الوقت- بعد أن هربت من الرياض إلى الظهران خوفاً من الصواريخ الباليستية اليمنية، سعت القمة العربية ومنظميها إلى الاختباء بعباءة القدس لعلها تفلح في التغطية ولو قليلاً على التخاذل العربي تجاه قضيتهم الأساسية "القضية الفلسطينية" بعد أن أصبح التطبيع جاهراً نهاراً.
ورغم أنّ تسميتها باسم قمة القدس شكل علامة إيجابية "إعلامياً فقط" مقارنة مع النهج السعودي السائد منذ سنوات، إلا أن الدخول في تفاصيلها يؤكد ابتعاد القدس عنها، وأفضل من يتحدث عن القمة الأخيرة هم الفلسطينيون أنفسهم، حيث أكد عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، محمود الزهار، وفي معرض تعليقه على القمة العربية الأخيرة في السعودية أن جميع الدول العربية أصبح لها علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي وهم موافقون على نقل السفارة الأمريكية من القدس الغربية إلى القدس الشرقية، ونحن في حركة حماس لا فرق عندنا بين الغربية والشرقية لأنها كلها محتلة، وبالتالي لم يتطرق بيان القمة العربية إلى ثوابت الشعب الفلسطيني التي هي ثوابت كل الأمم وهي الإنسان والأرض والعقيدة والمقدسات، كما أنهم أعطوا أمريكا التي فرضت هذا المشروع أموالاً وهي التي أرادت أن تقصي القدس".
وأشار الزهار إلى أن القدس الغربية والقدس الشرقية هي أرض محتلة ووجود سفارة أمريكية في القدس الغربية والشرقية هو أمر مرفوض لنا، ولكن الجديد في الموضوع أنهم اقنعوا بعض العرب الذين كانوا في القمة العربية الأخيرة أنه من الممكن تنفيذ حل الدولتين اللتين تكون فيهما القدس الغربية عاصمة الاحتلال الصهيوني والقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية على أقل من 2% من مساحتها لأنهم بنوا مستوطنات في الضفة الغربية، وهذه كانت مشكلة بالنسبة للفلسطينيين أو العرب الذين كانوا يؤيدون هذا المشروع، أما بالنسبة للمقاومة فهو أمر مرفوض حتى لو وضعوها في أطراف فلسطين.
ويرى المراقبون أن تسمية القمة بالقدس لم تكن أكثر من ذر للرماد في العيون وكفّارة سعودية لتفريطها بفلسطين، وكان الأجدى تسميتها "قمة طهران" لأنها ركزت على "محاربة إيران"، وسعت هذه القمة جاهدة لتلميع الموقف العربي الرسمي عموماً، والسعودي خصوصاً، بعد ما تكشف في الشهور الماضية حجم التواطؤ العربي والسعودي على وجه التحديد على القضية الفلسطينية والترويج لما يعرف بصفقة القرن التي تمنح القدس بالمجان لإسرائيل، بل ذهب الأمر بولي العهد السعودي محمد بن سلمان للاعتراف بما أسماه "حق" إسرائيل بإقامة دولة يهودية على أراضي فلسطين المحتلة.
قمة عربية اختبأت بعباءة القدس
وسائل الإعلام السعودية كانت أفضل تعبيراً عن الموقف السعودي من القدس والقضية الفلسطينية بالترويج لاعتبار الخطر الإيراني هو الخطر الرئيسي الذي يواجه العرب، وشطبت بعض المقالات المنشورة في هذه الصحف "الخطر الإسرائيلي" من التحديات التي تواجه الأمة اليوم، ووصل الأمر بأحد كتاب صحيفة الرياض الرسمية إلى دعوة العرب إلى التطبيع مع إسرائيل وإعلان قرار السلام معها في قمة الظهران، للتفرغ لإيران لأنها أخطر من إسرائيل، وقال الكاتب أحمد الجميعة في مقاله المعنون بـ"قمة الظهران.. سلام مع إسرائيل ومواجهة إيران"، إن العرب انشغلوا في قممهم منذ 72 عاماً بالقضية الفلسطينية، وجعلوا إسرائيل محوراً مهماً على طاولتهم، وانشغلوا "عن قضايا عربية جوهرية أهمها الخطر الإيراني في المنطقة وتداعياته التي وصلت إلى احتلال أربع عواصم عربية وثلاث جزر إماراتية".
كيف ردت إسرائيل على قمة سلمان في الظهران؟
الكيان الإسرائيلي وكعادته في الرد على التنازلات العربية التي تقدم على طبق من ذهب للمحتل، سارع بعد ساعات من إسدال الستار عن القمة العربية إلى عزل القدس وإغلاقها ثلاثة أيام متتالية وذلك قبل حتى أن يجف الحبر الذي دوّن به بيان القمة، بتصرف يعيد للأذهان الموقف الإسرائيلي من قمة بيروت التي قدمت المبادرة العربية للسلام مع اقتحام مقر السلطة الفلسطينية في رام الله بالدبابات.