الوقت- أدت قضية عزل الرئيس محمد مرسي من السلطة علی يد الجيش المصري وبعد ذلك إنحلال جماعة الاخوان المسلمين بحجة أنها جماعة إرهابية إثر صدور قرار قضائي في هذا السياق، الی إدخال جماعة الاخوان في نفق مظلم ليست واضحةً معالم الخروج منه. وبناء علی هذه الاحداث فقد أصبح الاخوان المسلمون أمام مفترق طرق، منها اللجوء الی العنف او البحث عن مخرج سلمي للعودة مرة اخری للعبة السياسية.
بعد هذه الاحداث المشار الیها خاصة بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي الذي كان ينتمي لجماعة الاخوان، اتبعت هذه الجماعة عدة استراتيجيات للحفاظ علی حیاتها السیاسیة بالرغم من تبعثر قیاداتها في مختلف دول العالم، وكان من أهم هذه الاستراتیجیات:
اولا) تأسيس «إئتلاف دعم الشرعية»
ثانيا) اللجوء الی المظاهرات والعصيان المدني
ثالثا) التواصل مع الجماعات الإرهابية والتكفيرية في مصر
رابعا) تأسيس المجلس الثوري للاخوان خارج البلاد
ونظرا لهذه الاحداث التي واجهتها جماعة الاخوان المسلمين خلال العامين الماضيين، فان هذه الجماعة باتت أمام سيناريوهين اثنین، الاول: السعي لبناء مشروع سیاسي جدید، والثاني: اللجوء الی العنف. وبناء علی السيناريو الاول، فستكون سياسة الجماعة مبتنية علی إستفادتها من تجاربها السابقة والتخطيط لآفاق جديدة لكسب المستقبل. وهذا سيكون بمعنی أن الاخوان سيستفيدون في المستقبل لبناء مشروعهم السياسي من تجاربهم السابقة التي تعود لحقبة سبقت وصولهم الی الحكم في عام 2012، وكذلك الاخذ بعين الإعتبار التجربة التي اكتسبوها خلال فترة حكمهم بعد ثورة عام 2011 التي إستمرت لعام واحد.
لكن في المقابل يعتقد البعض من قادة الاخوان أن العنف الذي مارسته القوات الأمنية ضدهم في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة والذي اودی بأرواح الآلاف من عناصر الاخوان، جعل استخدام خيار اللجوء الی العنف من قبل جماعة الاخوان المسلمين، أمرا مشروعا بالنسبة الیهم دون الخوف من عواقب اللجوء الی مثل هذا الخيار وهذا هو السیناریو الثاني المتوقع حدوثه.
لكن يجب أن لاننسی أن مواجهة الاخوان بيد من حديد من قبل حكومة السيسي التي أثارت بطبيعتها انتقادات حادة حتی من قبل منظمات حقوق الإنسان الغربية، منعت الی حد كبير مساعي الاخوان المسلمين للانتقام من حكومة السيسي. ونظرا للخسائر الفادحة المتوقعة التي يمكن أن تنتج إثر إتباع أسلوب العنف من قبل جماعة الاخوان للإنتقام من حكومة السيسي، فان اللجوء الی هذا الخيار سيؤدي الی ابتعاد العديد من قيادات جماعة الاخوان عن هذه الجماعة او تركهم البلاد.
إذن، يمكن القول إن العودة الی السيناريو الاول والسعي لخلق آفاق جديدة أمام النشاط السیاسي يعتبر اقوی الاحتمالات التي من المفترض إتباعها من قبل الاخوان. وبما أن الاخوان يعتبرون جزءا أساسيا من هوية المجتمع المصري، فينبغي علیهم إبداء مرونة أكبر تجاه حكومة السيسي والعكس صحیح.
وإذا ما اردنا القاء نظرة واقعية تجاه مستقبل جماعة الاخوان المسلمين وما سيؤول الیه نظام السيسي، فاننا نصل الی هذه النتيجة أن كلا الطرفين لايمكنهما الدفع بالآخر نحو الهامش. وذلك بسبب أن حكومة السيسي وجماعة الاخوان المسلمين كلاهما يمتلكان حاضنة شعبية واسعة في الداخل، ومعارضين ومؤيدين علی حد سواء علی الساحة الإقليمية والدولية. كما اثبتت التجربة خلال العامين الماضيين، أن حكومة السيسي ليس بوسعها القضاء نهائيا علی أنشطة جماعة الاخوان المسلمين بالرغم من الزج بالآلاف من منتسبي هذه الجماعة بالسجون، وفي المقابل ايضا بات ضعف جماعة الإخوان لاسقاط حكومة السيسي واضحا بالرغم من الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعة من الداخل والخارج.
وفي النهاية نقول إنه يجب علی الحكومة المصرية وكذلك جماعة الاخوان المسلمين أن ينهوا خلافاتهما سلميا، ويعلمان بأن دوام الخلافات بينهم بات امرا مكلفا بالنسبة للمجتمع المصري، والشارع هو من يدفع هذه التكلفة سواء كانت بالمال او بالارواح، مع العلم أن الشعب المصري يستحق الخير من كلا الطرفين، وذلك لاننا يجب أن لا ننسی أن من انقذ مصر من ديكتاتورية نظام حسني مبارك الذي تربع لاكثر من ثلاثة عقود علی صدور المصریین، هو الشعب المصري وليست جماعة الاخوان او حكومة السيسي.