الوقت- يواصل وزير الخارجيّة البحريني خالد بن أحمد آل خليفة السير بمشروع التطبيع، وزير خارجيّة أصغر دولة خليجية اختار أن يدخل على خطّ الصراع العربي "الإسرائيلي" عبر بوابة الجولان السوري المحتل، معلناً موقفاً هو "الأجرأ" في مسيرته السياسية.
كلام الوزير البحريني أثار إعجاب الكثير من "الإسرائيليين"، وفي حين وصف الوزير "الإسرائيلي" أيوب قرة تغريده آل خليفة بأنّها "تشكِّل دعماً تاريخياً وتَعكس الائتلاف الجديد الذي يُنسج في الشَّرق الأوسط"، اندفع وزير الحرب المتهوّر أفيغدور ليبرمان مطالباً السعوديّة والدول الخليجية بالخروج من "جحرها".
كذلك، سارت واشنطن للدخول على خطّ التطبيع حيث قالت مسؤولة أمريكية رفيعة المستوى "إن من الأهمية بمكان أن تعترف دولة خليجية وعربية مثل البحرين بـ "إسرائيل" وبحقها في الدفاع عن نفسها في وجه التهديدات الإيرانية".
"وقاحة" الوزير البحريني ليست بالجديدة أو بالأمر الطارئ فقد غرّد مستنكراً في وقت سابق: "إن دفاع الشعب الفلسطيني عن نفسه من اعتداءات الاحتلال الصهيوني أمر مستنكر كما العمليات البطولية"، متجاهلاً حينها حق الفلسطيني في الدفاع عن بلده، فأين وزير الخارجيّة البحريني مما يحصل كل جمعة على حدود غزّة؟
إن ادعاء وزير الخارجية يجعل البحرين شريكاً مباشراً فيما ستقوم به "إسرائيل" في الأيام المقبلة، ومن يكون عادةً شريكاً في الأفعال يكون شريكاً بردود الأفعال أيضاً.
كثيرة هي الخطوات البحرينية التطبيعية، ليس آخرها المشاركة في سباق دراجات للمشاركة في مهرجان رياضي احتفالاً بالذِّكرى السَّبعين لاغتصاب فلسطين، ولكن ما يؤكد أن إجراء وزير الخارجيّة البحريني يأتي في إطار منظومة تطبيعية واسعة، تزامنه مع خطوة تطبيعية للإمارات عبر البوابة الرياضيّة، فقد لعب المنتخب الإماراتي مع المنتخب البرازيلي في بطولة عالمية لكرة الشبكة أو النت بول في جبل طارق، قبلها أيضاً وإضافةً إلى لقاء أنور عشقي بمساعد نتنياهو، وكذلك عشرات المقالات والمباركات في الإعلام السعودي للكيان الإسرائيلي، شهد شهر مارس المنصرم مشاركة سائقين من الدولة العبرية في "رالي أبو ظبي الصحراوي" للسيارات، وقبلها احتضنت العاصمة الإماراتية بطولة "غراند سلام أبو ظبي للجودو"، وشهدت مشاركة لاعبِين "إسرائيليِّين".
لا شكّ أن كلام خالد بن أحمد آل خليفة لا يمثّل البحرين ولا شعبها، حتّى ولو كان وزير خارجيّتها، بل هو كلام صادر عن نفسه، والنظام الحاكم بالأصالة، وعن بعض دول جواره بالوكالة، بعبارة أوضح من الخطأ النظر إلى السياسة الخارجيّة البحرينية على أساس الاستقلال، حيث ألحقت هذه المملكة الصغيرة سياساتها الخارجية بنظيرتها السعوديّة، ومن هنا لا ينخدع أحد بالسكوت الخليجي تجاه هذه الخطوات، فالشعوب الخليجية من الشعوب الرئيسية في دعم الكيان الإسرائيلي، إلا أن "الديموقراطيّة" الواسعة هناك لا تسمح لهم بالتعبير عن آرائهم خشية الاعتقال أو الملاحقة أو حتى إسقاط الجنسيّة.
لذلك، تستخدم السعودية البحرين كرأس حربة في المشروع التطبيعي لتنفيذ ما تعجز عنه السعودية في ملف العلاقات مع "إسرائيل"، كون السعودية تحكمها جملة من القيود التي تتعلّق بادعائها زعامة العالم الإسلامي كونها أرض الحرمين، وأي خطوة سبّاقة ستؤثر على وضعها عربياً وإسلامياً، وهذا ما دفع بالبعض لتسمية وزارة خالد آل خليفة بدائرة البحرين في وزارة الخارجيّة السعوديّة!
لا يختلف اثنان على خلاف وزير الخارجية البحرينية مع إيران، ولعل البعض يبرّر له هجومه الحاد على إيران في عدّة مناسبات انطلاقاً من الخلافات القائمة، ولكن يبدو أن هذا الخلاف أفقد الوزير "السمين" توازنه ليقع في الحضن "الإسرائيلي" الأمر الذي دفع بنشطاء وسائل التواصل الاجتماعي لاعتباره "صهيونياً برتبة وزير".
في الخلاصة.. يأتي كلام وزير الخارجيّة البحريني استكمالاً لما أعلنه ولي العهد السعوديّ الأمير محمد بن سلمان حول حقّ الشعب اليهودي، وهذا ليس آخر الغيث بل أوّله، وهو في الحقيقة تحدّث عن نفسه بالأصالة وعن حلفائه بالوكالة.