الوقت- أدان المشاركون في المؤتمر العالمي لمحبي أهل البيت (ع) وقضية التكفيريين، المجازر وقتل الأبرياء في اليمن وميانمار ولدى سائر الأمم المضطهدة، مباركين في الوقت ذاته الانتصارات العظيمة على تنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق.
وفي مايلي نص البيان الختامي لمؤتمر العالمي لمحبي أهل البيت (ع) وقضية التكفيريين الذي عقد أمس الاربعاء واختتم اعماله الخميس، في العاصمة الايرانية طهران
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد المصطفى وعلى أهل بيته الطاهرين وأصحابه المنتجبين
"قُل لا أَسألُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلاَّ المَوَدَّةَ في القُربى"
بعون الله سبحانه وتعالى، ومع بداية الأيام المنورة لشهر ربيع الأول، وبناء على دعوة المجمع العالمي للصحوة الإسلامية أقيم «المؤتمر العالمي لمحبي أهل البيت عليهم السلام وقضية التكفيريين» تحت شعار «محبة أهل البيت عليهم السلام رمز الوحدة وإحياء الحضارة الإسلامية» في مركز المؤتمرات الدولية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، بحضور أكثر من 800 من العلماء والفقهاء والمفكرين والنخب العلمية من مختلف المذاهب الإسلامية، من 94 دولة، خلال يومي 3 و4 ربيع الأول عام 1439 هـ. ق الموافق ل1 و2 آذر عام 1396 هـ.ش و22 و23 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017.
لقد استفاد المشاركون في هذا المؤتمر من الكلمة القيمة والإرشادات الحكيمة لقائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمي الإمام الخامنئي (مد ظله العالي)، واستعرضوا القضايا الهامة في العالم الإسلامي من خلال تقديم عشرات الأبحاث والمحاضرات.
لقد عقد هذا المؤتمر بهدف التمهيد لإحياء الحضارة الإسلامية الجديدة اعتماداً على تعميق المعرفة والبصيرة في المبادئ الفكرية والمعرفية لأهل البيت عليهم السلام، وتعزيز الوحدة الإسلامية والتماسك في مواجهة العراقيل والمشاكل التي يواجهها العالم الإسلامي، ودراسة النقاط الفكرية والإيديولوجية المشتركة لدي محبي أهل البيت عليهم السلام، وتظهيرها لمواجهة الأفكار المنحرفة والمتطرفة والتكفيرية.
و قد انبثق عن هذا المؤتمر خمس لجان تخصصية على النحو التالي:
لجنة دراسة المفاهيم والمباديء الفكرية لأهل البيت عليهم السلام، وتأثير آراء المفكّرين والعلماء في بناء الأمة الواحدة
لجنة التأريخ، والثقافة، والحضارة الإسلامية، و إعادة بنائها
لجنة وحدة محبي أهل البيت عليهم السلام وتماسكهم لبناء الأمة الإسلامية الواحدة
لجنة دراسة التحديات والتهديدات التي تواجه العالم الإسلامي
لجنة الاستراتيجيات والحلول لتحقيق الوحدة والتماسك بين محبي أهل البيت في مواجهة أعداء الأمة الإسلامية
واتباعاً لسيرة النبي الأعظم (صلي الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته عليهم السلام، وتكريما لروح الإمام الخميني الخالدة (رضوان الله تعالي عليه) رائد وحدة الأمة الإسلامية في العصر الحاضر، وإجلالاً لمكانة المجاهدين وشهداء المقاومة والعالم الإسلامي الذين ضحوا بدمائهم في الجهاد ضد الاستكبار العالمي والكيان الصهيوني والتكفيريين، أكد المؤتمرون ما يلي:
أولاً: إن الرسول الأعظم محمداً المصطفي صلى الله عليه وآله وسلم هو القدوة والأسوة المثلي لكل خير قدره الله لعباده. لقد تعرض العالم الإسلامي على مدى السنوات الماضية وفي الفترة الحالية أكثر من أي وقت مضى للتفرقة والتشتت والحروب، والصراعات الطائفية والعرقية والدينية. كما استهدفت القيم والهوية والثقافة والمباديء الدينية والإسلامية إثر محاولات إثارة الفتنة من قبل الحكومات المتغطرسة وبعض الحكام الرجعيين والجماعات التكفيرية المتحجرة. بناءً علي ذلك، يؤكد المؤتمرون ضرورة معرفة الإسلام المحمدي الأصيل ومبادئه وتعاليمه ونشرها، وإعادة قراءة السيرة النظرية والعملية لرسول الرحمة (صلي الله عليه و آله وسلم) والتي ظلت مَهْجُورة في الأمة الإسلامية.
