الوقت- منذ 10نيسان/أبريل 2015 انطلقت لجنة صياغة دستور كردستان العراق في عملها لصياغة أول دستور يرسم الخطوط العامة لشكل نظام الحكم في الإقليم الكردي، واعتماد آلية جديدة لانتخاب الرئيس. اللجنة المؤلفة من 21 عضواً أمامها ثلاثة أشهر تقريباً حتى إنجاز مهماتها حيث تصادق اللجنة على القرارات النهائية بتاريخ أقصاه 15تموز/يوليو2015، على أن تتم الإنتخابات الرئاسية في الاقليم يوم 20 من شهر آب المقبل وفق ما أعلن رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني.
تعود جذور "صياغة دستور" کردستان العراق إلى عام 2000، أي بعد عامين على الانتهاء من الحرب الداخلية بين الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني والحزب الديموقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البرزاني. لكن هذا الدستور لم يبصر النور حتى عام 2008 لمّا أقرّ برلمان الإقليم قانون مسودة لدستور لم يطرح على الاستفتاء نتيجة رفض أحزاب المعارضة السابقة. وقد ساهمت الآوضاع الآمنية التي تعصف بالعراق حالياٌ في رفع أصوات المطالبين باستقلال الإقليم، وإقرار دستور يراعي جميع الأطراف، وبالفعل نجح برلمان الإقليم منتصف شهر نيسان الفائت في إقرار تعديل قانون إعداد الدستور للاستفتاء.
رغم الحديث عن إقرارست مواد أساسية في المسودة من قبل أحد أعضاء اللجنة أبو بكر هلدني، وأبرزها اعتماد النظام البرلماني الجمهوري الديموقراطي، واعتبار المناطق الكردستانية خارج سيطرة الإقليم (المتنازع عليها مع بغداد) من الناحية الجغرافية والتاريخية بما فيها كركوك، جزءاً من أراضي الإقليم، مع مراعاة حق إجراء الاستفتاء، كما تم تثبيت نظام اللامركزية في الوحدات الإدارية، إلى جانب اللغة الرسمية ولغات الأقليات، إلا أن القرار النهائي لم يصدر بعد بإنتظار15تموز/يوليو المقبل آو الإعلان الرسمي للجنة.
برلماني أم رئاسي
تعتبر آلية إنتخاب رئيس الإقليم أبرز التحديات الداخلية(داخل الإقليم) للجنة صياغة الدستور، ففي حين يرجح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال طالباني، والذي شارك من قبل في صياغة مسودة الدستور القديم، اعتماد النظام البرلماني وانتخاب رئيس الإقليم من داخل قبة برلمان بدلاً من انتخابه مباشرة من الشعب، يطالب الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني الذي يترأس الإقليم مند عام 2005 حتى الآن باعتماد النظام الرئاسي عبر الإنتخاب المباشر من قبل الشعب رغم أن الدستور القديم الذي إعتمد النظام البرلماني، أعطى رئيس الإقليم صلاحيات واسعة من الناحية الأمنية والإدارية والسياسية.
يرى منتقدو النظام الرئاسي أن الآلية الجديدة للنظام البرلماني يجب أن تمكّن البرلمان من محاسبة أو سحب الثقة من رئيس الإقليم، ويوضح عضو لجنة إعداد الدستور عن الاتحاد الوطني الكردستاني، كوران أزاد، أن الحزب يريد "نظاماً برلمانياً متكاملاً في دستور إقليم كردستان مثل النظام البرلماني في الدستور العراقي وأن ينتخب رئيس الإقليم من داخل برلمان وليس من قبل الجماهير".
في المقابل يطرح الحزب الديمقراطي الكردستاني رأياً آخراً في ما يخص النظام البرلماني وآلية انتخاب الرئيس، ويوضح ممثل الحزب في لجنة إعداد الدستور، فرست صوفي، أن حزبه يريد إنتخاب رئيس الإقليم من قبل الجماهير وليس البرلمان حتى لا تتکرّر تجربة الحكومة المركزية في إقليم كردستان، فالنظام البرلماني في الدستور العراقي سمح لرئيس الوزراء العراقي في جمع أغلبية السلطات بيده. وأضاف صوفي: نريد أن نوزع الصلاحيات في دستور الإقليم بين رئيس الوزراء ورئيس الإقليم، مقرّاً بوجود خلافات حول نظام الحكم وآلية انتخاب الرئيس في الدستور.
يبدو واضحاً أن كلا النظامين الرئاسي والبرلماني يخلق مخاوف لدى بعض الأحزاب، إلا أن الصراع على صيغة الدستور الجديد لا تنحسر بين الأحزاب العلمانية فقط، فالأحزاب الإسلامية لديها أيضاً شروط دينية في صياغة الدستور الجديد، حيث تصرّ هذه الأحزاب على إبقاء مواد مسودة الدستور القديم حول دور الدين الاسلإمي في التشريعات، وإعتماد الدين الإسلامي المصدر الرئيسي للتشريعات كما ورد في المسودة القديم.
تبدو أن الامور الحالية تسير باتجاه النظام البرلماني نظراً لتحالف الاتحاد الوطني الكردستاني مع آحزاب المعارضة في وجه الحزب الديمقراطي الكردستاني، إلا أن النتائج النهائية تبقى رهن قرار اللجنة النهائي.