الوقت- فصل جديد من الحرب يبدأ في أفغانستان، حيث استولت حركة طالبان على مركز مقاطعة خواجا عمري في ولاية غزني الأفغانية، وقتلت عشرة من حراس الأمن في مبنى المقاطعة، كما لم يوجد قوات كافية لصدّ الهجوم الذي شنّته طالبان على المقاطعة.
ولاية غزني التي تُعتبر إحدى أقاليم أفغانستان غير الآمنة وفقاً لدويتشه فيله، بات تنظيم طالبان يسيطر فيها على القرى القريبة من وسط المدينة، كما بدؤوا يقومون بأخذ الضرائب من الناس بالإضافة لعُشر أموالهم، ناهيك عن المحاكمات الصورية التي يُقيمونها للمدنيين ممن يرفضون طاعة الأوامر التي يُصدرها التنظيم.
الهجوم الأخير لطالبان سقطت خلاله مقاطعة خواجا عمري، غير أن السلطات المحلية في غزني تقول إن قوات الحكومة استعادت مبنى المقاطعة، وإنّ حركة طالبان وكما تقول مصادر غربية أظهرت قدرتها على تحطيم تحصينات الحكومة والسيطرة على المقاطعات ولو لمدّة قصيرة.
المتحدث باسم حاكم إقليم غزني محمد عارف نوري أكد في حديث مع دويتشه فيله أنّ هجوم طالبان بدأ في الساعة الثانية ليلاً، وفي الساعة الخامسة صباحاً وصلت القوات المُساعدة لقوات الحكومة الأمر الذي أدّى لفرار قوات حركة طالبان من المنطقة، وأشار نوري إلى أنّه وخلال هجوم طالبان على المقاطعة تمّ إحراق مبنى مقاطعة خواجا عمري، بالإضافة لاستيلاء طالبان على مستودع للأسلحة.
تكتيكات جديدة
المسؤولون المحليون في غزني يؤكدون على أنّ حركة طالبان غيّرت تكتيكاتها الحربية وبدأت تهاجم بقوة واسعة الانتشار بدلاً من الهجمات المتفرقة التي كانت تعتمدها سابقاً، ووفقاً للمتحدث باسم حاكم ولاية غزني، فإن 10 حراس أمن فقط كانوا يحرسون مبنى مقاطعة خواجا عمري، الأمر الذي أدّى إلى مقتلهم جميعاً، وذلك على الرغم من أنّ مبنى مقاطعة خواجا عمري في منطقة آمنة ولم يتم تهديدها سابقاً، ومن ناحية أخرى، فإنّ بناء مبنى الأمن والقيادة يقع بعيداً عن مبنى المقاطعة.
وبحسب التقارير الإعلامية فقد استخدمت حركة طالبان في هجومها ذلك عدداً من الأسلحة الثقيلة، كمدفعية 82 مم وقاذفات الصواريخ، وهي طريقة جديدة للهجوم باتت طالبان تستخدمها، حيث إنّ هجمات طالبان بالأسلحة الثقيلة على المراكز الصغيرة غير المُجهزة عسكرياً بشكل جيد، بالإضافة لقلّة عدد القوات الحكومية المجهزة بالأسلحة الخفيفة فقط مثل كلاشينكوف، جميع تلك الأسباب تجعل من انتصار طالبان في أي معركة تخضوها أمراً واقعاً وسهلاً.
بالإضافة لما سبق؛ أكد المتحدث باسم حاكم الولاية أن طالبان استخدمت الليل وأوراق الأشجار للتخفي الأمر الذي جعلهم يصلون بسرعة إلى مبنى المُقاطعة ويهاجمونها، بالإضافة لاستخدامهم الأسلحة الثقيلة، والتكتيك الآخر لطالبان بالهجوم على منطقة خواجا عمري تمثّل بنصب كمائن على الطرق التي تستخدمها قوات الحكومة للوصول إلى المقاطعة، هذه الكمائن وبحسب نوري تسببت في المزيد من الخسائر للقوات الحكومية.
هجوم طالبان نتج عنه وبحسب التقارير الإعلامية مقتل علي صبح شمس، حاكم مقاطعة خواجا عمري، بالإضافة لتسع من قوات الأمن، غير أنّه وبحسب المتحدث باسم حاكم الولاية فإن 30 من مقاتلي طالبان لقوا حتفهم في الهجوم أيضاً.
وفي سياق مُختلف؛ أكد خبراء سياسيون أن الحرب الأفغانية أخذت بعداً جديداً في العام الجديد، كما أنّ الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة بدأت تتلقى دعماً أكبر من الماضي، حيث إنّ نصف بلدان المنطقة والعالم باتوا يدعمون هذه الجماعات.
ويذهب الخبراء إلى أنّ الدعم الكبير الذي تتلقاه تلك الجماعات بالإضافة إلى الهجمات التي تقوم بها، يصُبُّ في مصلحة الدول التي هاجمت أفغانستان قبل سبعة عشر عاماً، حيث إنّ انعدام الأمن يُشكّل حُجّة مقنعة للجميع بضرورة بقاء قوات تلك الدول في البلد الذي مزّقته الحرب طوال عقود، حيث يقول كمال صافي ممثل مقاطعة (ولسي جرغه): "الحروب باتت منتشرة على مستوى العالم، وعالم اليوم بات منقسماً إلى قطبين، والآن لدى حركة طالبان العديد من المؤيدين والداعمين، والتوقعات تشير إلى أن هذا العام في أفغانستان سيكون عاماً دامياً".
ومن ناحيةٍ أخرى يؤكد مراقبون أنّ وجود حركة طالبان ونفوذها بالإضافة إلى وجود التوتر في أفغانستان من شأنه أن يُعرقل الولوج الصيني إلى المنطقة ومنها إلى باقي دول وسط آسيا، الأمر الذي من شأنه أن يُفسح المجال للدول الأخرى بأن تكون لاعباً رئيسياً في المنطقة.
المُحلل السياسي عمر صافي أكّد أن الحكومة الأفغانية وبدلاً من إدارة الحرب في بلادها فإنّها مشغولة بالمعارضة السياسية، ومن ناحيةٍ أخرى، فإن قيادة الأجهزة الأمنية ليست مستعدة للتصدي لهجمات حركة طالبان، ووفقاً لـ "صافي"؛ فإن التناقض بين الإدارات المدنية والعسكرية يُشكل تحدياً آخر يساهم في نجاح حركة طالبان في هجماتها، مُنوّهاً بأنّ البناء الرئيسي لمقاطعة خواجا عمري بُنِيَ على بعد كيلومترين اثنين من مبنى الأمن والقيادة، وهذا الأمر لا يتوافق مع أي منطق حربي أو أمني.