الوقت- كتبت صحيفة "شيكاغو تريبيون" الأمريكية في تقرير نشرته: " عندما بدأت الاضطرابات في إيران، سارعت الحكومة الأمريكية بالظهور على هيئة ذلك المدافع الشجاع عن حقوق الإنسان وبدأ الرئيس الأمريكي "ترامب" ينشر العديد من الرسائل الإلكترونية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مدعياً بأن تلك الاحتجاجات التي يقوم بها الشعب الإيراني جاءت نتيجة لسياسة القمع التي كانت الحكومة الإيرانية تمارسها على شعبها. كما أن "مايك بنس"، نائب الرئيس الأمريكي "ترامب"، أشاد في مقابلة صحفية، بشجاعة أولئك المتظاهرين ومثيري الشغب في إيران.
وجاء أيضا في هذا التقرير: "يبدو أن الرئيس الأمريكي ونائبه يعتزان بكل فخر وغرور بهذه التصريحات" و لكن الشيء الغريب أن مثل هذه التصريحات لا تُطلق إلا ضد الحكومة الإيرانية، وعندما يتعلق الأمر بمسألة انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، نرى بأن الحكومة الأمريكية تلتزم الصمت. وتابع التقرير: إن هذه التناقضات المزدوجة ما هي إلا علامة تدل على كذب ونفاق مسؤولي البيت الأبيض.
وفي السياق نفسه أعربت هذه الصحيفة بأن "ترامب" الذي ادعى بأنه لا وجود للحرية في إيران، قام بالسفر إلى الرياض والتقاء بملكها وولي عهده وطمأنهم قائلاً: "نحن لسنا هنا لنقول كيف يعيش الناس، ولكننا هنا لبناء علاقات تعاون قوية معكم على أساس المصالح والقيم المشتركة". وأعربت هذه الصحيفة بأن الرئيس "ترامب" يتعامل مع إيران عن طريق فرض المزيد من العقوبات الجديدة عليها ويتعامل مع السعودية، بتوقيع المزيد من العقود وصفقات الأسلحة الكبيرة!
وحول هذا السياق أيضا تجاهل وزير الخارجية الأمريكي "ريكس تيلرسون"، هذا الأمر وصرح قائلاً: "هذا لا يعني أننا لا نحمي ولا ندعم الحريات والقيم الإنسانية، نحن نحترم حقوق الإنسان ولكن هذا الأمر لا يُعمل به في جميع الحالات". وهنا يمكن القول بإن الولايات المتحدة تظهر على هيئة بطل مدافع عن حقوق الإنسان في إيران ولكنها تلتزم الصمت أذا ما تعلق الأمر بالسعودية!
والغريب في الأمر هنا، انه وفقاً لتقرير نشرته مؤسسة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة "دار الحرية"، فقد اكد ذلك التقرير، بأن الحكومة السعودية حكومة قمعية وتحتل مرتبة أدنى بكثير من إيران في ترتيب الدول التي تحترم الحريات وحقوق الإنسان وفي سياق متصل أيضا، صنفت منظمة تحمي حقوق المسيحيين في العالم، السعودية بأنها البلد الرابع عشر بين أكثر البلدان تحرشا بالمسيحيين وأعربت هذه المنظمة المدافعة عن حقوق المسيحيين، بأن السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا يوجد فيها كنائس للمسيحيين وهذا الأمر ينبغي أن يثير قلق "مايك بنس".
وفيما يتعلق بالتطرف والعنف فأن السعودية تعد من اهم البلدان التي تشتهر بهذا آلأمر. فلقد وصف الكاتب "ديفيد كاي جونستون" في كتابه الجديد الذي جاء تحت عنوان "أن ذلك الشيء الذي تمارسه حكومة "ترامب" على الشعب الأمريكي أسوأ بكثير مما تظنون"، السعودية بأنها أكبر مؤيد للإرهاب في العالم ولفت إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية صنفت 61 منظمة إرهابية حول العالم، منها 57 منظمة إرهابية تقوم السعودية بدعمها وتموليها ومعظم هذه المنظمات أُنشأت على أُسس الأفكار الوهابية ووافقت عليها الرياض رسمياً.
وفي سياق متصل أعربت هذه الصحيفة عن مدى استغرابها من نائب الرئيس الأمريكي "ترامب"، فبدلا من أن يهتم بهذه القضايا، يقوم بممارسة المزيد من الضغوطات على إيران وينتقد الإدارة الأمريكية السابقة. فقد صرح "بنس" في مقابلة صحفية قائلا، "أننا لن نظل صامتين على تلك الاضطرابات والاحتجاجات التي تحدث في إيران كما فعلت حكومة "أوباما" السابقة" وأشار إلى تلك الأحداث التي حصلت بعد الانتخابات الإيرانية في عام 2009، قائلا" "يتعين علينا قيادة تلك الاضطرابات والاحتجاجات التي تشهدها المدن الإيرانية خلال هذه الأيام وان لا نظل صامتين كحكومة "أوباما" السابقة التي لم تتمكن من القيام بمثل هذا الأمر". ولفتت هذه الصحيفة إلى أن السلطات الإيرانية ليست مرغمه على أخذ الضوء الأخضر من الأمريكيين لتقوم بمواجهة أولئك المحرضين ومثيري الشغب الذين يقومون بالكثير من الأعمال التخريبية!
وذهبت صحيفة "شيكاغو تريبيون" إلى القول أيضا: "عندما يقوم الرئيس "ترامب" بإرسال رسائل على "تويتر" للشعب الإيراني ويخبرهم بأن" الوقت قد حان للتغيير!"، فإن الإيرانيين سيتذكرون تلك الرسائل التي وصلت اليهم عام 1953 والانقلاب الأمريكي الذي شجع على الإطاحة بالحكومة السابقة وإنشاء نظام سياسي مختلف في إيران وسيتذكرون أيضا تصريحات الرئيس الأمريكي السابق "جورج دبليو بوش" قبل غزو العراق والذي وصف كلٍ من كوريا الشمالية والعراق وإيران بأنهم "محور الشر" في العالم.
وفي نهاية هذا التقرير جاء أيضا: أن الشعب الإيراني لن يولي أي اهتمام أو أهمية لتلك التصريحات والادعاءات التي اطلقها الرئيس "ترامب" فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان. وكما هو الحال مضحك بان يقوم حاكم مستبد وظالم بالإعلان بأنه يدعم ويساند تلك الحركات المساندة للأقليات السود، فأن ذلك الأمر مشابه لما يحدث في إيران، فتصريحات "دونالد ترامب" كانت أيضا مثيرة للسخرية ومضحكة بالنسبة للشعب الإيراني. وفي الأخير يمكننا القول بإن التظاهر بحماية حقوق الإنسان قد يكون له تأثير على الموالين والمؤيدين في أمريكا ولكن هذا التظاهر سوف يكون محلاً لسخرية الإيرانيين وبقية شعوب العالم.