الوقت- ليس المقصود الحكم علیها بالفشل مسبقا، بل النتائج علی ارض الواقع وتزايد مقتل الجنود علی يد الجماعات الإرهابية في مختلف المناطق، يشير الی أن حكومة «السيسي» لم تحقق الامن والاستقرار للشعب المصري بعد وصولها الی السلطة، خاصة في المناطق التي تنشط فيها الجماعات الارهابية مثل «سيناء»، وأن الفشل يكون ذريعا عندما نعرف أن مصر تعتبر من ضمن الدول الكبری في مجال عدد القوات الأمنیة.
الرئيس «عبدالفتاح السيسي» هو شخصية أمنية بامتياز وأمضی فترة طويلة من حياته في الجيش ومن المفترض إن لم يكن ناجحا في شتی المجالات، أن يكون موفقا في المجال الامني علی الاقل بسبب خبرته الواسعة في هذا المجال والتي تمتد لعشرات السنين. لكن رأينا خلال فترة ما بعد وصول السيسي الی الحكم، أنها مملوءة بالحوادث الامنية ضد الجيش والمجتمع خاصة في «سيناء» راح ضحيتها العشرات من الضحایا. ویقول البعض إن السبب في عدم تمكن قوی الامن المصرية من تحقيق الامن في المجتمع، یعود الی إنشغالها بضرب المتظاهرين والمحتجين وإهمالها عن كشف المؤامرات الأجنبية خاصة الامريكية والإسرائيلية.
ولعلنا لا نراعي الانصاف في حال إتهمنا الحكومة المصرية الحالیة بأنها هي المسؤولة الوحیدة عن الاحداث التي شهدتها البلاد منذ حوالي العامين الماضيين، وذلك بسبب أن هنالك عوامل يعود تاريخها لقبل مجيء حكومة السيسي تلعب دورا رئيسيا في خلق حالة عدم الإستقرار في البلاد. «معاهدة السلام» المصریة الإسرائیلیة تعتبر أحد هذه العوامل المهمة. حيث حددت هذه الاتفاقية عدد القوات المسلحة المصرية في شرق سيناء ومنعت مصر من إدخال اسلحة ثقيلة للمنطقة، واوکلت مهمة حفظ الامن لـ "قوات الأمن المركزي" عبر استخدامها الاسلحة الخفيفة. هذه المعاهدة كبّلت أيدي القوات المسلحة المصرية في سيناء وجعلتها ضعيفة أمام المنظمات الإرهابية الناشطة في تلك المنطقة.
الكيان الإسرائيلي حاول بعد وصول «عبدالفتاح السيسي» الی السلطة، الايحاء بان «حماس» هي من تزعزع الامن والاستقرار في مصر خاصة في سيناء، لكن هذه الاتهامات تفتقد للادلة الدامغة التي تثبتها، كما اننا نعلم أن الإسرائيليين يحاولون تشويه سمعة حماس لدی الشعب المصري بسبب الخطر الذي تشكله علیهم.
وفي سياق متصل فان القوات الأمنية المصرية حاولت خلال العامين الماضيين القاء اللوم علی جماعة الاخوان المسلمين واتهامها بأنها هي التي تقف خلف الاحداث الامنية التي شهدتها البلاد، لكن في هذه الحالة ايضا تصدر الاتهامات دون أدلة واضحة، كما أننا نعرف أن الآلاف من أعضاء الاخوان هم في سجون السلطة ويأتي علی رأسهم القيادات العلیا، فهنا نسأل كيف يمكن لهذه الجماعة القيام بالعمليات الإرهابية في حال هي مطاردة ليل نهار وقياداتها في السجون؟ ومع جميع هذه التفاصيل تبقی مسؤولية حفظ الامن والاستقرار في مصر تقع علی عاتق الحكومة التي يتولی السيسي قيادتها اياً كانت التبريرات.
كذلك ومن خلال تحليل الوضع في مصر نصل الی هذه النتيجة ان التعاون الامني والعسكري وكذلك السياسي بين القاهرة وتل ابيب وواشنطن، ليس فقط لم يساعد علی استتباب الامن فحسب، بل يعتقد الكثير ان هذا التعاون يأتي بنتائج عكسية أيضاً.
في هذه الاثناء یعرف المتابع للمؤسسات الرسمية المصرية ومن ضمنها مؤسسة «القضاء» أنها تعلن من فترة لاخری أن جهازي المخابرات الاسرائيلية والامريكية يعملان بشكل نشط داخل مصر لضرب الوحدة المصرية. والصحافة الرسمية المصرية كذلك تنشر علی الدوام تقارير صادرة من قبل الامن توكد دور تل أبيب وواشنطن السلبي في زعزعة الامن في مصر. وفي هذا السياق نتطرق الی ما نشرته جريدة «الاهرام» حول النشاط التجسسي الامريكي والاسرائيلي في مصر بعد ثورة العام 2011، حيث تقول في تقرير لها: إن من أشهر قضايا التخابر لصالح إسرائيل، خلال الفترة التي أعقبت ثورة يناير 2011، قضية الأمريكي "إيلان جرابيل"، ضابط المخابرات الإسرائيلية (موساد) الذي ألقي القبض علیه في عام 2011، عندما كان يعمل على تحريض الشباب على الصراع الطائفي والاشتباك مع قوات الجيش.
وبناء علی هذا فان جذور عدم الاستقرار الامني في مصر تعود للانشطة الإسرائیلیة والامریكیة الاستخباراتیة في هذا البلد وكذلك فشل الحكومة في إنهاء الخلافات بین التیارات السیاسیة لعدم تحقیق المصالحة الوطنیة.