الوقت - بعد الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات السورية وحلفاؤها على الجماعات الإرهابية المدعومة من قبل واشنطن وحليفاتها الغربيات والعديد من العواصم الإقليمية شنّت أمريكا وبريطانيا وفرنسا هجمات صاروخية قبل يومين استهدفت دمشق ومدن حمص وحماة.
ما هي أهداف هذه الهجمات ولماذا جاءت في هذا الوقت بالذات؟
قبل الإجابة عن هذه التساؤلات لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه الهجمات حصلت في وقت كان فيه مفتشو منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيمياوية يعتزمون زيارة سوريا للتحقيق بشأن الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيمياوية من قبل القوات السورية في الغوطة الشرقية، أي إن هذه الهجمات شُنّت قبل أن يبدأ المفتشون مهمتهم في هذا البلد.
وهذا الأمر يذكرنا بالمزاعم الكاذبة للرئيس الأمريكي الأسبق "جورج بوش الابن" الذي شنّت قوات بلاده مع القوات الحليفة لها الهجوم على العراق في عام 2003 بزعم امتلاك بغداد لأسلحة دمار شامل.
تجدر الإشارة إلى أن الدول الثلاث "أمريكا وبريطانيا وفرنسا" متهمة بدعم الجماعات الإرهابية سواء في سوريا أم في عموم المنطقة بكل أنواع الدعم المالي والتسليحي واللوجستي.
وفور شنّ الهجمات الأمريكية - البريطانية - الفرنسية على سوريا خرج الشعب السوري بكل شرائحه للتنديد بهذه الهجمات وإعلان استعداده التام للوقوف إلى جانب الجيش والحكومة للدفاع عن وحدة وسيادة سوريا.
كما خرجت الكثير من شعوب العالم بتظاهرات حاشدة لشجب هذه الهجمات، معربة عن اعتقادها بأن هذه الهجمات تخالف تماماً القانون الدولي وجميع الأعراف الأممية والحقوقية.
وينبغي التذكير أيضاً بأن القوات السورية والقوى الحليفة لها تمكّنت من إسقاط الكثير من الصواريخ التي استخدمت في الهجمات، ما يدلّل على أن هذه القوات لا تبالي بالحرب النفسية التي تشنّها وسائل الإعلام المرتبطة بالدوائر الغربية بهدف ادخال الرعب في صفوف هذه القوات، والصمود الذي أبدته القوات السورية وحليفاتها أرغم واشنطن ولندن وباريس على شنّ هجماتهم من أماكن بعيدة عن سوريا خشية من الخسائر التي سيتكبدونها في أي مواجهة بريّة مباشرة.
وبالعودة إلى التساؤلات التي طرحناها في بداية المقال حول الأهداف التي توختها أمريكا وبريطانيا وفرنسا من وراء شنّ الهجمات على سوريا، يمكن تلخيص الإجابة عن هذه التساؤلات بما يلي:
- جاءت هذه الهجمات انتقاماً من الانتصارات الكبيرة التي حققتها القوات السورية وحليفاتها في الغوطة الشرقية والتي لعبت دوراً مؤثراً في نقل المعركة ضد الإرهابيين من وسط البلاد إلى مناطق بعيدة في شمال وجنوب سوريا تمهيداً لتحريرها بالكامل من يد الإرهابيين، وبمعنى آخر أرادت واشنطن وحلفاؤها من هذه الهجمات إشغال الجيش السوري وحلفائه لمصلحة الإرهابيين، وهو أمر لن يتحقق بفضل حنكة القيادة السورية وصمود الشعب والقوات المسلحة.
- جاءت الهجمات الأمريكية - البريطانية - الفرنسية على سوريا بعد انتهاء زيارات ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" إلى عواصم الدول الثلاث وتأكيده استعداد الرياض لتحمّل كل نفقات هذه الهجمات التي تقدر بمئات ملايين الدولارات، بعبارة أخرى إن هذه الهجمات حققت أرباحاً مادية لا يستهان بها للدول المهاجمة مقابل الانتهاكات الكثيرة التي ارتكبتها جراء ذلك.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" كان قد تحدّث عن إمكانية إخراج قوات بلاده من سوريا بعد الهزائم المُرّة التي منيت بها الجماعات الإرهابية على يد الجيش السوري وحلفائه إلّا أن السعودية أعلنت استعدادها لتحمّل نفقات بقاء القوات الأمريكية، الأمر الذي دعا ترامب لمطالبة الرياض بدفع هذه النفقات مقابل بقاء قوات بلاده بصورة غير شرعية ولا قانونية في سوريا.
- سعى ترامب من خلال توجيه ضربات صاروخية لسوريا إلى تصدير أزماته الداخلية إلى الخارج ومن ضمنها التردي السياسي والاقتصادي واتهامه بالفساد الأخلاقي، أي بمعنى آخر تحويل الأنظار نحو الخارج للتخفيف من الضغوط الداخلية التي تواجهه.
- سعى ترامب وحلفاؤه؛ رئيسة الوزراء البريطانية "تيريزا ماي" والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" إلى تحويل الأنظار عن القضية الفلسطينية خدمة للكيان الصهيوني، خصوصاً وأن واشنطن تسعى لتنفيذ قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، بالإضافة إلى محاولتهم التغطية على الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها كيان الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ولاسيّما في قطاع غزة.
- كذلك سعت العواصم الثلاث إلى حرف أذهان الرأي العام الإقليمي والدولي عن جرائم آل سعود ضد الشعب اليمني، خصوصاً وأن الدول التي شنّت العدوان على سوريا مشاركة بشكل واسع في بيع أسلحة متطورة وفتّاكة إلى الرياض لاستخدامها بقتل الشعب اليمني وتدمير بناه التحتية.
من خلال هذه المعطيات يمكن القول بأن سوريا وحلفاءها حققوا نتائج مهمة جداً على الصعيدين العسكري والسياسي بعد هزيمتهم للجماعات الإرهابية، ما دعا واشنطن وحلفاءها وفي مقدمتهم لندن وباريس والرياض وعواصم أخرى في المنطقة إلى التآمر من جديد ضد سوريا وعموم المنطقة، لكن أثبت الشعب السوري وقيادته وقواته المسلحة بأنهم خرجوا وهم مرفوعو الرأس في هذه المعركة غير المتكافئة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الانتصارات لتتحقق الهزيمة الكاملة للإرهابيين والدول الغربية والإقليمية الداعمة لهم طوال السنوات الماضية.