الوقت-أكدت الحكومة السورية يوم الثلاثاء أن وجود القوات الامريكية على أراضيها وأي تواجد عسكري بدون موافقتها هو "احتلالا موصوفا واعتداء على السيادة السورية" وتبرير التواجد على أساس التسوية ما هو الا ذريعة صنعها الامريكيون لتبرير وجودهم الغير شرعي والغير قانوني. فقد حان وقت الرحيل.
وبعد الانتصارات المتتالية التي حققها الجيش السوري مع تقدمه الكبير وبعد أن اعاد أغلب المناطق الى كنف الدولة شدد الرئيس بشار الأسد، أمام المشاركين في «الملتقى العربي لمواجهة الحلف الأمريكي ــ الصهيوني ــ الرجعي ــ العربي؛ ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني» المنعقد في دمشق يوم أمس الثلاثاء، على أن خروج القوات الأمريكية من سوريا يكون «عبر تفاهم سياسي»، وإذا فشل هذا المسار، فسيجري «مقاومتها» على الأرض.
مواقف الحكومة السورية
وفي هذا السياق قال مصدر رسمي في وزارة الخارجية السورية تعقيبا على تصريحات وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أن سوريا تجدد التأكيد على أن وجود القوات الأمريكية وأي وجود عسكري أجنبي في سوريا بدون موافقة الحكومة السورية هو عدوان موصوف واعتداء على السيادة السورية وانتهاك صارخ لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة.
وأضاف المصدر: لقد ادعت الادارة الامريكية على الدوام بأن تدخل قواتها في سوريا كان بهدف مكافحة تنظيم داعش الإرهابي الذي يلفظ انفاسه الأخيرة في سورية بفضل بطولات وتضحيات الجيش السوري والحلفاء والقوى الرديفة وإن ربط التواجد الأمريكي في سورية الآن بعملية التسوية ما هو إلا ذريعة ومحاولة لتبرير هذا التواجد وإن هذا الربط مرفوض جملة وتفصيلا لان الولايات المتحدة وغيرها لن تستطيع فرض أي حل بالضغط العسكري بل على العكس فإن هذا التواجد لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة وتعقيدها وهنا يكمن الهدف الحقيقي لهذا الوجود الامريكي في سوريا.
ونوه المصدران تصريحات وزير الدفاع الامريكي جاءت لتؤكد الاجندة التي لم تعد خفية للادارة الامريكية والدور التدميري الذي لعبته من خلال التواطؤ الذي أصبح جليا وواضحا مع تنظيم داعش الإرهابي والمجموعات الإرهابية الأخرى والسعي الدائم لافشال كل الجهود لايجاد حل للأزمة الراهنة بهدف تأجيج التوترات والأوضاع في المنطقة خدمة للمشروع الصهيوني وفرض الهيمنة على دول المنطقة ومقدراتها وهذا السلوك الامريكي وحده كفيل بتكذيب ودحض ما جاء به وزير الدفاع الأمريكي.
وختم المصدر بالقول:" إن سوريا تطالب مجددا بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات الامريكية من أراضي الجمهورية العربية السورية وإن هذا الوجود هو عدوان على سيادة سورية واستقلالها وسيتم التعامل معه على هذا الأساس".
ومن جهتها قالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد يوم الثلاثاء إن القوات التركية والأمريكية الموجودة على أراض سورية ”قوات محتلة وغير شرعية“ وإن سوريا ”ستتعامل معها“.
وقالت بثينة شعبان في مقابلة تلفزيونية إن الحكومة السورية لن تتخلى عن مدينة الرقة التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن بشمال البلاد بعدما طردت تنظيم الدولة الإسلامية الشهر الماضي منها.
وأضافت لقناة الميادين التلفزيونية اللبنانية “تركيا اليوم هي دولة محتلة تتواجد قواتها على أرضنا بشكل غير مشروع تماما كما القوات الأمريكية تتواجد بشكل غير مشروع.
”وسوف نتعامل مع هذا الموضوع كما نتعامل مع أي قوة غير شرعية على أرضنا“.
موقف تركيا
وفي ذات السياق عبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الإثنين، عن قلقه إزاء وجود قواعد أمريكية وروسية في سوريا وقال إن الدول التي تعتقد حقا أن الحل العسكري غير ممكن في سوريا عليها أن تسحب قواتها.
كان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب قالا في بيان مشترك يوم السبت إنهما سيواصلان قتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا لكنهما اتفقا على أنه لا يوجد حل عسكري للصراع الأوسع المستمر هناك منذ ست سنوات.
وقال أردوغان للصحفيين قبل أن يتوجه إلى روسيا لإجراء محادثات مع بوتين "لدي مشكلة في فهم هذه التصريحات. إذا كان الحل العسكري خارج الحسابات فعلى من يقولون ذلك أن يسحبوا قواتهم" ، حسبما ذكرت"رويترز".
وأضاف: "حينئذ يجب البحث عن طريقة سياسية في سوريا وعن سبل لإجراء انتخابات. سنبحث ذلك مع بوتين"
اراء المحللين الدوليين
من جهته رأى فلاديمير فيتين، رئيس مركز الشرق الأدنى والأوسط التابع للمعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، أن واشنطن تعتزم الحفاظ على تواجدها العسكري في سوريا رغم إنهاء عملياتها العسكرية الرئيسية هناك.
وقال فيتين في تصريحات بثتها وكالة أنباء "تاس" الروسية" إن العمليات القتالية الرئيسية والكبيرة قد انتهت، لكنّ الأمريكيين يرغبون في الحفاظ على تواجدهم العسكري في سوريا.
وأوضح المحلل الروسي: "أولا وقبل أي شيء، ثمة نزاعات في شرق سوريا، حيث المنطقة التي تتواجد بها حقول النفط والغاز الرئيسية. إنه مشهد للنضال المستمر بين السلطات السورية والأكراد والقبائل السنية الذين عاشوا تاريخيا على هذه الأرض ويودون الحصول على حصتهم من عائدات النفط والغاز. كما يرغب الأكراد أيضا في الحصول على درجة معينة من الحكم الذاتي في شمال البلاد".
وقال فيتين: "فيما يتعلق بخطر نشوب صراع عالمي، لن يحدث ذلك لأن روسيا والولايات المتحدة ستسعيان إلى منعها" بحسب قوله.
وخلاصة يبقى القرار الاول والاخير بيد الحكومة السورية باتخاذ القرارات المناسبة في وجه القوات الامريكية المحتلة والغير شرعية التي سعت دائما الى ابراز نفسها انها المنقذة، ولكن أوراقها تبعثرت وتبددت أحلامها. فقد اسقط المشروع الامريكي الذي منيت به الولايات المتحدة وحلفائها في إسقاط سورية وعدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من أهدافها الجيوسياسية والإستراتيجية والاقتصادية في هذه الحرب التي يتكشف فيها دورها السلبي والمخالف لكل القوانين والشرائع الدولية في تسعير الحرب على سورية بأشكال مختلفة، ما قد يعبر عن الوضع المهزوز الذي وصلت إليه الولايات المتحدة.