ثانياً: بما أن الرسول الأعظم (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته المكرمين (عليهم السلام) هم أسوة الطهارة وقدوة النقاء وفقاً لقوله تعالى: «إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً»(الأحزاب/ 33)، وهم حلقة الاتصال العقائدي بين الأمة الإسلامية، ونبراس هدايتها، يري المؤتمرون أن السبيل الأمثل لسعادة البشر وأنقاذه من الانحرافات الفكرية والعقائدية هو نشر ثقافة أهل البيت عليهم السلام، والتعرف على تعاليمهم.
ثالثاً: إن الإسلام المحمدي الأصيل هو إسلام القرآن و أهل البيت (عليهم السلام) الذي بني علي المعنوية والجهاد والشهادة والعدالة وعزة الأمة الإسلامية، ويكافح الظلم، ويدعم القضية الفلسطينية، ويحمي المستضعفين، ويتصدي لسياسات قوي الهيمنة في العالم. بينما الإسلام الأميركي هو إسلام التطرف والتحجر واحتكار السلطة والارستقراطية والأحادية والعنف، و يقدم وجهاً بغيضاً ومخيفاً عن الإسلام، وهو أداة بيد القوى المتغطرسة لتحقيق أهدافها الشيطانية، ويضمن مصالح النظام الصهيوني، ويخون القضية الفلسطينية. نحن المشاركين في هذا المؤتمر إذ نؤكد علي اتّباعنا الإسلام المحمدي الأصيل، نري من واجبنا ومن واجب العلماء وأصحاب الفكر في العالم الإسلامي مكافحة الإسلام الأميركي وعملائه، وإعادة تقديم الإسلام كدين محبة ورحمة وعدالة.
رابعاً: إن وحدة الأمة الإسلامية هي فريضة هامة واستراتيجية من أجل التّصدي للتّحديات، لكنها اليوم تعرضت لأضرار بالغة بحيث حلت محلها الخلافات والتفرقة التي تكمن جذورها في الغفلة والتآمر. إن الاستكبار العالمي يسعي للتفرد بإدارة العالم ليعطي مصادر القوة في العالم الإسلامي إلي عملاء يعملون علي تحقيق مصالحه وأهدافه اللاشرعية وبناء علي الحديث النبوي الشريف حيث قال (صلي الله عليه وآله وسلم): «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي أهل بَيْتِي إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا أَبَداً» يري المؤتمرون أن التمسك بالقرآن والعترة هو أساس الوحدة في العالم الإسلامي، و يشددون علي هذا التمسك.
خامساً: إن قضية فلسطين وتحرير القدس الشريف من مخالب الصهاينة لا تزال القضية الأولى والرئيسة في العالم الإسلامي. إن قضية التكفيريين وإشعال الحروب بالوكالة هما من العوامل التي جاءت لتهميش القضية الفلسطينية وإهمال الأمة الإسلامية لهذا الألم القديم المشترك. لذلك، وتزامناً مع الذكرى المئوية لوعد بلفور المخزي الذي أدى إلى تقسيم البلاد الإسلامية و زرع الورم السرطاني في قلب الأراضي الإسلامية، يعلن المؤتمرون دعمهم الشامل للمقاومة الإسلامية، مؤكدين ضرورة تحرير جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة من النهر إلى البحر، رافضين أي تطبيع مع العدو الصهيوني، مشددين علي رفع مستوي الوعي والصحوة لدي الأمة الإسلامية. كما يؤكد المشاركون ضرورَة مواجهة المخطط الصهيوأمريكي لاستبدال خطر الكيان الصهيوني بالخطر المزعوم لإيران، معلنين أن الجمهورية الإسلامية هي الداعم الأول لفلسطين شعباً وأرضاً وقضية، ولمحور المقاومة والممانعة، ولقضايا المستضعفين في العالم.
سادساً: إن الاستكبار العالمي والكيان الصهيوني الغاصب هما مصدر كل المعاناة في العالم الإسلامي، و بما أنهما أصيبا بخيبة الأمل إثر الفشل في تحقيق أهدافهما السابقة، يحاولان اليوم تقسيم الدول الإسلامية إلى دويلات متفرقة من خلال تصميم استراتيجيات خطيرة وإثارة الفتن العرقية والقبلية والطائفية. لقد وضعت في مثل هذه الظروف رسالة هامة على عاتق محبي أهل البيت ونخب العالم الإسلامي لاستخدام جميع القدرات المتاحة لمنع تدمير الدول الإسلامية وتقسيمها.
