الوقت- انتقد موقع "غلوبال ريسيرش" الكندي اليوم وعلى لسان الكاتب "بول انتونوبولس" كيفية تعاطي وسائل الإعلام الغربية مع ما زُعم بأنه "هجوم كيميائي على مدينة دوما"؟
حيث قال الكاتب إن آخر معقل للإرهاب شرق الغوطة، شرق دمشق، "دوما" قد تم تحريره بشكل كامل حيث يقول البعض إن هذا التحرير تم بسبب هجوم بالأسلحة الكيماوية والذي أسفر عن مقتل 70 شخصاً على الأقل، وكان معظم الضحايا من النساء والأطفال.
ومع ذلك، وبأسلوب لم يعد غريباً، فإن وسائل الإعلام الرئيسية ألقت باللوم فوراً على الجيش السوري في الهجوم المروّع حتى قبل إجراء التحقيقات، وما كانت مصادرهم؟ بالطبع "الخوذات البيضاء" و"جيش الإسلام".
دعونا أولاً نتطرق إلى جيش الإسلام، حيث استخدمت وسائل الإعلام جيش الإسلام للحصول على معلومات حول الهجمات، لكن كيف يمكن لجماعة أن تنشر صوراً علنية وفخرية للنساء اللواتي يستخدمن كدروع بشرية في الوقت نفسه الذي تطلق فيه هجمات صاروخية لا تنتهي ضد المدنيين في دمشق؟
أو كيف يمكن لهذه التقارير الإعلامية نفسها أن تصدر من جماعة إرهابية أثنى مؤسسها وزعيمها السابق على "أسامة بن لادن" علانية، وهو نفس الشخص الذي أُلقى باللائمة عليه في هجمات 11 سبتمبر الشهيرة التي أودت بحياة ما يقرب من 3000 مواطن أمريكي؟
لذا، فقد ثبت أن جماعة جيش الإسلام هي جماعة إرهابية راديكالية تثني على "بن لادن" ولا تتورع عن استخدام النساء كدروع بشرية، فلماذا يمكن ألّا يكونوا هم المسؤولون عن هذا الهجوم الكيميائي الأخير؟
وأفادت الصحفية "شارمين نارواني" التي كانت على الأرض في الغوطة الشرقية الشهر الماضي، أن الجيش السوري حرر "مزارع الغوطة الشرقية بين الشيفونية ودوما واكتشف مختبراً كيميائياً مجهزاً بشكل جيد يديره إرهابيون إسلاميون مدعومون من السعودية"، ولم يأت مراسل غربي واحد للتحقيق في الأمر ".
يذهب تقريرها إلى مزيد من التفاصيل ويوفر صوراً للمختبر، لماذا إذاً هذه الفكرة بعيدة المنال بالنسبة لوسائل الإعلام؟ إن الإرهابيين كانوا قادرين على ارتكاب هذه الفظائع الأخيرة بالفعل.
ثم، المصدر الثاني للتقارير هو "الخوذات البيضاء". أنا لا أريد أن أخوض في التفاصيل، لكن لماذا هم مصدر غير موثوق به؟ لأن هذا قد تم التحقق منه والحديث عنه بالتفصيل من قبل صحفيين آخرين مثل "فانيسا بيلي".
ومع ذلك، لا بدّ من التساؤل عن سبب عمل "الخوذات البيضاء" الذين يزعمون أنهم محايدون فقط في المناطق التي تسيطر عليها منظمات إرهابية مثل "جيش الإسلام" و"جبهة النصرة" التابعة لتنظيم القاعدة، أو لماذا يقوم أعضاؤهم في كثير من الأحيان بتغيير الزيّ العسكري مع الزي الخاص بـ "الخوذ البيضاء".
هنا نصل إلى الاستنتاج الرهيب بأن وسائل الإعلام تعتمد على منظمتين مستوحاة إيديولوجياً وتتماشى مع القاعدة. نعم، دعونا نكرر ذلك مرة أخرى، المصدر الرئيسي للإعلام هما منظمتان تتفقان مع تنظيم القاعدة.
لكن هل هذا يثبت أن الحكومة السورية لم تقم بهجوم الأسلحة الكيميائية؟ بالطبع لا يفعل ذلك، لكن علينا أن نتساءل لماذا يلجأ الجيش السوري إلى مثل هذا الإجراء الصارم.
لقد حرر الجيش السوري في أقل من شهر بقليل أكثر من 90 بالمئة من جيب الغوطة الشرقية، لماذا إذاً سيلجؤون إلى الأسلحة الكيماوية.
إن وسائل الإعلام تتصرف بطريقة غير عقلانية من دون التفكير في عواقب تصرفاتها، فمن الممكن أن تقوم سوريا باستخدام مثل هذه الأسلحة في هذه المناطق، وتعلم كيف تحافظ على جنودها، لكنها اختارت عدم التعرض لمزيد من الخسائر في صفوف المدنيين لضمان مواجهة المدنيين لأدنى ضرر في أي عملية.
يجب أن نتساءل أيضاً لماذا لم يضع سلاح الجو السوري أنظمة الإنذار الخاصة به في حالة تأهب قصوى إذا ما قاموا بمثل هذا الهجوم حقاً. أثبت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه على استعداد للقيام بهجمات صاروخية ضد الجيش السوري عندما تم توجيه اتهامات له بأنه شن هجمات بالأسلحة الكيماوية خلال الغارة على قاعدة الشعيرات الجوية في 6 أبريل 2017 بعد أيام من ظهور حادثة خان شيخون، وإن استخدام الكيماوي في دوما سيكون خطوة لا مبالية من جانب الحكومة السورية، خاصة بعد أيام فقط من إعلان ترامب أنه يريد سحب الجيش الأمريكي من سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، يجب علينا أيضاً أن نتساءل لماذا يبدو أن هذه الهجمات تقتل دائماً النساء والأطفال فقط وليس الإرهابيين. يتخذ الجيش السوري كل الاحتياطات كي لا يقتل المدنيين، لدرجة أن الحكومة السورية لعدة أسابيع تحاول إحلال حل سلمي في دوما، حتى أنها سمحت للإرهابيين بالخروج من دوما من دون أي عقاب على جرائمهم.