الوقت - العلويون في تركيا من الأقليات المهمة والمؤثرة في المجتمع التركي ويشكلون نحو 20 بالمائة من مجموع السكان البالغ عددهم 78 مليون نسمة.
وفي زمن الإمبراطورية العثمانية تعرض العلويون إلى الاضطهاد والمضايقات الامنية الشديدة وكادت هويتهم أن تنعدم، لكنهم تنفسوا الصعداء واستعادوا مكانتهم إلى حد ما في العهد الجمهوري الذي بناه مصطفى أتاتورك على أساس علماني، ولكنهم مع ذلك لم يتمكنوا من تبوأ مراكز مهمة تتناسب مع هويتهم الثقافية في المجتمع التركي.
وتراوحت المكانة السياسية للعلويين بين الصعود والهبوط وتباينت من حيث الشكل والمضمون بين النزعة القومية واليسارية الاشتراكية تبعاً لمقتضيات الزمان والمكان والظروف المحيطة بهم، ولكنها تبلورت في العقد الأخير لتصل إلى حد المطالبة بالاعتراف بمكانتهم وتأثيرهم السياسي وبما يتناسب مع تاريخهم وكثافتهم السكانية.
ولتسليط الضوء أكثر على هذه النواحي لابد من الاشارة إلى ما يلي:
التوزيع الجغرافي:
يقطن العلويون في مختلف المدن والقرى التركية وهم يمثلون الطائفة الدينية الثانية في البلاد بعد الطائفة السنية من حيث عدد السكان ويتمركزون في مدن: عنتاب (60%)، سيفاس (70)، قهرمان ماراش (60%)، توكات (70 %)، تشوروم (60%)، آماسيا (60%)، اسطنبول (30%)، أنقرة (30%)، أزمير (40%)، أبتشل (40%)، هاتاي (30 %)، أنطاليا (30 %)، مالاتيا (40%) وأرزانيجان (30%).
الناحية الاقتصادية:
يسكن أغلب العلويين في تركيا في مناطق لا تتمتع بميزات إقتصادية معينة، وكغيرهم من المواطنين الأتراك لديهم فرص للاستفادة من قدراتهم الاقتصادية كما تواجههم تحديات في هذا المجال، إلاّ انهم لا يمتلكون ثروات طبيعية تميزهم عن باقي القوميات في البلد.
الجوار التاريخي وميزان القوى:
ليس للعلويين دولة أو حكومة في المنطقة أو العالم تعكس عمقهم الثقافي والاستراتيجي. وعلى الرغم من انتماء القيادة السورية إلى المذهب العلوي، إلاّ انها لم تطرح هذا المذهب كأيديولوجية رسمية للدولة. وفي السنوات الاخيرة اتجهت أنظار العلويين إلى الجمهورية الاسلامية في ايران بإعتبارها الأقرب لهم من الناحية المذهبية. وهذه القضية تعكس مدى تمسكهم بعمقهم الديني والثقافي.
التاريخ النضالي للعلويين:
للعلويين تاريخ نضالي طويل في تركيا، وقد عانوا الكثير من الظلم والاضطهاد في زمن الدولة العثمانية وقدموا عشرات الآلاف من الضحايا نتيجة مقاومتهم لهذا الظلم. كما تعرضوا لكثير من الاعتداءات خلال الحكم الجمهوري للبلاد وحصلت العديد من الاشتباكات بينهم وبين الجماعات السنية المتعصبة في هذا البلد.
وبغض النظر عن العوامل الخفية التي كانت تقف وراء هذه الأحداث والتي أدت إلى مقتل الكثير من العلويين وطالت الشخصيات التي كانت تمثلهم في مدن درسیم (تونجلي)، مرعش (کاهرامان ماراش)، مالاتیا، تشوروم وسيفاس، فإن هذه الأحداث كانت تعبر دوماً عن مدى مثابرة العلويين في تركيا للحفاظ على هويتهم التاريخية والثقافية.
القيادة الحكيمة:
على الرغم من أن قادة العلويين كانوا يتمتعون بقوة الشخصية والقدرة على الاستقطاب طيلة فترة التحولات الفكرية، إلاّ انهم يفتقدون إلى مثل هذه الصفات في الوقت الحاضر، ولايتمتعون بالقدرة على التأثير الفكري والمعنوي في الوسط العلوي التركي.
القابلية للتعبئة:
لايتمتع العلويون بالانسجام والتماسك المطلوب من الناحية القومية والفكرية والعقائدية، ولهذا يصعب تعبئتهم لتحقيق أهداف سياسية مهمة تعود عليهم بالنفع.
ثقل العلويين في المجتمع الدولي:
لايحظى العلويون في تركيا بإهتمام المجتمع الدولي ومنظماته الرسمية من الناحية القومية على الرغم من وجود العشرات من المؤسسات والهيئات التي أنشئت للدفاع عن حقوقهم في تركيا واوروبا وأمريكا وعلى الرغم من الفرص الثمينة التي وفرتها لهم مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي للتعريف بهويتهم من خلال نشطائهم في المجتمع المدني.