلسطين المحتلة، وذلك للتعامل مع حرب شاملة قد تتعرّض لها "إسرائيل" من عدة جبهات، وشملت العملية إنزال فرقاطات ونقل جنود ومعدات وآليات عسكرية ثقيلة تم إنزالها على أحد الشواطئ أمس، وهو اليوم العاشر لهذه المناورات التي قرر الجانبان مواصلتها حتى نهاية الشهر الحالي واشتملت أيضاً على مناورات مشتركة بالذخيرة الحية بين قوات البحرية الأمريكية (المارينز) مع وحدات كوموندوز "إسرائيلية" خاصة حاكت حرب شوارع، ويختتم الجيشان مناوراتهما بإطلاق صواريخ مضادة للصواريخ متوسطة وبعيدة المدى.
3-إنشاء وحدة بحرية خاصة للقضاء على قوة حماس البحرية
الإجراء الأخير والأهم قيام الجيش الإسرائيلي بإنشاء وحدة كوموندوز "إسرائيلية" خاضعة لتدريبات عالية ومتخصصة من أجل القضاء على قوة حماس البحرية التي تقدّر بعشرات المقاتلين، الذين تمكنوا من تطوير مهاراتهم العسكرية بفضل التدريبات التي خاضوها في إيران.
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن أهداف هذه الوحدة وهي الكشف عن الصواريخ "التجريبية"، التي تطلقها كتائب القسام، نحو البحر إضافة إلى تنفيذها لمهمات خاصة خارج الكيان الإسرائيلي، وتحييد الألغام البحرية، وحماية منصات الغاز الإسرائيلية من الضفادع البشرية لحماس.
ختاماً.. إن قوة حماس البحرية، وادخالها المجال البحرية في استراتيجيتها الجديدة لمواجهة الصهاينة هي نتاج الحرب الفكرية والعقول، نفق، طائرات من دون طيار، غواصين، وضفادع بشرية، مسيرات العودة، طائرات ورقية حارقة... كلها مبادرات تظهر أن حماس والمقاومة الفلسطينية تحاولان بناء استراتيجية جديدة تسعيان من خلالها إلى هزيمة الكيان الإسرائيلي في مواجهات غير متكافئة من حيث العديد والعتاد.