الوقت- "ثورة الياسمين" والتي تعرف أيضاً بثورة الحرية والكرامة حصلت في 17 ديسمبر / كانون الأول 2010 وأطاحت بـ "زين العابدين بن علي" الرئيس التونسي المخلوع الذي هرب من قصره في 14 يناير 2011 إلى السعودية. وقبل ثورة الياسمين لطالما كانت الرياض في علاقة وطيدة مع تونس، لذا لم يكن من المستغرب أن تكون السعودية المهرب الذي لجأ إليه الرئيس التونسي المخلوع، وبعد مرور أكثر من 7 سنوات على الثورة التونسية لا تزال السعودية تحتضنه في أرضها حتى الآن، بل إن هناك معطيات جديدة مفادها أن السعودية تسعى إلى إعادته إلى الحكم في تونس عبر برنامج كبير تتساعد فيه مع الإمارات وبعض العناصر في الداخل التونسي.
ردود أفعال على زيارة براهم إلى السعودية
وفي هذا السياق، جاء لقاء وزير الداخلية التونسي لطفي براهم والملك سلمان في الرياض ليفجّر موجة تساؤلات بين الأوساط السياسية في تونس، حيث رأى بعض المحللين السياسيين التونسيين أن أهداف الزيارة غير المعلنة وتوقيتها وخروجها عن "العرف الدبلوماسي" أمر مريب ومثير للشكوك من بينهم الكاتب التونسي نصر الدين السويلمي والذي تهكم على الاجتماع قائلاً "اعتمر أو لم يعتمر؟ اختلفت الروايات واختلط علينا ضعيفها من صحيحها، من حسنها من غريبها، فنحن لا نعلم لماذا لبّى الوزير لطفي براهم! هل كانت لبيك اللهم عمرة أم ذهب لتلبية أخرى غير تلك المعهودة، هل هي تلبية دينية أم تلبية سياسية، هل تجهّز وشدّ الرحال، أم تراه شدّ الرحال ليتجهز؟"
كما وصف النائب في البرلمان التونسي عن حزب "حراك تونس الإرادة" عماد الدايمي الزيارة بـ "المريبة في توقيتها ومدتها وتفاصيلها البروتوكولية"
وفي هذا الصدد، دوّن الداعية التونسي بشير بن رجب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قائلاً "وزير داخليتنا عند أعداء ثورتنا وحريتنا وعند المتألهين على البشر. أعني الحكومة السعودية بكل وضوح. ربي يقدّر الخير!".
أما المحامي التونسي المعروف وسام عثمان قال إن "زيارة غريبة وغير مفهومة إلى ملك السعودية من قبل كوادر أمنية بمن فيهم وزير الداخلية لطفي براهم والناطق الرسمي باسم الوزارة خليفة الشيباني".
فيما أدرجها البعض الآخر ضمن التنسيق الأمني والخطط المشتركة لمحاربة الإرهاب، من بينهم الناطق الرسمي باسم حركة النهضة، عماد الخميري قائلاً إن هناك لغطاً حول أهداف الزيارة للوزير التونسي، مستبعداً أي وجود لسيناريو ما يحاك ضد النهضة في تونس.
مجتهد يكشف الحقائق...
وقد زادت هذه التساؤلات بعد نشر المغرّد السعودي المشهور والمثير للجدل "مجتهد"، الذي يدّعي قربه من العائلة الحاكمة في السعودية، سلسة من التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر نهار الجمعة الماضي كشف فيها عن معلومات مثيرة عن زيارة وزير داخلية تونس لطفي براهم حالياً للمملكة والدور الحقيقي لـ (ابن علي) فيما يجري في تونس.
وبحسب التغريدات التي نشرت على حساب مجتهد، قال فيها الأخير "إن الحكومة السعودية لا تزال ترغب في إعادة (ابن علي) إلى الحكم، وذلك بتنفيذ برنامج إعلامي سياسي أمني لإقناع الشعب التونسي أن الوضع تحت حكمه أفضل بكثير مما هو عليه الآن، ويمارسون هم والإمارات نفوذهم المالي هناك لتهيئة الشعب التونسي لذلك".
وأكمل مجتهد إن وزير الداخلية لطفي برهام لاعب أساسي في هذا البرنامج وقال إنه لعب بالأمن التونسي من قبل حيث كان قبل أن يعين وزيراً للداخلية، مسؤولاً عن عملية إرهابية وهمية (تمثيلية)، جرى تنفيذها بدعم من السعودية والإمارات لتبرير مزيد من القمع وتوسيع سلطة الأمن وبيان خطر الإسلاميين، وأخيراً تسهيل الحديث عن عودة (ابن علي).
وعن سبب الزيارة أوضح مجتهد أن السعودية أصرّت على برهام المجيء شخصياً إلى السعودية تحت عنوان أداء العمرة حتى يتمكن من استعراض الوضع بالتفصيل وإعطائه التوجيهات. ولهذا السبب طالت مدة الزيارة وحاول الجانبان إعطاءها غطاء سياسياً بمقابلة الملك ووزير الخارجية.
يذكر أن العلاقات السياسية بين تونس والرياض تتسم بالمدّ والجزر في الآونة الأخيرة وذلك بسبب مواقف تونس من قضايا تعتبر فيها السعودية اللاعب الأساسي ولا تصبّ في مصالحها من بينها أنها ترفض إدخال لبنان في حالة فوضى، ترفض محاصرة قطر، ترفض الإقصاء والحل العسكري في ليبيا، ترفض تصنيف "حزب الله" إرهابياً وتطالب بعلاقات جيدة مع طهران والخلاصة أن تونس تسعى إلى تحصين نفسها من عواصف العالم العربي المعقدة.