وأشارت "طالبان" في بيان إلى أنها ستتحرك لمواجهة "داعش" إذا تدخل في أفغانستان، لكنها لم تكشف عن طبيعة هذه المواجهة.
وفي وقت سابق رفضت "طالبان" في كل من أفغانستان وباكستان في منشور طويل ما يسمى خلافة زعيم تنظيم "داعش" الارهابي أبي بكر البغدادي. وتمت الإشارة في هذا المنشور إلى اعتبار الملا عمر هو القائد للتنظيمات المسلحة في هذين البلدين. كما قامت "طالبان" بنشر سيرة ذاتية للملا عمر على أحد مواقعها في الإنترنت لإثبات تواجدها على الساحة الأفغانية.
وتشير التقارير الواردة من افغانستان الى اشتداد الصراع بين "طالبان" و"داعش" بعد محاولة الأخير التمدد في مناطق نفوذ الحركة. وحصلت اشتباكات عديدة بين الجانبين على مدار الأشهر القليلة الماضية، وكان لـ" طالبان" اليد الطولى في أغلب تلك الاشتباكات.
وفي وقت سابق نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية مجموعة من الصور تُظهر قيام "داعش" بإعدام مسلحين متهمين من قبل التنظيم بأنهم جواسيس لطالبان. وتمت عملية الاعدام بعدما حذرت "طالبان" زعامة "داعش" من أي محاولة للتمدد في أفغانستان.
وتجدر الاشارة الى أن وجود "داعش" في أفغانستان ظهر إلى العلن، عقب الاشتباكات التي وقعت بينه وبين "طالبان" في مدينة هلمند قبل نحو 8 أشهر، حيث أعلن مسؤولون حكوميون أن مسلحين ملثمين، يحملون رايات سوداء، يشتبكون مع عناصر "طالبان" في المناطق الريفية من المدينة.
وكانت "طالبان" قد أعلنت الحرب على "داعش" بعدما وصفته بأنه غير شرعي ورفضت إعلان ولائها لزعيم التنظيم أبي بكر البغدادي. في مقابل ذلك قام "داعش" بإطلاق حملة لتجنيد مسلحين في المناطق التي تسيطر عليها "طالبان" في أفغانستان في محاولة للسيطرة على مناطق نفوذ الحركة والظهور كقوة مهيمنة، فيما وجهت "طالبان" رسالة تحذيرية لفصائل منشقة عنها من الإلتحاق بـ"داعش".
وتفيد المعلومات الصادرة عن مسؤولين أمنيين أفغان أن "داعش" يمارس أنشطته في الأماكن التي لا تبسط الحكومة سيطرتها عليها وأنه يقوم بتدريب عناصره وعناصر سابقة في "طالبان" وتزويدها بالمال والسلاح في منطقة "زامن دافر".
ويعتقد المراقبون أن تنظيم "داعش" أنشئ في أفغانستان على يد الاستخبارات الأجنبية للحفاظ على درجة التوتر المطلوب، وكذلك لعرقلة المفاوضات بين الحكومة الأفغانية والجماعات المسلحة ومن بينها حركة طالبان.
ورغم تمدد "داعش" في آسيا الوسطى عبر حصد ولاء القيادات المنشقة عن "طالبان" لازال المراقبون يعتقدون بأن هناك أسباباً عدة يمكن أن تعيق "داعش" عن الانتشار في أفغانستان.
ويمكن إجمال هذه الاسباب بما يلي:
أولاً: تمكن حركة "طالبان الأفغانية" من الحفاظ على ميزة التفوق العددي على "داعش" والحفاظ على وحدة فصائلها المختلفة في أفغانستان، بسبب الدعم الذي تحصل عليه من باكستان.
ثانياً: تمكن "طالبان" من كبح جماح الخطاب الأيديولوجي لـ "داعش" بإعتبارها أقل تشدداً من المدرسة السلفية الوهابية التي تُلهم "داعش" وهو إنجاز ملحوظ يحسب لـ "طالبان".
ثالثاً: وربما هي النقطة الأكثر أهمية، تعد "طالبان" متجذرة في الثقافة القبلية المحلية في أفغانستان وباكستان، وحليفة لقبائل البشتون وللطاجيكيين الأفغان والبنجابيين الباكستانيين في جبال الهندوكوش، ما يجعل من الصعب بالنسبة لـ "داعش" جذب عناصر "طالبان" الى جانبها لأسباب قومية، خصوصاً أن "طالبان" ترى أن تحركها مقصور على المستوى الإقليمي، ولا تسعى للإنتشار في أماكن أخرى مثل سوريا والعراق.
رابعاً: لن تسمح باكستان التي دعمت باستمرار حركة "طالبان الأفغانية" بهزيمة حليفتها واستبدالها بـ"داعش" لاسيما ان إسلام آباد لا تملك سيطرة أو نفوذاً على "داعش" كما أن استبدال الاخير بـ "طالبان" لن يخدم مصالحها في أفغانستان بأي شكل من الأشكال. وقد أثبتت باكستان أن لديها القدرة على بقاء "طالبان الأفغانية" وحافظت على وجودها منذ ما يقرب عقدين من الزمان وحتى الآن.