الوقت- اقتربت اليونان خطوة أخرى نحو الخروج من منطقة اليورو بعدما رفض اليونانيون شروط الجهات الدولية الدائنة لبلادهم في الاستفتاء الذي جرى يوم الأحد، وعلى الأثر قرر قادة دول منطقة اليورو عقد قمة يوم الثلاثاء في بروکسل مخصصة لانعكاسات نتائج الاستفتاء الذي قال فيه اكثر من 61 بالمئة من اليونانيين "لا" للخطة الاوروبية التي تتضمن اجراءات تقشف جديدة.
ونظم استفتاء اليونان بعد أشهر من المباحثات غير المثمرة بين أثينا والجهات الدائنة وهي الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، ومنحت هذه الجهات الدائنة منذ العام 2010 اليونان 240 مليار يورو (نحو 265 مليار دولار) من المساعدات والوعود بقروض، لكنها لم تدفع شيئا لأثينا منذ نحو عام وتوقف الدفع بسبب رفض أثينا تنفيذ بعض الإصلاحات التي يطالب بها الدائنون والتي تعتبرها الحكومة اليونانية بأنها صعبة جدا من الناحية الاجتماعية.
وفيما يعتبر المحللون ان نتائج هذا الاستفتاء تقرب اليونانيين من روسيا التي تعيش الان صراعا اقتصاديا وسياسيا مع الاوروبيين على خلفية العقوبات الاوروبية على موسكو بسبب الازمة الاوكرانية بادر رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس الى الاتصال هاتفيا اليوم الاثنين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة نتائج الاستفتاء الذي جرى في اليونان أمس، وقال المكتب الصحفي للكرملين في بيان له إن بوتين أعرب عن دعمه للشعب اليوناني في مواجهة المصاعب التي تمر بها اليونان، كما اضاف البيان انه تم مناقشة قضايا مواصلة تطوير التعاون الثنائي بين روسيا واليونان اثناء هذا الاتصال.
ويؤكد المحللون ان نتائج الاستفتاء اليوناني يدل على عجز الاتحاد الاوروبي عن تأمين الحاجات الاقتصادية لدول الاعضاء في الاتحاد وكذلك عدم الاكتراث للاوضاع المعيشية للشعوب وعدم انجاز الوعود التي يتم قطعها لهذه الشعوب.
ان "لا" اليونانية تدل على أن الثقة بالاتحاد الاوروبي قد انتهت وان الاوروبيين انفسهم لم يعد يقبلون بهذه الهيكلية وان سبب هذا الامر يمكن ان يعود ايضا الى السياسات الامريكية لفرض عقوبات على بعض الجهات الدولية وتحميل تبعات ذلك على حلفاء امريكا.
وقد وضع الاستفتاء اليوناني قادة الاتحاد الاوروبي على مفترق طريق فإما القبول بالمطالب اليونانية وكذلك القبول بسياسات مماثلة للسياسات اليونانية من قبل دول اوروبية أخرى وإما القبول بارتماء اليونان في احضان روسيا.
ان الأزمة الاقتصادية اليونانية قد خرجت من صبغتها الاقتصادية البحتة خاصة بعد مجيء حزب سيريزا بقيادة رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس الى الحكم وقد حولت هذه الأزمة اليونان الى ساحة جديدة للتنافس بين روسيا والغرب.
وكان تسيبراس قد جاء الى الحكم عبر اطلاق وعود بإنهاء سياسات التقشف الاقتصادية ورفض المطالب الاوروبية وقد التزم بوعوده الانتخابية خلال الاشهر الماضية كما انه يسعى الآن ايضا الى ممارسة الضغط على اوروبا عبر اقترابه من روسيا بغية اخذ امتيازات من الجهات الدائنة لبلاده.
وقد وضعت نتائج الاستفتاء في اليونان رئيس وزراء هذا البلد في موضع القوة امام الاوروبيين الذين يجب ان يقرروا بانهم هل سينفذون تهديداتهم بإخراج اليونان من منطقة اليورو أم لا، كما ان قادة الاتحاد الاوروبي هم في وضع صعب اذا اختارت دول أخرى مثل البرتغال واسبانيا وايطاليا الطريق الذي سلكته اليونان.
ويقول محلل جريدة تلغراف البريطانية "كالين فريمن" ان "لا" الحاسمة لليونان ضد شروط الدائنين الاوروبيين قد وضع الاتحاد الاوروبي امام أسوأ أزمة منذ تشكيل هذا الاتحاد.
واذا قرر قادة الاتحاد الاوروبي ان يخرجوا اليونان من منطقة اليورو فهذا سيؤدي الى اقتراب اليونان من روسيا اكثر من الماضي ودخول الروس الى جنوب الاتحاد الاوروبي أما اذا قرر هؤلاء القادة ان يعفوا هذا البلد من قسم من ديونها او الديون بأكملها فهذا ما سيشجع دول اوروبية اخرى على انتهاج النهج اليوناني في التعامل مع الاتحاد الاوروبي ما يؤدي الى اضعاف هذا الاتحاد اقتصاديا وبشكل كبير.
وربما كان قادة الاتحاد الاوروبي يستطيعون اتخاذ القرارات بشكل اسهل اذا كانت الازمة اليونانية أزمة اقتصادية بحتة ولم تكن هناك أزمة في اوكرانيا مع روسيا لكن الاوضاع الحالية تشير الى ان اخراج اليونان من منطقة اليورو يعني تسليم جنوب اوروبا الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