سابعاً: إن المؤتمرين إذ يؤكدون استمرار الصحوة الإسلامية مباركين الانتصارات العظيمة للمقاومة ضد التيار التكفيري في سوريا والعراق والداعمين الإقليميين والدوليين له، وإنهاء خلافة داعش المزعومة، يشجبون المجازر وقتل الأبرياء في اليمن وميانمار ولدي سائر الأمم المضطهدة، ويشددون علي اعتماد مواقف شجاعة وصريحة من خلال نهج موحّد وعملي لمواجهة المعتدين علي حقوق المسلمين، و لأجل استعادة الأمن والسلام والاستقرار.
ثامناً: يواجه العالم الإسلامي اليوم خطراً كبيراً يتمثل في وجود تيار الجماعات التكفيرية الهدامة والفاقدة للمعايير المنطقية، والتي تهدد كافة المذاهب الإسلامية، وتنفذ مؤامرة خطرة بالرغم من أنها ترفع شعار "الله اكبر". وظاهرة "التكفيريين" مؤامرة أمريكية، وأداة للإسلاموفوبيا، نابعة من الخبث والجهل والتحجر، ممزوجة بالعنف والتطرف، وتعمل بالتنسيق التام مع نظام الهيمنة والاستكبار، حاملةً راية الحرب علي الإسلام. لذلك يؤكد المؤتمرون علي وجوب قيام العلماء والنخب في العالم الإسلامي بواجب الجهاد العلمي والثقافي لإنقاذ العالم الإسلامي من هذه الشجرة الملعونة، فعلي علماء الأمة الإسلامية القيام بإجراءات علمية وعملية عبر الجهاد الثقافي للتغلب علي جهل المجموعات التكفيرية، والحيلولة دون تضليل الشباب المؤمن.
تاسعاً: يؤكد المشاركون في المؤتمر أن الحضارة الإسلامية الحديثة تعتمد علي ركائز هامة منها القيم المعنوية والعقل والأمن والعدالة والتقدم العلمي وتصميم نمط نموذجي للحكم يلائم زمننا المعاصر والتقدم الاقتصادي. ويدعون جميع المسلمين إلي التأسي بالإسلام المحمدي الأصيل من أجل تحقيق النمو والتسامي للإنسان وسعادته في الحياة الدنيا والآخرة، والإسراع في التقدم نحو تحقيق الحضارة الإسلامية عبر إزالة الحواجز التي تواجه هذه المسيرة.
عاشراً: إن البشرية المتعطشة للحق، والمثقلة بأعباء الظلم وانعدام العدالة تسعي في عصرنا الراهن إلي توفير الظروف الملائمة لحكم الصالحين (إن الأرض يرثها عبادي الصالحون(. وبما أن جميع الأديان والمذاهب تؤمن بظهور آخر مصلح عالمي، وتري أن تحقق حكومة العدل والتخلص من الظلم موقوف علي التمسك بالانتظار القرين بالالتزام والمسؤولية والحركة، لذلك فإن المؤتمرين يقترحون بذل الجهود الشاملة، من قبل أتباع الأديان الإلهية والمذاهب الإسلامية لتوفير الظروف الملائمة لتنشئة الإنسان المنتظِر، وتحقق الحكم العادل، مؤكدين ضرورة التعاضد الفكري بطريقة مسؤولة وفي إطار الحوار البناء والأخذ بالقواسم المشتركة والالتزام بأدب الحوار.
وفي الختام، نحن المشاركين في المؤتمر نري لزاماً علينا أن نعرب عن فائق تقديرنا وامتناننا لسماحة آية الله العظمي الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية على اهتمام سماحته وارشاداته الحكيمة في الدفاع عن حياض الإسلام والمسلمين في مختلف المجالات، وعلي كلمته الحكيمة لهذا المؤتمر. كما نتقدم بخالص الشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية حكومة وشعباً علي كرم الضيافة، وللمجمع العالمي للصحوة الإسلامية علي إقامة هذا المؤتمر الكريم، مقترحين علي هذا المجمع المبارك استمرار عقد المؤتمر العالمي لمحبي أهل البيت عليهم السلام، وذلك بناء علي توصيات بعض اللجان واقتراح عدد من المشاركين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته