الوقت- الدعم الإسرائيلي لانفصال إقليم كردستان العراق ليس بالخفي على أحد على الرغم من وجود رفض دولي علني لهذا الانفصال من قبل أقرب الحلفاء للكيان الاسرائيلي، إلا أن الأخير يجد في هذا الانفصال ورقة رابحة له على جميع المستويات، خاصة أن الإقليم يجاور أعدائه وبالتالي فإن مد جسور تواصل مع الاقليم ودعمه بكل السبل الممكنة سيصب في صالح تل أبيب، لذلك نجد الاسرائيلي اليوم يستميت لمساعدة الأكراد في تحقيق حلمهم و "حلمه".
وفي الوقت الحالي يعمل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في السر والعلانية على دعم انفصال الاقيلم معتمدا مبدأ "دس السم بالعسل"، حيث يحاول نتنياهو أن يكبر من حجم ما يحدث في اقليم كردستان مظهرا تعاطفه معهم، حتى أنه يقوم حاليا بحملات دبلوماسية ويعمل على على دعم القوى العالمية لمنع تعرض كرد العراق لمزيد من "الانتكاسات مع فقدانهم أراضي" أمام الجيش العراقي، وذلك وفق مسؤولين إسرائيليين.
وبحسب المسؤولون فإن نتنياهو أثار المسألة في مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الأسبوع الماضي، وفي اتصال آخر مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء الماضي، ولم يتوقف نتنياهو عند هذا الحد فقد أثار المسألة نفسها في اتصالات أجراها مع فرنسا، وآشار المسؤولون الاسرائيليون إلى أن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات تطرق إليه في حديثه مع مسؤولين بالإدارة الأميركية في واشنطن هذا الأسبوع.
اسرائيل تحاول ايصال السلاح للاقليم
كان لافتا جدا الحديث الذي أدلى به مسؤول في حكومة نتنياهو رفض الكشف عن اسمه نظراً لحساسية "العلاقات الإسرائيلية الكردية"، والذي تحدث عن أهمية الاقليم بالنسبة لهم قائلا : إنّ "لإسرائيل مصالح أمنية في كردستان نظراً لقرب الإقليم من طهران ودمشق خصمي إسرائيل"، مشيراً من دون تفاصيل "إنها مكان استراتيجي"، وأضاف المسؤول في حكومة نتنياهو إن "إسرائيل ترغب في حصول كرد العراق على الوسائل اللازمة لحماية أنفسهم"، مشیرا أنه "سيكون من الأفضل أن يعطيهم أحد السلاح وأي شيء آخر، وهو شيء من الواضح أننا لا نستطيع فعله".
وفي أخر تصريح لوزير المخابرات الاسرائيلية، إسرائيل كاتس، يوم الجمعة، قال كاتس: "المهم في الوقت الحالي هو منع حدوث هجوم على الكرد ومنع إبادتهم، ومنع أي أذىً يلحق بهم وبحكمهم الذاتي ومنطقتهم". وشاطرنتنياهو كاتس أفكاره مظهرا تعاطفه مع اقليم كردستان ووصف مسؤول إسرائيلي آخر في حديث مع "رويترز" مساعي نتنياهو بأنها "التزام أخلاقي" تجاه الكرد.
وحافظ الكيان الصهيوني على علاقات سرية مع الكرد في المجالات العسكرية والمخابراتية والتجارية منذ الستينيات، مع غياب أي علاقات علنية بينها وبين إقليم كردستان العراق.
دعم الانفصال
أكد المسؤولين الصهاينة دعمهم لانفصال الاقليم مرارا وتكرارا لمجموعة من الأسباب التي تصب في صالح الكيان الاسرائيلي أكثر مما تعود بالفائدة الحقيقية للاقليم وأبناءه، ولكون مصالح الكيان الصهيوني لا تعد ولا تحصى في قيام دولة للاكراد في منطقة حساسة كالاقليم لا يدخر الاسرائيليون أي جهد في دعم هذا الانفصال ومن أهم المصالح التي تخدم كيان الاحتلال نلخصها بالتالي:
أولاً: قيام دولة كردية يعني خلق زعزعة واضطراب في منطقة لطالما حلمت "اسرائيل" بزعزعتها، ومن خلال قيام هذه الدولة تستطيع "اسرائيل" دس السم في أطباق منافسيها، وبالتالي حدوث فرصة ذهبية لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية في تلك المنطقة، ومن هنا لم يكن مستهجناً أن يجزم معلق الشؤون العسكرية الإسرائيلي 'ألون بن دافيد' أن دولة كردية تضم أجزاء من العراق وإيران وسوريا وتركيا ستمثل "حليف الأحلام بالنسبة لإسرائيل"، بحسب ما ذكرت صحيفة معاريف العبرية، نهاية يونيو 2015 الماضي.
ثانياً: الكيان الاسرائيلي من خلال دعمه لانفصال اقليم كردستان يحقق عدة مكاسب أهمها إنشاء علاقات متينة واستراتيجية مع الدولة الكردية، وبالتالي سيصبح له موطئ قدم في تلك المنطقة الحساسة جدا والتي تربط بين ثلاث دول اثنين منها أعداء لاسرائيل، من هنا يجد الكيان الصهيوني أن الانفصال سيخفف عنه حالة العزلة التي يعيشها مع جيرانه ويمّكنه من القيام بعدة مناورات قد تخدمه على المستوى الاقليمي.
ثالثاً: ما حدث في سوريا لم يصب في صالح الكيان الصهيوني جملا وتفصيلا بل على العكس جعل محور المقاومة يتماسك أكثر مما كان عليه في السابق، وفي نهاية المطاف خرج محور المقاومة منتصرا في سوريا بشهادة أعدائه قبل أصدقائه، ولذلك ما كانت تخطط له اسرائيل في سوريا لم يحدث، لذلك كان لابد من البحث عن بدائل وامتصاص حالة الفشل التي منيت بها الجماعات المسلحة في سوريا والتي دعمها الاسرائيلي بشكل مباشر.
رابعاً: أظهرت الصحف العبرية خلال تقارير كتبتها على مدار السنوات القليلة الماضية مدى اهتمام الكيان الاسرائيلي بهذا الانفصال، وعلى سبيل المثال أكدت صحيفة "هآرتس" العبرية أن هناك عدداً من المزايا لإسرائيل في استقلال كردستان؛ من أهمها موقع الإقليم الذي يتخطى طريق إيران إلى سوريا ولبنان، كما أنها ستكون بمثابة "صداع"ليس فقط بالنسبة لإيران، بل بالنسبة للمنافسين المحتملين الآخرين، ومن ضمنهم العراق وتركيا وسوريا.
ختاماً، المحاولات الاسرائيلية لبناء علاقات استراتيجية مع اقليم كردستان ليست أحادية الجانب، فقد كشفت صحيفةمعاريف، في عددها الصادر بتاريخ 9 مايو 2015، النقاب عن أن حكومة الإقليم قد أرسلت مستشاراً سياسياً، للتباحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين حول سبل الدعم السياسي الذي يمكن أن تقدمه إسرائيل للتحرك الكردي نحو الاستقلال، ولكن مهما كانت هذه المحاولات الانفصالية يبقى هناك حقائق تاريخية وجغرافية لا يمكن تجاوزها ولابد الأخذ بعين الاعتبار بقية الأقليات التي تعيش مع الأكراد منذ مئات السنين ويربطها بها ما هو أكبر من أهداف مرحلية لا تعود على الشعب الكردي بالخير والأمان.