الوقت- سمحت السلطات السعودية للمرأة قيادة سيارتها بنفسها، بعد أمر ملكي أصدره الملك سلمان على أن يصبح نافذا في حزيران 2018م، الأمر الملكي الذي صدر في الأمس أتى بعد أكثر من خمس و عشرون عاما من المطالبة بنيل هذا الحق و بعد عشرات الإعتقالات التي طالت نساء في المملكة حاولن القيادة في السرّ أو تعبيرا عن اعتراضهن.
المحاولة الأولى كانت في تشرين الثاني 1990م يوم كانت الحرب الخليجية مشتعلة، حاولت حينها 47 امرأة قيادة 13 سيارة تجولن بها داخل العاصمة الرياض، عقب ذلك اعتقالهن جميعا و فصلهن من أعمالهن و منعهن من السفر، ليعاد اخلاء سبيلهن بعد التعهد بعدم تكرار هذا الفعل.
في حزيران/يونيو 2011 ألقت هيئة الأمر بالمعروف المتشددة القبض على عشر نساء حاولن قيادة سياراتهن في مدينة جدة. كذلك حصل مع الناشطة نجلاء الحريري و منال الشريف و عزيزة يوسف و المذيعة ميساء العمودي و غيرهن العديد، و كلهّن اعتقلن بسبب محاولتهن قيادة السيارات.
بالفعل استطاعت المرأة في السعودية من انتزاع حقها في القيادة بعد كل تلك السنين من المطالبة، مستفيدة من المناخ المتحرر من سلطة هيئة الأمر بالمعروف الذي ظهر في السعودية بعد تحكم الأمير محمد بن سلمان بمفاصل السلطة، و هي أي المرأة استطاعت عام 2015 من انتزاع حق آخر هو حق التصويت. ولكن ما لا يزال ممنوعا على المرأة السعودية ليس بقليل و ان كانت لم تبدأ بالمطالبة به فمرد ذلك بأن ما لا يزال ممنوعا كان حتى الأمس القريب صعب المنال لدرجة عدم التفكير به كحق افتتاح حساب مصرفي، حق السفر من دون وصي أو موافقة وصي، طلب استخراج جواز سفر، اجراء بعض العمليات الجراحية، الشروع بالزواج، افتتاح بعض الأعمال دون الرجوع الى الرجل (الوصي). و غيرها من الممنوعات التي لا شك بأن المطالبة ستزداد لرفعها في الأيام القادمة و لو كانت بوتيرة خفيفة قذ تزداد أو ترفع بشكل أسرع بعد تولي محمد بن سلمان الحكم خلفا لوالده، برفع نظام الوصاية المعمول به منذ سبعينات القرن الماضي بوتيرة متشددة.
فما هو نظام الوصاية؟
أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرا سنة 2008 حمل عنوان "قاصرات الى الأبد" تطرقت فيه الى وضع المرأة في السعودية. وبحسب التقرير، تطبق الحكومة السعودية نظام "ولاية الأمر" للرجال على النساء، إذ يتعين على المرأة السعودية الحصول على تصريح من ولي أمرها (الأب أو الزوج) لكي تتمكن من العمل أو السفر أو الدراسة أو الزواج، أو حتى الحصول على الرعاية الصحية وفي البيع والشراء لا تستطيع بيع عقار أو شرائه إلا بوجود معرف رجل من محارمها ويسمى (المعرف). قامت الحكومة السعودية بتعديل تلك الأوضاع مؤخرًا حيث شجعت النساء على امتلاك بطاقات شخصية وأصدرت قوانين بمنحهم حق الحصول على الرعاية الصحية. لكنهم لازالوا حتى الآن بحاجة إلى موافقة الذكر الوصي للزواج والسفر والعمل والدراسة.
بموجب نظام ولي الأمر، تحتاج المرأة السعودية من مختلف الأعمار موافقة قريبها الرجل كتابة قبل أن تحصل على بعض خدمات الرعاية الصحية، وقبل العمل أو الدراسة أو الزواج أو السفر. يمكن أن يكون ولي الأمر أب أو زوج أو شقيق أو حتى ابن صغير. في عام 2009، قبلت الحكومة السعودية توصية من مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإلغاء هذا النظام، لكنها لم تنفذ التوصية.
المثير للجدل هو ما تفرضه الحكومة في نظام الوصاية و الذي لا يدخل ضمن النظام الديني الإسلامي. فالوصاية تنتقل من الأب بعد موته الى الإخوة أو الجد ثم الزوج و حتى الإبن، و العم و الخال.
و تنشط على وسائل التواصل الإجتماعي هاشتاغات مختلفة و تغريدات معارضة لنظام الوصايا الذي يعامل المرأة كالطفل أو المجنون مهما بلغ عمرها أو أهليتها، و بهذا الصدد تقول إحدى الناشطات بأن نظام الوصايا خرّب علاقة الأب بابنته و الأخت بأخيها و الزوجة مع زوجها، حتى الأم بابنها الذي تشترط السلطات السعودية موافقة الإبن و اعطائه تصريح لوالدته في حال كونه الوصي عليها. و كمثال على ذلك تنشر إحدى الناشطات تغريدة تروي فيها قصة معلمة تبلغ 47 عاما طلبت السلطات تصريح ابنها خطيا و البالغ من العمر 17 عاما للسماح لها بالسفر خارج المملكة. و علقت نهاية التغريدة بالقول: "من المؤسف أن المرأة في السعودية تلد سجانها".