الوقت- الرصاص الذي يخرج من البنادق الإسرائيلية لا يسمع أزيزه الا أطفال غزة الأبرياء، ولا أحد يحس بحرارته وقوته الا أجسادهم الصغيرة، فالمجتمع الدولي والامم المتحدة على الخصوص لا يرون نتائج الحروب التي يشنها الكيان الاسرائيلي على غزة، فرغم اعتداءات هذا الكيان على الأطفال الفلسطينيين شُطب اسمه من القائمة السوداء التي يُدرَج عليها منتهكو حقوق الأطفال وتم استثناءه من هذه القائمة.
(539) طفلا استشهدوا و(2956) اخرون يعانون من صدمات وإعاقات دائمة نتيجة العدوان الذي شنه الكيان الإسرائيلي على غزة عام 2014 والذي استمر 51 يوماً [1]، إضافةً الى 172 معتقل في العام نفسه، 60% منهم من الأطفال [2]، كل هذه الأعداد والإحصائيات التي وثقتها اليونيسيف لم تدفع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى ادراج الكيان الاسرائيلي ضمن القائمة السوداء.
حُذف الكيان الاسرائيلي من قائمة منتهكي حقوق الأطفال على يد بان كي مون الذي يملك الكلمة الأولى والأخيرة في هذا الموضوع، رغم طلب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة ليلى زروقي بإضافة الكيان الإسرائيلي إلى "القائمة السوداء" وذلك في تقرير قدمته لـ(بان كي مون) الذي رفض الطلب مبرراً أن قراره بعدم ادراج الكيان الاسرائيلي جاء بعد مشاورات عديدة. هذه الخطوة التي أقدم عليها كي مون تحمل دلالات عديدة منها:
أولا:
يشير رفض بان كي مون ادراج الكيان الاسرائيلي ضمن القائمة السوداء الى ضغوط دولية على الأمم المتحدة وبان كي مون تحديداً، فاليونيسيف هي التي توثق الانتهاكات التي يمارسها الكيان الاسرائيلي لحقوق الأطفال وليس الحكومة الفلسطينية حتى يستطيع بان كي مون تبرير قراره بعدم صحة المعلومات أو عدم كفايتها، وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان قد أشارت الى هذه الضغوط من خلال دعوة وجهتها للأمين العام للأمم المتحدة طالبته فيها "بالصمود أمام الضغوط التي تتعرض لها المنظمة الدولية لحذف اسم إسرائيل من قائمة العار".
ثانياً:
إن عدم ادراج الكيان الاسرائيلي في قائمة منتهكي حقوق الأطفال رغم الممارسات الموثقة التي تسجلها اليونيسيف، يؤكد عدم نزاهة الأمم المتحدة واستخدامها معايير مزدوجة ما دفع منظمة "هيومن رايتس ووتش" بمطالبة بان كي مون "بتطبيق معايير ثابتة في تحديد قائمة الدول والمجموعات المسلحة، التي سيتم إدراجها في تقريره السنوي، حول الانتهاكات الخطيرة لحقوق الأطفال في النزاعات".
ثالثاً:
عدم ادراج الكيان الاسرائيلي في القائمة السوداء يعطي تأييداً لممارسات هذا الكيان ولأعماله، وتشجيعاً له على هكذا ممارسات اذ لا رادع يردع هذا الكيان، فلا بان كي مون "يقلق" ولا الأمم المتحدة تدين، وهذا ما أشارت اليه حركة حماس في بيان أكدت فيه أن "عدم إدراج إسرائيل في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال، يعتبر مكافأة لها على جرائمها".
رابعاً:
يشير خلو قائمة منتهكي حقوق الإنسان من الكيان الاسرائيلي، واخراجه من القائمة على يد بان كي مون، الى أن المجتمع الدولي يريد أن يكون الكيان الاسرائيلي خارج القوانين والضوابط الدولية، وأن يعمل وفقاً لمشاريعه بعيداً عن أي خطوط حمراء ومعرقلات وهذا ما يفسر ترحيب "رون بروسر" مندوب الكيان الاسرائيلي في الأمم المتحدة عندما قال إن " بان كي مون كان محقاً في عدم الخضوع لإملاءات المنظمات الإرهابية والدول العربية، في قراره عدم إدراج إسرائيل في تلك القائمة المخزية، جنباً الى جنب مع طالبان وتنظيم القاعدة وداعش".
قرار بان كي مون هذا دعّم شواهد انحياز الامم المتحدة وازدواجية معاييرها، إضافة الى وجود قوى تُرضخ بان كي مون لضغوطها، فالأمم المتحدة باتت لاتسمع الا بأذن واحدة ولا ترى الا بعين واحدة، ولم يعد هناك حاجة لأن ينزع الكيان الاسرائيلي عباءة الدم من على كتفيه، ولا ضرورة لأن يغسل يديه اللتين تقطران دماً من دماء أطفال غزة، فالأمم المتحدة كفيلة بهذا الفعل، فرصاص الكيان الاسرائيلي لم يعد يسمع في مدرجاتها.
المصادر:
[1] منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
[2] مركز الجزيرة للدراسات نقلاً عن حسن شبيطة أحد مسؤولي ملف اعتداءات الكيان الاسرائيلي.